IBM تعتزم تسريح آلاف الموظفين: تحليل دور الذكاء الاصطناعي
أعلنت شركة IBM، عملاق التكنولوجيا العالمي، مؤخرًا عن خططها لتسريح آلاف الموظفين قبل نهاية العام، في خطوة تعكس التحولات العميقة التي يشهدها قطاع التكنولوجيا بأسره. هذا القرار، الذي صدر في بيان يوم الثلاثاء الماضي، أثار تساؤلات واسعة النطاق حول الأسباب الكامنة وراءه، خاصة في ظل التطور المتسارع للذكاء الاصطناعي ودوره المحتمل في إعادة تشكيل القوى العاملة العالمية. فبينما تُشير الشركة إلى ضرورة إعادة هيكلة أعمالها والتركيز على قطاعات النمو، يبرز التساؤل حول مدى تأثير التقدم في الذكاء الاصطناعي على هذه القرارات المصيرية.

خلفية القرارات وتوجهات الشركة الاستراتيجية
تُعد IBM إحدى أقدم وأعرق شركات التكنولوجيا في العالم، ولها تاريخ طويل في التكيف مع التحولات الصناعية الكبرى. على مدار العقد الماضي، خضعت الشركة لسلسلة من التحولات الاستراتيجية الجذرية، بهدف الابتعاد عن أعمالها التقليدية في مجال الأجهزة والبرمجيات القديمة، والتركيز بشكل أكبر على مجالات النمو المستقبلية مثل الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي. تضمنت هذه التحولات عمليات بيع لأصول رئيسية، مثل أعمال خوادم x86 وقطاع الخدمات المدارة، إضافة إلى الاستحواذ على شركات كبرى مثل Red Hat لتعزيز مكانتها في الحوسبة السحابية الهجينة. وقد صرّح الرئيس التنفيذي للشركة، أرفيند كريشنا، في مناسبات سابقة، بأن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يحل محل ما يقرب من 7,800 وظيفة خلفية، مثل وظائف الموارد البشرية، على مدار السنوات القادمة، مشددًا على أن الشركة ستوقف التوظيف في هذه الأدوار التي يمكن أتمتتها.
تفاصيل تسريح العمال والتأثير المتوقع
تأتي إعلانات التسريح هذه ضمن سياق أوسع لما تصفه IBM بعمليات «تحسين الكفاءة» و«إعادة تنظيم» القوى العاملة لديها. وبينما لم تُعلن الشركة عن أعداد دقيقة للوظائف المتأثرة في بياناتها العامة، تشير التقارير إلى أن الأعداد يمكن أن تصل إلى آلاف الموظفين على مستوى عالمي. عادةً ما تستهدف مثل هذه الإجراءات الأقسام التي لم تعد تتوافق مع التوجهات الاستراتيجية الجديدة للشركة، أو تلك التي تشهد تراجعًا في الطلب على خدماتها التقليدية. هذه التسريحات ليست مجرد خفض للأعداد، بل هي عملية تحول تهدف إلى توجيه المواهب والموارد نحو المجالات التي تعتبرها IBM محركات النمو الرئيسية، مثل تطوير حلول الذكاء الاصطناعي، الأمن السيبراني، والحوسبة السحابية الهجينة.
العلاقة بالذكاء الاصطناعي: أسباب وتفسيرات متعددة
تتعدد أوجه العلاقة بين قرارات التسريح وتنامي دور الذكاء الاصطناعي، ويمكن تصنيفها إلى أسباب مباشرة وغير مباشرة:
- الأتمتة المباشرة للمهام: يلعب الذكاء الاصطناعي دورًا متزايدًا في أتمتة المهام الروتينية والمتكررة. ففي أقسام مثل خدمة العملاء، والدعم الفني، وعمليات تكنولوجيا المعلومات، وحتى بعض مهام تطوير البرمجيات واختبارها، يمكن للأنظمة المدعومة بالذكاء الاصطناعي أن تؤدي وظائف كانت تتطلب تدخلًا بشريًا. على سبيل المثال، قد تتم أتمتة مهام تجميع البيانات وتحليلها وإعداد التقارير، مما يقلل الحاجة إلى أعداد كبيرة من الموظفين في هذه الأدوار.
- تحول المهارات والتركيز على الكفاءات الجديدة: مع تزايد اعتماد الشركات على الذكاء الاصطناعي، يتغير نوع المهارات المطلوبة. أصبحت هناك حاجة ماسة لخبراء في تعلم الآلة، وعلوم البيانات، وهندسة الذكاء الاصطناعي، وتطوير الأنظمة الذكية. هذا التحول يعني أن الموظفين ذوي المهارات التقليدية قد يجدون وظائفهم مهددة، ما لم يتمكنوا من إعادة تأهيل أنفسهم وتطوير مهارات جديدة. تعكس التسريحات جزئيًا سعي IBM للاستغناء عن الأدوار الأقل توافقًا مع رؤيتها المستقبلية، مقابل الاستثمار في المواهب الجديدة.
- توجيه الاستثمارات نحو الذكاء الاصطناعي: تتطلب استراتيجيات النمو في مجال الذكاء الاصطناعي استثمارات ضخمة في البحث والتطوير، والبنية التحتية، واكتساب المواهب. يمكن أن تكون عمليات التسريح وسيلة لتحرير الموارد المالية والبشرية اللازمة لتمويل هذه الاستثمارات. فبدلاً من توجيه الموارد نحو أقسام تعاني من الركود أو النمو البطيء، يتم إعادة توجيهها نحو قطاعات الذكاء الاصطناعي الواعدة.
- الكفاءة التشغيلية والضغط التنافسي: تسعى IBM، مثل غيرها من شركات التكنولوجيا الكبرى، إلى تعزيز كفاءتها التشغيلية لتبقى قادرة على المنافسة في سوق يتسم بالديناميكية الشديدة. يمكن للذكاء الاصطناعي أن يوفر أدوات قوية لتحسين الإنتاجية وتقليل التكاليف التشغيلية، مما يدفع الشركات إلى إعادة تقييم حجم قواها العاملة وهيكلها التنظيمي.
سياق الصناعة الأوسع والتداعيات
لا تُعد IBM الشركة الوحيدة التي تتخذ مثل هذه القرارات. فقد شهد قطاع التكنولوجيا خلال العام الماضي والعام الحالي موجة واسعة من تسريح العمال في شركات كبرى مثل جوجل، مايكروسوفت، وميتا، وغيرها الكثير. وغالبًا ما تُعزى هذه القرارات إلى عوامل متعددة منها تباطؤ النمو الاقتصادي، وارتفاع أسعار الفائدة، ولكن بشكل متزايد، يتم ذكر التركيز على الكفاءة والذكاء الاصطناعي كأسباب رئيسية. يشير هذا إلى أننا قد نكون في بداية تحول هيكلي أوسع في سوق العمل، حيث يلعب الذكاء الاصطناعي دورًا محوريًا في إعادة تعريف الوظائف ومهارات المستقبل.
الآفاق المستقبلية
تُؤكد IBM أن هذه الخطوات ضرورية لتعزيز قدرتها التنافسية وضمان نموها المستقبلي في عصر الذكاء الاصطناعي. فبينما تُشكل عمليات التسريح تحديًا للموظفين المتضررين، فإنها تعكس أيضًا استراتيجية الشركة لمواكبة الابتكارات المتسارعة. تهدف IBM إلى أن تكون في طليعة الشركات التي تستفيد من الذكاء الاصطناعي لتقديم حلول مبتكرة لعملائها، وهو ما يتطلب هيكلًا تنظيميًا وقوى عاملة تتناسب مع هذه الرؤية. تُثير هذه التطورات نقاشًا أوسع حول الحاجة الملحة لإعادة تدريب وتأهيل القوى العاملة لمواجهة التحديات والفرص التي يُقدمها عصر الذكاء الاصطناعي.
- تاريخ الإعلان: صدر البيان يوم الثلاثاء الماضي.
- الشركة المعنية: IBM.
- نطاق التسريحات: آلاف الموظفين حول العالم.
- السبب الرئيسي المتوقع: التحول الاستراتيجي نحو الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية، وضرورة إعادة الهيكلة لتحقيق الكفاءة.




