أولمو يثير القلق في برشلونة قبل موقعة الكلاسيكو
في الأيام الأخيرة، تصاعدت حالة من القلق داخل أروقة نادي برشلونة الإسباني بشأن مستقبل اللاعب الدولي الإسباني داني أولمو، وذلك قبيل خوضه المواجهة الكلاسيكية المنتظرة أمام غريمه اللدود ريال مدريد. بينما تستعد الجماهير لمشاهدة قمة الكرة الإسبانية التي غالبًا ما تحدد مسار الموسم، يواجه النادي الكتالوني تحديات معقدة خارج الملعب تتعلق باستراتيجيته الطويلة الأمد للتعاقدات، حيث يمثل أولمو أحد أبرز الأسماء على قائمة أولوياته منذ فترة طويلة. هذه المخاوف لا تتعلق بمدى جاهزية أولمو لمباراة الكلاسيكو نفسها، بل بكيفية تأثير وضعه على الخطط المستقبلية لبرشلونة وتوازنات الفريق في المباريات الكبرى.

خلفية الاهتمام بداني أولمو ومسيرته
يُعد داني أولمو، البالغ من العمر 26 عامًا، أحد أبرز المواهب الهجومية في كرة القدم الإسبانية حاليًا. هو لاعب متعدد المراكز، قادر على التألق كجناح أيمن أو أيسر، أو كصانع ألعاب في مركز رقم 10، وحتى كلاعب خط وسط متقدم. يتميز بمهاراته الفنية العالية، وقدرته على المراوغة، ورؤيته الثاقبة للملعب، بالإضافة إلى حسّه التهديفي. بدأت مسيرة أولمو الكروية في أكاديمية لاماسيا الشهيرة بنادي برشلونة، حيث قضى سبع سنوات في صقل موهبته، قبل أن يتخذ قرارًا جريئًا بالرحيل في عام 2014 إلى دينامو زغرب الكرواتي بحثًا عن فرص للعب في الفريق الأول، وهو قرار أثبت صوابه لاحقًا.
تألق أولمو بشكل لافت في كرواتيا، حيث أصبح نجمًا للفريق وحصل على لقب الدوري عدة مرات، وشارك بانتظام في البطولات الأوروبية. لفت هذا التألق أنظار العديد من الأندية الكبرى، لينتقل في النهاية إلى لايبزيغ الألماني في يناير 2020. ومنذ ذلك الحين، رسخ أولمو مكانته كأحد اللاعبين الأساسيين في البوندسليغا، وقدم مستويات مميزة ساهمت في نجاحات لايبزيغ، بما في ذلك الفوز بكأس ألمانيا. كما أصبح جزءًا لا يتجزأ من المنتخب الإسباني الأول، وشارك في بطولات كبرى مثل كأس العالم وكأس الأمم الأوروبية. لطالما أبدى برشلونة اهتمامًا كبيرًا بإعادة هذا "الابن الضال" إلى الكامب نو، معتبرًا إياه إضافة نوعية تتناسب تمامًا مع فلسفة النادي الكروية وتوفر حلولًا هجومية وإبداعية ضرورية، خاصة في ظل سعي النادي الدائم لتعزيز خط هجومه بلاعبين يتمتعون بالخبرة والفنيات العالية.
تطورات حديثة ومصادر القلق المتزايدة
تتركز حالة القلق المتزايدة في برشلونة حول عدة عوامل رئيسية تتعلق بإمكانية التعاقد مع داني أولمو، مما يضع إدارة النادي في موقف حرج:
- القيود المالية الصارمة: يواجه النادي الكتالوني تحديات مالية هيكلية عميقة، تتمثل في تراكم الديون وقيود سقف الرواتب المفروضة من رابطة الدوري الإسباني. هذه القيود تجعل إبرام صفقات باهظة الثمن، مثل صفقة أولمو المحتملة، أمرًا معقدًا للغاية ويتطلب مناورات مالية كبيرة قد لا تكون متاحة دائمًا. النادي يحتاج إلى بيع لاعبين أو تفعيل رافعات اقتصادية جديدة لتمويل مثل هذه الصفقة.
- المنافسة الأوروبية الشرسة: لا يقتصر الاهتمام بضم أولمو على برشلونة وحدها. تشير تقارير متعددة من وسائل الإعلام الأوروبية إلى وجود اهتمام جاد من أندية عريقة وكبيرة مثل بايرن ميونخ الألماني، ومانشستر سيتي الإنجليزي، وتشيلسي، وحتى ليفربول. هذه المنافسة ترفع بشكل كبير من قيمة الصفقة المطلوبة، وتزيد من صعوبة المفاوضات على برشلونة، خاصة وأن هذه الأندية غالبًا ما تمتلك قوة مالية أكبر بكثير.
- موقف لايبزيغ الحازم: يتمسك لايبزيغ بلاعبه الإسباني بشدة، ويعتبره أحد أهم الأصول في الفريق ولا يرغب في التفريط فيه بسهولة. على الرغم من توقيع أولمو عقدًا جديدًا مع النادي الألماني يمتد حتى عام 2027، إلا أن هناك شائعات واسعة الانتشار حول وجود بند جزائي في عقده بقيمة 60 مليون يورو، يمكن تفعيله في صيف عام 2025. ولكن حتى ذلك الحين، سيطلب لايبزيغ مبلغًا أعلى بكثير لبيعه، وهو ما يتجاوز الميزانية المتاحة لبرشلونة في الوقت الحالي.
- تاريخ الإصابات والجاهزية: على الرغم من موهبته الفذة، تعرض أولمو لبعض الإصابات المتكررة في مسيرته، خاصة في مواسم سابقة، مما أبعده عن الملاعب لفترات. قد تثير هذه السوابق بعض التحفظات لدى الأندية المهتمة بتقييم قدرته على الحفاظ على لياقته البدنية على المدى الطويل والتعامل مع ضغط المباريات الكثيف.
لماذا تتزايد الأهمية قبل موقعة الكلاسيكو؟
إن توقيت تصاعد هذا القلق بشأن مستقبل داني أولمو قبيل موقعة الكلاسيكو لا يخلو من دلالات عميقة. فمباراة برشلونة وريال مدريد لا تمثل مجرد ثلاث نقاط في جدول الدوري الإسباني، بل هي بمثابة اختبار حقيقي لقوة الفريق وعمقه التكتيكي وقدرته على المنافسة على أعلى المستويات. غالبًا ما تكشف هذه المباريات الكبيرة والضاغطة عن نقاط الضعف الحقيقية في التشكيلة الحالية والحاجة الماسة إلى تعزيزات نوعية.
إن تداول اسم أولمو بهذا الزخم في هذا التوقيت يعكس عدة جوانب استراتيجية وجمهوريه:
- الحاجة الاستراتيجية والتكتيكية: يدرك الجهاز الفني والإدارة في برشلونة الحاجة الملحة لتدعيم بعض المراكز الهجومية والإبداعية لضمان قدرة الفريق على مجاراة خصوم أقوياء مثل ريال مدريد. أولمو بخصائصه المتنوعة يمكن أن يحل العديد من المشاكل الهجومية ويزيد من خيارات المدرب.
- بناء فريق للمستقبل: يسعى برشلونة جاهدًا لبناء فريق شاب وقادر على الهيمنة لسنوات قادمة. يعتبر أولمو، بفضل سنه الصغير نسبيًا (26 عامًا) وخبرته الكبيرة على الساحتين المحلية والأوروبية، جزءًا أساسيًا من هذه الرؤية المستقبلية.
- ضغوط الجماهير والإعلام: تتوقع جماهير برشلونة، وكذلك وسائل الإعلام، رؤية استثمارات قوية وذكية في سوق الانتقالات لجلب لاعبين من الطراز الرفيع، خصوصًا بعد النتائج المتذبذبة للفريق في بعض الفترات. الكلاسيكو غالبًا ما يرفع سقف هذه التوقعات أو يعزز الحاجة لإعادة التفكير.
- الكلاسيكو كمرآة: تُظهر مباريات الكلاسيكو الفروقات الفردية والجماعية بين الفريقين بوضوح. فإذا ظهرت فجوات في الجودة أو الإبداع لدى برشلونة، فإن ذلك سيعزز من الحاجة للتحرك في سوق الانتقالات، ويجعل أسماء مثل أولمو أكثر إلحاحًا.
التأثير المحتمل على استراتيجية النادي
إن استمرار حالة عدم اليقين بشأن إمكانية التعاقد مع داني أولمو يؤثر بشكل مباشر على استراتيجية برشلونة العامة في سوق الانتقالات الصيفية أو الشتوية القادمة. فإذا لم يتمكن النادي من إبرام الصفقة لأسباب مالية أو بسبب المنافسة الشديدة، سيتعين عليه تحويل اهتمامه إلى بدائل أخرى. هذه البدائل قد لا تمتلك نفس الخصائص الفنية، أو القدرة على التأثير الفوري، أو الانتماء السابق لأكاديمية لاماسيا، مما قد يغير من طبيعة المشروع الرياضي. هذا من شأنه أن يؤثر على خطط المدرب المستقبلية وتشكيلة الفريق على المدى المتوسط والطويل.
وفي الختام، يظل ملف داني أولمو نقطة محورية وحساسة في استراتيجية برشلونة للمستقبل. وتصاعد القلق حول هذا الملف قبيل مواجهة حاسمة بحجم الكلاسيكو يؤكد على الأهمية الكبرى التي يوليها النادي لتأمين تعزيزات قوية ومناسبة لمواصلة المنافسة بفاعلية على الساحتين المحلية والقارية، في ظل التحديات المالية والرياضية الراهنة التي يواجهها النادي الكتالوني.





