أسامة الأزهري يوضح لمتسابقي «دولة التلاوة»: المقامات علم وليس مجرد فن
في حلقة حديثة ومهمة من برنامج «دولة التلاوة»، الذي يحظى بمتابعة واسعة في العالم العربي، أدلى الدكتور أسامة الأزهري، المستشار الديني لرئيس الجمهورية وأحد أبرز المفكرين الإسلاميين المعاصرين، بتصريح محوري لمتسابقي البرنامج وللجمهور العام، مؤكداً أن «المقامات علم وليست مجرد فن». جاء هذا التصريح في سياق المنافسات المتصاعدة بالبرنامج، حيث شدد الأزهري على أهمية الفهم العميق والدقيق للأسس العلمية التي تقوم عليها المقامات الموسيقية في تلاوة القرآن الكريم، بدلاً من التعامل معها كمهارة فنية بحتة تهدف إلى الإطراب أو الاستعراض.

الخلفية والبرنامج
يُعد الدكتور أسامة الأزهري شخصية بارزة في المشهد الديني والثقافي المصري، وهو أستاذ مساعد للعقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر الشريف، ومستشار ديني لرئيس الجمهورية. يشتهر الأزهري بجهوده في تجديد الخطاب الديني وتعزيز الفهم الأصيل للتراث الإسلامي، مع التركيز على الجوانب العلمية والروحية للدين. لطالما دعا إلى ربط الممارسات الدينية بالعمق المعرفي، وهو ما تجلى بوضوح في تصريحه الأخير.
أما برنامج «دولة التلاوة»، فقد أحدث نقلة نوعية في الاهتمام بتلاوة القرآن الكريم، مقدماً منصة للمواهب الشابة لاكتشافها وتنميتها في فن وأصول التلاوة. يهدف البرنامج إلى إحياء فنون التلاوة المتقنة، وتدريب المتسابقين على أحكام التجويد ومخارج الحروف، مع التركيز على جمالية الصوت دون الإخلال بقدسية النص القرآني. وقد استطاع البرنامج منذ انطلاقته أن يجذب ملايين المشاهدين، وأن يعيد البهجة والطمأنينة إلى البيوت المصرية والعربية من خلال الاستماع إلى تلاوات خاشعة ومتقنة.
جوهر التصريح وأهميته
يتمحور تصريح الدكتور الأزهري حول التفريق الجوهري بين المقامات كعلم والمقامات كفن في سياق التلاوة القرآنية. فالمقامات الموسيقية، على الرغم من ارتباطها العميق بجماليات الصوت والأداء، لا ينبغي أن تُنظر إليها في التلاوة على أنها مجرد وسيلة للتعبير الفني الشخصي أو لإبهار المستمعين بالقدرات الصوتية. بدلاً من ذلك، يؤكد الأزهري أنها منظومة علمية دقيقة ذات قواعد وأصول ينبغي إتقانها وفهمها لخدمة النص القرآني وغاياته.
المقامات كعلم تعني أن هناك أوزانًا وموازين وقواعد تُبنى عليها، وتعمل ضمن سياق محدد يضمن عدم الخروج عن خشوع التلاوة وقدسية الكلمة الإلهية. إنها أداة مساعدة لترتيل القرآن وتحسين الأداء الصوتي، وليست غاية في حد ذاتها. هذا المنظور العلمي يوجّه القارئ إلى استخدام المقامات بوعي ومعرفة، بحيث تسهم في إبراز المعاني وتوصيل الرسالة القرآنية بوضوح وجمال، دون أن تطغى على روح النص أو تفقده هيبته.
الأبعاد والتأثير
يحمل تصريح الدكتور الأزهري أبعاداً متعددة وتأثيراً كبيراً على المتسابقين في البرنامج وعلى جمهور واسع من المهتمين بتلاوة القرآن الكريم:
- توجيه المتسابقين: يوفر التصريح إطاراً إرشادياً للمشاركين في «دولة التلاوة»، يدفعهم إلى التركيز على الجانب العلمي والمعرفي للمقامات، بدلاً من الاكتفاء بالجانب الصوتي أو الإطرابي، مما يضمن خروج جيل من القراء يجمع بين جمال الصوت وصحة الأداء وعمق الفهم.
- تعزيز الأصالة: يؤكد هذا التوجه على أصالة التلاوة القرآنية ويحميها من محاولات التسطيح أو التحويل إلى مجرد أداء فني بحت يفتقر إلى الروحانية والعمق. إنه يعيد التأكيد على أن التلاوة عبادة وفن وعلم في آن واحد، ولكن العلم يضبط الفن ويخدم العبادة.
- تثقيف الجمهور: يساهم التصريح في توعية الجمهور بأهمية المقامات كأداة لخدمة القرآن، ويدعوهم إلى تقدير التلاوات التي تجمع بين الأداء الصوتي المتقن والفهم العميق للضوابط العلمية.
- الحفاظ على التراث: في عصر تتسارع فيه التغيرات، يأتي هذا التأكيد ليحمي ويُجدد الاهتمام بالتراث الأصيل للتلاوة القرآنية، الذي أسسه كبار القراء على مدار التاريخ، مستندين إلى علم المقامات الدقيق.
وفي الختام، يبرز تصريح الدكتور أسامة الأزهري أهمية دمج الفهم العلمي بالجمالية الفنية في تلاوة القرآن الكريم. فبرنامج «دولة التلاوة»، من خلال هذه التوجيهات، لا يكتفي باكتشاف الأصوات الجميلة، بل يسعى لتخريج قراء يحملون على عاتقهم مسؤولية الحفاظ على قدسية النص القرآني وجماله وعمقه العلمي، مما يعزز مكانة التلاوة كعبادة وفن متكاملين.





