آبل تحدد مارس القادم موعداً لوصول "سيري" المدعومة بالذكاء الاصطناعي
في تطور مهم ينتظره الكثيرون، أكد تيم كوك، الرئيس التنفيذي لشركة آبل، مؤخراً أن مزايا "سيري" المعززة بقدرات الذكاء الاصطناعي الحديثة ستكون متاحة للمستخدمين بحلول مارس/آذار المقبل. جاء هذا التأكيد، وفقاً لتقرير نشره موقع "تيك سبوت" التقني، ليعلن عن تحديث جذري قادم للمساعد الشخصي الافتراضي لآبل، والذي من المتوقع أن يصل ضمن تحديث نظام التشغيل iOS 26.4. هذه الخطوة تمثل نقطة تحول محورية في مسار "سيري"، إذ تهدف إلى إعادة تعريف تجربة المستخدمين مع المساعد الصوتي، ودمجه بعمق أكبر في الحياة الرقمية اليومية.

الخلفية والتحديات التي تواجه "سيري"
منذ إطلاقها في عام 2011 كأحد الرواد في مجال المساعدات الصوتية، حظيت "سيري" باهتمام واسع، لكنها واجهت في السنوات الأخيرة انتقادات متزايدة بسبب قصورها في مواكبة التطورات المتسارعة في مجال الذكاء الاصطناعي. بينما شهدت شركات مثل جوجل وأمازون طفرة في قدرات مساعداتها الصوتية، وظهرت نماذج لغوية كبيرة مثل ChatGPT و Google Gemini التي غيرت مفهوم التفاعل البشري مع الآلات، بدت "سيري" وكأنها تتخلف عن الركب. اشتكى المستخدمون بشكل متكرر من محدودية فهم "سيري" للسياق، وصعوبة إجراء محادثات طبيعية، وعدم قدرتها على إنجاز مهام معقدة متعددة الخطوات.
تاريخياً، ركزت آبل بشدة على خصوصية المستخدم، وهو ما أثر أحياناً على قدرتها على جمع ومعالجة كميات هائلة من البيانات اللازمة لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي الكبيرة بالطريقة التي تفعلها شركات أخرى. هذا التحدي دفع آبل للبحث عن حلول مبتكرة تجمع بين قوة الذكاء الاصطناعي المتقدم والحفاظ على مبادئ الخصوصية، ربما عن طريق معالجة أجزاء كبيرة من البيانات على الجهاز نفسه.
التطورات المنتظرة في "سيري" المعززة بالذكاء الاصطناعي
مع اقتراب موعد مارس/آذار المقبل، تتزايد التكهنات حول المزايا الدقيقة التي ستقدمها "سيري" الجديدة. من المتوقع أن تركز آبل على عدة جوانب لتحسين التجربة:
- فهم السياق المحسن: ستكون "سيري" قادرة على فهم سياق المحادثات بشكل أفضل، مما يسمح بإجراء تفاعلات أكثر طبيعية وسلاسة، وتذكر المعلومات من الأسئلة السابقة لتقديم إجابات أكثر دقة وملاءمة.
 - تكامل أعمق مع التطبيقات: من المرجح أن تتمكن "سيري" الجديدة من التفاعل بشكل أكثر فعالية مع تطبيقات الطرف الثالث وتطبيقات آبل الأساسية، مما يتيح للمستخدمين إنجاز مهام معقدة مثل حجز رحلات، أو تعديل صور، أو تلخيص رسائل بريد إلكتروني، باستخدام الأوامر الصوتية فقط.
 - القدرة على التعلم والتخصيص: قد تتبنى "سيري" نماذج ذكاء اصطناعي قادرة على التعلم من عادات المستخدم وتفضيلاته بمرور الوقت، لتقديم اقتراحات استباقية ومساعدة شخصية مصممة خصيصاً لكل فرد.
 - المعالجة على الجهاز (On-Device Processing): للحفاظ على الخصوصية، قد تعتمد آبل بشكل أكبر على معالجة مهام الذكاء الاصطناعي على الجهاز نفسه، مما يقلل الحاجة إلى إرسال البيانات إلى السحابة ويجعل الاستجابات أسرع وأكثر أماناً.
 - تفاعلات متعددة الأنماط: لا يقتصر التحسين على الصوت فحسب، بل قد يشمل أيضاً قدرة "سيري" على فهم المدخلات من النصوص والصور، وتقديم مخرجات متنوعة تتجاوز الردود الصوتية البسيطة.
 
الأهمية والتأثير على منظومة آبل
لا يمثل هذا التحديث مجرد إضافة مزايا جديدة لـ"سيري"؛ بل هو إعادة تموضع استراتيجية لـآبل في سباق الذكاء الاصطناعي التنافسي. تهدف هذه الخطوة إلى:
- تعزيز تجربة المستخدم: ستجعل "سيري" الأكثر ذكاءً أجهزة آبل (آيفون، آيباد، آبل ووتش، هوم بود) أكثر جاذبية وفائدة، مما يعزز الولاء للعلامة التجارية.
 - سد الفجوة التنافسية: يتيح لـآبل سد الفجوة مع المنافسين الذين سبقوها في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي، وربما وضع معايير جديدة للذكاء الاصطناعي المرتكز على الخصوصية.
 - فرص للمطورين: قد يفتح التحديث أبواباً جديدة للمطورين لدمج قدرات "سيري" المتقدمة في تطبيقاتهم، مما يثري منظومة آبل ككل.
 - ترسيخ مكانة آبل كشركة مبتكرة: يعيد هذا الإعلان تأكيد التزام آبل بالابتكار، خاصة في مجال الذكاء الاصطناعي الذي يعتبر أحد أهم محركات النمو المستقبلي للقطاع التقني.
 
من المتوقع أن يكون لهذا التحديث تأثير كبير على تصور السوق لـآبل وقدرتها على التكيف مع التقنيات الناشئة. مع التركيز المتزايد على الذكاء الاصطناعي كعنصر حاسم في الأجهزة الحديثة، فإن تقديم "سيري" مطورة بشكل كبير يمكن أن يعزز مكانة آبل كقائد في الابتكار.
الموعد المنتظر وتحديث iOS 26.4
الموعد المحدد لوصول هذه المزايا الجديدة هو مارس/آذار المقبل، وذلك بالتزامن مع إطلاق تحديث iOS 26.4. عادةً ما تكون تحديثات iOS التي تحمل أرقاماً رئيسية (مثل 17.0، 18.0) هي التي تحمل التغييرات الجوهرية، بينما تشير الأرقام الفرعية (مثل 17.4) إلى تحديثات مهمة ولكنها قد تكون أقل نطاقاً. ومع ذلك، فإن الإعلان عن دمج قدرات الذكاء الاصطناعي في "سيري" ضمن تحديث 26.4 يشير إلى أنه سيكون تحديثاً ذا أهمية استثنائية، قد يمهد لتغييرات أعمق في الإصدارات المستقبلية من نظام التشغيل. هذا الإعلان المبكر يمنح آبل الوقت الكافي لإعداد المطورين والمستخدمين للقفزة النوعية القادمة، ويسمح بالترويج لهذه القدرات الجديدة قبل إطلاقها الفعلي.
تترقب الأوساط التقنية والمستخدمون بشغف ما سيكشف عنه تيم كوك وفريقه بالتفصيل حول هذه التغييرات في الأسابيع والأشهر القادمة، ليتأكدوا مما إذا كانت "سيري" ستتمكن أخيراً من استعادة مكانتها الريادية كأذكى مساعد افتراضي.





