2025 يطوي صفحة "خط الصعيد": مقتل أخطر ثلاثة مجرمين والقبض على رابع ينهي مسلسل الإجرام بالصعيد
في عام 2025، أعلنت وزارة الداخلية المصرية عن إنجاز أمني تاريخي في صعيد مصر، مُعلنةً بذلك وضع حد لظاهرة "خط الصعيد" الإجرامية التي طالما أرّقت المجتمعات المحلية وعرقلت جهود التنمية في محافظات الجنوب. هذه العمليات النوعية التي استمرت على مدار العام، بلغت ذروتها بسقوط أربعة من أبرز وأخطر رموز الإجرام المنظم في المنطقة. تضمنت الأحداث الحاسمة مقتل ثلاثة من قادة العصابات البارزين في مواجهات أمنية مباشرة، وهم عصفور درويش، محمد محسوب، وصدام، بالإضافة إلى القبض على المتهم الخطير العركي. هذه التطورات تشير إلى أن العام 2025 قد شهد فصلاً حاسمًا في جهود الدولة لمكافحة الجريمة المنظمة، مؤذنًا ببدء مرحلة جديدة من الأمن والاستقرار في صعيد مصر.

خلفية ظاهرة "خط الصعيد"
تُعد ظاهرة "خط الصعيد" مصطلحًا متداولًا في مصر للإشارة إلى شبكات الجريمة المنظمة المسلحة في محافظات صعيد مصر، والتي تتخذ من المناطق الوعرة والجبلية ملاذًا لها. هؤلاء المجرمون، الذين غالبًا ما يكونون على رأس عصابات عائلية أو قبلية، يُعرفون بتورطهم في مجموعة واسعة من الأنشطة الإجرامية تشمل تجارة المخدرات والأسلحة، والسرقات المسلحة، وفرض الإتاوات، وحل النزاعات بطرق غير قانونية تصل إلى حد القتل والثأر. تعود جذور هذه الظاهرة إلى عقود مضت، وتطورت عبر الأجيال، لتصبح تحديًا أمنيًا واجتماعيًا واقتصاديًا كبيرًا، حيث كانت تفرض سطوتها على بعض المناطق، مما يعيق حياة المواطنين الطبيعية ويؤثر سلبًا على الاستثمارات ومشاريع التنمية.
على مر السنين، بذلت الأجهزة الأمنية المصرية جهودًا مضنية لملاحقة هذه العناصر وتقديمها للعدالة. إلا أن الطبيعة المعقدة للمنطقة الجغرافية، والروابط الاجتماعية المتشابكة، فضلًا عن القدرات التسليحية لهذه العصابات، جعلت من القضاء عليها مهمة بالغة الصعوبة وتتطلب تخطيطًا استراتيجيًا وصبرًا طويلًا. كانت كل عملية أمنية ناجحة تُعد بمثابة ضربة قوية لهذه الشبكات، لكن القضاء النهائي على رموزها كان يتطلب استهداف القيادات الرئيسية التي تمثل العقل المدبر والذراع التنفيذية لعملياتهم الإجرامية.
تفاصيل العمليات الأمنية الحاسمة في 2025
شهد عام 2025 تصعيدًا نوعيًا في الحملات الأمنية الموجهة ضد رموز "خط الصعيد" بفضل التخطيط الدقيق وجمع المعلومات الاستخباراتية المكثفة. تركزت العمليات على استهداف القيادات العليا التي كانت لا تزال طليقة وتواصل أنشطتها الإجرامية في محافظات سوهاج وأسيوط وقنا. وقد أفضت هذه الجهود المنسقة إلى سلسلة من المواجهات الأمنية الحاسمة التي أسفرت عن النتائج التالية:
- مقتل عصفور درويش: يُعتبر عصفور درويش من أخطر المجرمين المطلوبين في محافظة سوهاج، وكان متورطًا في العديد من قضايا القتل وتجارة المخدرات والأسلحة. لقي حتفه في اشتباك مسلح مع قوات الأمن في منطقة جبلية وعرة بسوهاج بعد عملية مطاردة استمرت لساعات، حيث رفض الاستسلام وبادر بإطلاق النار على القوات.
 - مصرع محمد محسوب: في محافظة أسيوط، انتهت مسيرة محمد محسوب الإجرامية بمواجهة مباشرة مع الشرطة. كان محسوب معروفًا بسجله الحافل في ترويع الأهالي وفرض الإتاوات. وقد تم رصده في مخبأ سري، وعند محاولة القبض عليه، بادل إطلاق النار مع القوات مما أسفر عن مقتله.
 - القضاء على صدام: في قنا، لقي المدعو صدام مصرعه خلال تبادل لإطلاق النار مع الأجهزة الأمنية. كانت عمليات صدام ترتكز بشكل أساسي على تجارة الأسلحة الثقيلة والمخدرات، وكان يمثل تهديدًا كبيرًا للأمن العام في المحافظة. تمكنت القوات من محاصرته في أحد الأوكار وتم القضاء عليه بعد مقاومة شرسة.
 - القبض على العركي: بخلاف زملائه الذين لقوا حتفهم، تمكنت قوات الأمن من القبض على المتهم العركي في محافظة قنا أيضًا. يُعد القبض على العركي إنجازًا أمنيًا هامًا، حيث يُعتقد أنه يمتلك معلومات قيمة حول شبكات الجريمة المتبقية وطرق تمويلها وتواصلها، مما سيسهم في تفكيك المزيد من الخلايا الإجرامية. وقد تمت عملية القبض عليه بعد تخطيط محكم وحصار للمنطقة التي كان يختبئ بها دون وقوع اشتباكات كبيرة.
 
عكست هذه العمليات مدى الاحترافية والتنسيق بين الأجهزة الأمنية المختلفة، حيث استخدمت تقنيات حديثة في المراقبة والتعقب، بالإضافة إلى تكتيكات ميدانية متطورة لضمان نجاح المهام بأقل قدر من الخسائر. وقد ترافق الإعلان عن هذه النجاحات الأمنية مع نشر صور تُظهر نتائج العمليات، مما عزز ثقة الجمهور في قدرة الدولة على فرض سيادة القانون.
الأهمية والتأثير بعيد المدى
إن القضاء على رموز "خط الصعيد" في 2025 يحمل أهمية كبرى على عدة مستويات. فعلى الصعيد الأمني، يمثل هذا الإنجاز ضربة قاصمة لشبكات الجريمة المنظمة، ويؤكد على قدرة الدولة على استعادة سيطرتها الكاملة على جميع أراضيها. من المتوقع أن يؤدي هذا إلى تراجع ملحوظ في معدلات الجريمة، خاصة السرقات المسلحة وتجارة الممنوعات، مما يعزز من الشعور بالأمان لدى المواطنين والمقيمين.
اجتماعيًا، سيُسهم هذا التطور في استعادة الثقة في مؤسسات الدولة وكسر دائرة الخوف التي كانت تفرضها هذه العصابات على المجتمعات المحلية. سيشعر الأهالي بقدر أكبر من الحرية والقدرة على ممارسة حياتهم اليومية دون تهديد، مما قد ينعكس إيجابًا على نسيج المجتمع وقيمه. اقتصاديًا، من شأن بيئة أكثر أمانًا أن تشجع على جذب الاستثمارات إلى صعيد مصر، الذي يمتلك إمكانات تنموية هائلة. مشاريع البنية التحتية والسياحة والزراعة، التي ربما كانت مهددة في السابق، يمكن أن تزدهر الآن في ظل مناخ أكثر استقرارًا وأمانًا.
بشكل عام، تمثل أحداث 2025 نقطة تحول مفصلية في تاريخ صعيد مصر، حيث تطوي صفحة سوداء من الإجرام وتفتح الباب أمام مستقبل أكثر إشراقًا وتنمية مستدامة، مؤكدةً على أن القانون هو السيد الوحيد فوق الجميع.
جهود مكافحة الجريمة المنظمة في الصعيد
لم تكن النجاحات الأمنية في 2025 وليدة اللحظة، بل هي تتويج لجهود مستمرة ومتواصلة على مدى سنوات من قبل الأجهزة الأمنية المختلفة. تضمنت هذه الجهود حملات أمنية مكثفة، وتطويرًا لقدرات الضبط القضائي، وتعزيزًا للتنسيق بين المديريات الأمنية المختلفة في محافظات الصعيد. كما ركزت الاستراتيجية الأمنية على تجفيف منابع تمويل الجريمة والحد من انتشار الأسلحة غير المرخصة، فضلًا عن العمل على الجانب التوعوي والاجتماعي لتحصين الشباب ضد الانخراط في هذه الأنشطة الإجرامية. هذه الجهود المتكاملة، التي شملت العمل الاستخباراتي الدقيق وتطبيق أحدث التقنيات في التعقب والرصد، هي التي مكنت من تحقيق هذا الاختراق الكبير في مكافحة ظاهرة "خط الصعيد" والقضاء على أبرز رموزها، مؤكدةً على التزام الدولة بحماية مواطنيها وتأمين أراضيها.





