أرباح المصريين في الخارج: محرك جديد للدخل القومي يرفد مصر بنحو 3 مليارات دولار سنويًا
تشهد مصر تحولاً اقتصادياً مهماً مع تزايد مساهمة أرباح استثمارات مواطنيها المقيمين في الخارج كمصدر حيوي للعملة الصعبة. ففي تطور لافت، بلغت هذه العوائد نحو 2.9 مليار دولار خلال العام المالي 2024 – 2025، وهو ما يمثل زيادة قدرها 50% مقارنة بالعام السابق. وتؤكد هذه الأرقام، الصادرة عن البنك المركزي المصري، أن هذه الأرباح لم تعد مجرد إضافة هامشية، بل باتت تشكل رافداً أساسياً يدعم الاقتصاد الوطني ويساهم في تعزيز احتياطيات البلاد من النقد الأجنبي.

السياق الاقتصادي وأهمية العملات الأجنبية
لطالما اعتمد الاقتصاد المصري على مصادر تقليدية للعملة الصعبة، مثل تحويلات العاملين بالخارج (التي تمثل الدخل من الأجور والمدخرات)، وعائدات قناة السويس، وقطاع السياحة، والصادرات، والاستثمارات الأجنبية المباشرة. وتكتسب العملة الأجنبية أهمية قصوى لمصر في سعيها لدعم وارداتها الأساسية، وتمويل مشاريع التنمية، وخدمة ديونها الخارجية، بالإضافة إلى الحفاظ على استقرار سعر صرف الجنيه المصري. وفي ظل التحديات الاقتصادية العالمية والمحلية، تتزايد الحاجة إلى تنويع هذه المصادر لضمان المرونة والاستدامة.
الجدير بالذكر أن «أرباح المصريين بالخارج» تختلف عن «تحويلات العاملين بالخارج». فبينما تُشير التحويلات إلى الأموال التي يرسلها المغتربون إلى عائلاتهم أو كمدخرات، تُعنى الأرباح بالعوائد الناتجة عن استثمارات هؤلاء المواطنين في الأسواق المالية والعقارية والأنشطة الاقتصادية الأخرى خارج مصر. ويُعتبر هذا التمييز جوهرياً لفهم طبيعة هذا المصدر الجديد وتأثيره المحتمل.
نمو وتطور مساهمة أرباح الاستثمارات الخارجية
تُظهر البيانات الحديثة ارتفاعاً كبيراً في مساهمة أرباح استثمارات المصريين في الخارج. فقد وصل الرقم إلى حوالي 2.9 مليار دولار أمريكي في العام المالي 2024 – 2025، بعد أن شهد نمواً استثنائياً بنسبة 50% مقارنة بالعام الذي سبقه. هذا النمو السريع يعكس عدة عوامل محتملة، منها: أداء الأسواق العالمية التي يستثمر فيها المصريون، أو تزايد الوعي بأهمية هذه الاستثمارات كمصدر للدخل القومي، أو ربما تحسن آليات الرصد والإبلاغ من قبل البنك المركزي المصري.
تُسلط هذه الأرقام الضوء على قدرة المصريين في المهجر على أن يكونوا ليس فقط مصدراً لتحويلات الأجور، بل أيضاً قوة استثمارية تُدر عوائد مالية كبيرة تعود بالنفع على وطنهم الأم، وذلك من خلال قنوات استثمارية متنوعة تتراوح بين الأسهم والسندات والعقارات وغيرها من الأصول المالية حول العالم.
الأهمية الاقتصادية والتأثير المستقبلي
يمثل تدفق 2.9 مليار دولار من أرباح الاستثمارات الخارجية إضافة نوعية وكمية لموارد مصر من النقد الأجنبي، ولهذه المساهمة عدة آثار إيجابية:
- تعزيز احتياطيات النقد الأجنبي: تساهم هذه الأرباح بشكل مباشر في تقوية المركز المالي للبلاد وزيادة قدرتها على استيراد السلع والخدمات الضرورية.
- دعم استقرار الجنيه المصري: كلما زادت تدفقات العملة الصعبة، قل الضغط على الجنيه المصري، مما يساعد في تحقيق استقرار أكبر في سعر الصرف.
- تنويع مصادر الدخل القومي: يُعد هذا المصدر الجديد خطوة هامة نحو تقليل الاعتماد على المصادر التقليدية وتنويع القاعدة الاقتصادية للبلاد.
- تحفيز النمو الاقتصادي: يمكن توجيه جزء من هذه الأموال، بشكل مباشر أو غير مباشر، نحو الاستثمار في القطاعات الإنتاجية داخل مصر، مما يدعم خلق فرص العمل والنمو.
في الختام، يؤكد هذا التنامي في أرباح استثمارات المصريين في الخارج على الدور المحوري الذي يلعبه المغتربون في دعم اقتصاد بلادهم، ليس فقط من خلال تحويلاتهم المعتادة، بل أيضاً كفاعلين اقتصاديين يساهمون في تعزيز الدخل القومي. ومن المتوقع أن تسعى الحكومة المصرية إلى تطوير آليات تشجع على استمرارية ونمو هذا التدفق المالي، لما له من أبعاد إيجابية على الاستقرار والتنمية الاقتصادية في مصر.





