سوق العطارة العريق بالإسكندرية: تراث الأجيال، أسرار البخور، ومنتجات التجميل للعرائس

في قلب منطقة المنشية بالإسكندرية، وتحديدًا بجوار معلم «زنقة الستات» الشهير، يقع أقدم سوق للعطارة بالمدينة، وهو مركز تاريخي يغمره عبق التوابل والأعشاب والبخور. بمجرد الدخول إلى أزقته الضيقة، يشعر الزائر وكأنه انتقل عبر الزمن، حيث تتلاقى أصوات ماكينات الطحن القديمة مع الروائح الزكية لتخلق تجربة حسية فريدة. يجذب هذا السوق العريق المتسوقين من جميع أنحاء محافظة الإسكندرية والمحافظات المجاورة على حد سواء، باحثين عن منتجات تقليدية لا تزال تحتفظ بأصالتها.

تاريخ وتراث السوق

يمثل سوق العطارة هذا نافذة على الماضي، فهو ليس مجرد مكان للبيع والشراء، بل هو حافظ للتراث المهني. يتوارث العطارون حرفتهم أباً عن جد، جيلاً بعد جيل، مما يضمن استمرارية المعرفة التقليدية في إعداد الخلطات والوصفات. هذا التوارث يعكس قيمة عميقة للتراث الثقافي، حيث تصبح كل حبة من التوابل أو قطعة من البخور جزءًا من قصة أجيال من العمل اليدوي والخبرة المتراكمة. يتميز السوق بأجوائه التي تبعث على الحنين، فهو يمزج بين عراقة المكان وحيوية التعاملات اليومية، مما يجعله وجهة مميزة لعشاق الأصالة.

منتجات فريدة وخدمة متخصصة

تتنوع المنتجات المعروضة في السوق لتشمل كل ما يخطر بالبال من توابل وأعشاب طبية وعطرية، بالإضافة إلى المسك والبخور بأنواعه المختلفة. يتباهى الباعة في هذا السوق بأن لديهم أصول بخور الجمعة، وهي خلطات خاصة تُستخدم في المناسبات الدينية والاجتماعية، مما يشير إلى خبرتهم الطويلة وتميزهم في هذا المجال. يؤكد العطارون أنهم لا يستطيعون وصف خلطات من تلقاء أنفسهم، مما يدل على اعتمادهم على الوصفات المتوارثة أو الطلبات المحددة للزبائن، وهو ما يضيف طابعًا خاصًا من الثقة والخبرة. ولا يقتصر دور السوق على البخور والتوابل، بل يمتد ليشمل توفير منتجات التجميل التقليدية، حيث يقصد العرائس السوق خصيصًا لشراء المستحضرات الطبيعية التي تُستخدم في تجهيزات الزفاف، مما يؤكد على مكانته كجزء لا يتجزأ من العادات والتقاليد الاجتماعية في المنطقة.