أحمد حمودة: بيراميدز يحتاج لسنوات طويلة لمضاهاة مكانة الأهلي والزمالك
في تصريحات أثارت نقاشًا واسعًا في الأوساط الرياضية المصرية مؤخرًا، أكد نجم كرة القدم المصرية السابق والمحلل الرياضي أحمد حمودة أن نادي بيراميدز لكرة القدم، على الرغم من الاستثمارات الضخمة والطموحات الكبيرة، يلزمه وقت طويل جدًا، قد يمتد لسنوات عديدة، ليتمكن من الوصول إلى مكانة ناديي الأهلي والزمالك التاريخية والجماهيرية في مصر. تعكس هذه التصريحات جوهر النقاش الدائر حول مفهوم “المكانة” في كرة القدم، وهل يمكن للمال وحده أن يشتري التاريخ والجماهيرية.

خلفية صعود بيراميدز
تأسس نادي بيراميدز، الذي كان يُعرف سابقًا بالأسيوطي سبورت، عام 2018 بعد استحواذ مستثمرين إماراتيين عليه وتغيير اسمه وهويته بالكامل. ومنذ ذلك الحين، شهد النادي ضخ استثمارات مالية هائلة، مكنته من التعاقد مع نخبة من اللاعبين المحليين والأجانب البارزين، بالإضافة إلى استقطاب مدربين ذوي خبرة. هدفت هذه الاستراتيجية الطموحة إلى بناء فريق قادر على المنافسة على كافة الألقاب المحلية والقارية في وقت قصير. وخلال سنوات قليلة، نجح بيراميدز في إثبات نفسه كقوة كروية لا يُستهان بها، حيث وصل إلى نهائيات كأس مصر وكأس الكونفدرالية الأفريقية، وينافس بانتظام على المراكز المتقدمة في الدوري المصري الممتاز. هذه النجاحات السريعة جعلت منه منافسًا حقيقيًا للأندية التقليدية الكبرى.
المكانة التاريخية للأهلي والزمالك
على النقيض من الصعود السريع لبيراميدز، يتمتع الأهلي والزمالك بتاريخ يمتد لأكثر من مائة عام، وهما ليسا مجرد ناديين رياضيين، بل يمثلان جزءًا لا يتجزأ من النسيج الثقافي والاجتماعي المصري. تأسس النادي الأهلي عام 1907 والزمالك عام 1911، وشكلا على مر العقود قطبي كرة القدم المصرية، وبنيا قاعدة جماهيرية عريضة ومتأصلة تمتد عبر الأجيال في كل ركن من أركان البلاد. هذه الجماهيرية ليست وليدة النجاحات اللحظية، بل هي نتاج سنوات طويلة من الإنجازات والألقاب، والتحديات، واللحظات التاريخية التي صنعت قصصًا وبطولات تناقلتها الأجيال. يمتلك كل من الناديين سجلًا حافلًا بالألقاب المحلية والقارية، أبرزها دوري أبطال أفريقيا، مما رسخ مكانتهما كأندية عملاقة ليس فقط في مصر بل في القارة السمراء.
وجهة نظر أحمد حمودة: ما الذي يميز "المكانة"؟
تتركز وجهة نظر أحمد حمودة على أن “المكانة” في عالم كرة القدم لا تُقاس فقط بعدد البطولات أو حجم الإنفاق المالي، بل هي مفهوم أعمق يرتكز على التاريخ، والشعبية الجارفة، والارتباط الوجداني للجماهير بالنادي. يرى حمودة أن بيراميدز، على الرغم من قدرته على شراء أفضل اللاعبين وتحقيق بعض النجاحات الرياضية، لا يمكنه شراء هذا العمق التاريخي أو بناء قاعدة جماهيرية تضاهي قطبي الكرة المصرية في فترة زمنية قصيرة. هذا النوع من المكانة يتطلب تراكمًا زمنيًا للخبرات، والارتباط بالأحداث الوطنية، والقدرة على تجاوز الأزمات، ووجود أساطير كروية تركت بصمات لا تُمحى في ذاكرة المشجعين.
يشير حمودة إلى أن الأندية العريقة مثل الأهلي والزمالك بنت جماهيريتها عبر أجيال متتالية من الولاء والانتماء، حيث ينتقل حب النادي من الأباء إلى الأبناء، ويصبح جزءًا من الهوية الشخصية للمشجع. هذه العلاقة العضوية بين النادي وجماهيره هي ما تمنح النادي قوته الحقيقية واستمراريته، وتجعل تأثيره يتجاوز مجرد النتائج الرياضية. في المقابل، يجد بيراميدز نفسه في موقف يتطلب منه بناء هذه الروابط من الصفر، في سوق كروية مشبعة بالولاء للعملاقين.
التحديات أمام بيراميدز وطبيعة المشهد الكروي المصري
يواجه بيراميدز تحديًا كبيرًا في تحويل متابعيه من المشجعين المحايدين أو المهتمين بالنتائج إلى جماهير وفية ومخلصة على المدى الطويل. ففي مصر، غالبًا ما تكون الولاءات الكروية راسخة منذ الطفولة، ويصعب تغييرها. حتى مع تحقيق البطولات، قد لا يتمكن بيراميدز من استقطاب أعداد كافية من الجماهير الشابة لضمان استمرارية المكانة الجماهيرية عبر العقود، بالشكل الذي يضمن له قاعدة دعم لا تتأثر بتقلبات النتائج أو التغييرات الإدارية.
تُظهر هذه التصريحات أهمية القيم غير المادية في الرياضة، وخاصة في مجتمعات مثل مصر حيث كرة القدم ليست مجرد لعبة، بل هي ظاهرة اجتماعية وثقافية عميقة. تعكس تعليقات حمودة أيضًا النقاش الأوسع حول دور الاستثمار المالي في تشكيل هوية الأندية، ومدى قدرته على تسريع بناء تاريخ لم يتشكل بعد. إن سعي بيراميدز للمنافسة هو أمر صحي ويزيد من قوة الدوري، ولكنه يظل في سباق مع الزمن ومع إرث لا يقدر بثمن.
الخاتمة
في الختام، بينما يواصل نادي بيراميدز سعيه الدؤوب لتحقيق البطولات وترسيخ مكانته كقوة كروية مصرية، تؤكد رؤية أحمد حمودة على أن الفارق بينه وبين الأهلي والزمالك لا يكمن في الإمكانيات المادية أو جودة اللاعبين فحسب، بل في ذلك الرصيد التاريخي والجماهيري الهائل الذي بنياه على مدار أكثر من قرن من الزمان. إن الوصول إلى مكانة تضاهي عملاقي الكرة المصرية يتطلب أكثر من مجرد النجاحات الفورية؛ إنه يتطلب بناء إرث ثقافي ورياضي متجذر في وعي ووجدان ملايين الجماهير المصرية، وهذا الأمر بطبيعته يستغرق وقتًا طويلًا جدًا.





