إسرائيل تعلن تسلم جثة العقيد أساف حمامي، أرفع ضابط أسرته المقاومة
أفادت السلطات الإسرائيلية، في إعلان اليوم الاثنين، بأنها تعرفت على هوية ثلاث جثث تم استلامها من قطاع غزة. وأكدت البيانات الرسمية الصادرة من تل أبيب أن من بين هذه الجثث رفات العقيد أساف حمامي، الذي يُعد أعلى ضابط عسكري إسرائيلي أسره فصائل المقاومة الفلسطينية منذ بدء المواجهات الأخيرة.

تفاصيل عملية التسليم والتسلم
جاء هذا الإعلان عقب عملية تسليم قامت بها كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، مساء أمس الأحد. تمت عملية التسليم في ظروف لم يتم الكشف عن تفاصيلها الكاملة، لكنها تأتي في سياق الجهود المستمرة المتعلقة بملف المحتجزين والأسرى بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني. وتؤكد المصادر الإسرائيلية أن تحديد هوية الجثث الثلاث تم بعد إجراء فحوصات طبية وجنائية دقيقة، ما أسفر عن التأكد من أن أحد الرفات يعود للعقيد حمامي، في حين أن الجثتين الأخريين تعودان لمحتجزين إسرائيليين آخرين لم يتم الإفصاح عن اسميهما في الإعلان الأولي.
تعتبر هذه الخطوة جزءًا من سيناريو أوسع لتبادل الجثامين والأسرى الذي غالبًا ما يحدث في سياق الصراعات المستمرة، وربما تكون مؤشرًا على وجود قنوات اتصال، مباشرة أو غير مباشرة، بين الأطراف المعنية على الرغم من حدة القتال الدائر.
من هو العقيد أساف حمامي؟ سياق أسره
يُعتبر العقيد أساف حمامي شخصية عسكرية بارزة في الجيش الإسرائيلي. كان يشغل منصب قائد اللواء الجنوبي بفرقة غزة، وهي فرقة عسكرية إقليمية تقع ضمن القيادة الجنوبية للجيش الإسرائيلي، ومسؤولة بشكل مباشر عن تأمين الحدود المحيطة بقطاع غزة. هذا المنصب الرفيع يفسر سبب اعتباره "أرفع ضابط" يقع في الأسر لدى فصائل المقاومة الفلسطينية خلال الأحداث الأخيرة.
تشير التقارير الأمنية والاستخباراتية إلى أن حمامي أُسر خلال الهجوم الواسع الذي شنته حركة حماس وكتائب القسام في صباح السابع من أكتوبر الماضي. وشهد هذا الهجوم، الذي عُرف باسم "طوفان الأقصى"، تسلل الآلاف من المقاتلين الفلسطينيين إلى بلدات ومواقع عسكرية إسرائيلية محيطة بقطاع غزة، ما أدى إلى اشتباكات عنيفة وسقوط عدد كبير من القتلى والأسرى من الجانب الإسرائيلي. فُقد أثر العقيد حمامي منذ ذلك الحين، وكان اسمه يتردد ضمن قائمة الأسرى الذين يعتقد أنهم ما زالوا على قيد الحياة لدى الفصائل الفلسطينية، قبل أن تتأكد وفاته وتسليم جثته.
إن مكانة حمامي العسكرية جعلت مصيره محط اهتمام كبير في الأوساط العسكرية والإعلامية الإسرائيلية، وأصبح جزءًا من الضغط العام على الحكومة للعمل على استعادة جميع المحتجزين.
الدلالات الاستراتيجية والرمزية للحدث
يحمل خبر تسلم جثة العقيد حمامي عدة دلالات مهمة تتجاوز مجرد تأكيد الوفاة:
- إنهاء حالة عدم اليقين: بالنسبة لعائلة العقيد حمامي وعائلات المحتجزين الآخرين، فإن معرفة مصير أحبائهم، حتى لو كان تأكيد الوفاة، ينهي فترة طويلة من القلق والترقب التي قد تمتد لأشهر. هذا الجانب النفسي والاجتماعي له وزن كبير داخل المجتمع الإسرائيلي.
 - الأهمية الرمزية والعسكرية: كون حمامي أرفع ضابط عسكري يتم أسره، فإن تسلم جثته يمثل حدثًا ذا وزن رمزي وعسكري كبير للجيش الإسرائيلي والمجتمع ككل. إنه يؤكد على التكلفة البشرية الباهظة للنزاع ويسلط الضوء على تحديات استعادة الأسرى والجثامين.
 - تأثير على مسار المفاوضات: يأتي هذا التسليم في وقت تشهد فيه المنطقة جهودًا مكثفة للتوصل إلى صفقة تبادل أسرى ووقف إطلاق نار. وقد يشير هذا التسليم إلى وجود قنوات تواصل معينة أو ترتيبات لوجستية محددة بين الأطراف المتصارعة، والتي يمكن أن تستغل في تسهيل جولات مفاوضات مستقبلية أوسع نطاقًا، رغم أن السياق العام لا يزال متوترًا ومعقدًا.
 - الضغط الداخلي في إسرائيل: قد يزيد هذا الإعلان من الضغط على الحكومة الإسرائيلية لبذل المزيد من الجهود الدبلوماسية والعسكرية لإعادة جميع المحتجزين، سواء كانوا أحياء أو أمواتًا، في ظل تصاعد مطالب عائلات الأسرى والمظاهرات المستمرة.
 
سياق الأسرى في الصراع والتوقعات المستقبلية
لطالما شكل ملف الأسرى والمحتجزين نقطة محورية وحساسة للغاية في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. وشهدت السنوات الماضية والشهور الأخيرة عدة عمليات تبادل وإفراجات، كان أبرزها تلك التي تمت خلال الهدنة الإنسانية المؤقتة التي استمرت لأيام في نوفمبر من العام الماضي، والتي أفرجت خلالها حركة حماس عن عشرات الأسرى الإسرائيليين مقابل إفراج إسرائيل عن عدد أكبر من الأسرى الفلسطينيين.
يُتوقع أن يستمر ملف الجثث والأسرى والمفقودين في كونه عنصرًا حاسمًا في أي مفاوضات مستقبلية محتملة. فكل جانب يسعى لتحقيق أهدافه المرتبطة بهذا الملف، سواء كان ذلك باستعادة رفات جنوده الذين سقطوا أو إطلاق سراح أسراه، في سعي مستمر لحسم هذا الملف الإنساني والعسكري المعقد الذي يلقي بظلاله على كل جوانب الصراع.