إعدام «تيك توكر» مالية علنًا في غاو بسبب منشورات مؤيدة للجيش
شهدت مدينة غاو شمال مالي، حادثة مروعة أثارت صدمة واسعة النطاق، تمثلت في إعدام «تيك توكر» مالية شابة تُدعى فاتي نيانغ، والمعروفة أيضًا باسم فاتي تشابات، علنًا على يد مسلحين متشددين. وقع هذا العمل الوحشي في أواخر يناير وأوائل فبراير 2024، وجاء بعد اتهامها بالتعاون مع الجيش المالي والقوات الروسية المتحالفة معه، من خلال منشوراتها ومقاطع الفيديو التي كانت تنشرها على منصات التواصل الاجتماعي، والتي اعتبرها المسلحون مؤيدة للقوات الحكومية.

الخلفية والأحداث الرئيسية
تفيد التقارير بأن فاتي نيانغ، التي كانت تتمتع بشعبية كبيرة على تطبيق تيك توك، تعرضت للاختطاف من قبل عناصر يشتبه في انتمائهم إلى جماعات جهادية تسيطر على أجزاء من المنطقة. بعد اختطافها، تم نقلها إلى ساحة عامة في مدينة غاو حيث جرى إعدامها أمام حشد من الناس. تُشير المصادر إلى أن التهمة الموجهة إليها كانت «التجسس» و«التعاون» مع الجيش المالي ومرتزقة مجموعة فاغنر الروسية (التي تعرف الآن باسم الفيلق الأفريقي)، وهي تهم استندت على المحتوى الذي كانت تبثه عبر حساباتها على وسائل التواصل الاجتماعي، والذي كان يعبر عن دعمها للقوات المسلحة الوطنية ويحتفي بإنجازاتها.
لطالما كانت نيانغ ناشطة على منصات مثل تيك توك وفيسبوك، حيث كانت تشارك مقاطع فيديو تُظهر رقصها وغناءها، ولكنها أيضًا كانت تنشر محتوى يدعم الروح المعنوية للجيش المالي ويُظهر تفاؤلها بقدرته على استعادة الأمن والاستقرار في البلاد. هذا النوع من المحتوى، الذي قد يُنظر إليه في سياق آخر على أنه تعبير عن الوطنية، تحول في المناطق التي تسيطر عليها الجماعات المتشددة إلى جريمة عقوبتها الإعدام.
السياق الأمني المعقد في مالي
تأتي هذه الحادثة ضمن سياق أمني شديد التعقيد والاضطراب في مالي، التي تشهد منذ أكثر من عقد صراعًا مستمرًا ضد جماعات جهادية مسلحة، أبرزها جماعة نصرة الإسلام والمسلمين (جماعة مرتبطة بتنظيم القاعدة). تتقاتل هذه الجماعات للسيطرة على الأراضي وفرض تفسيرها المتشدد للشريعة الإسلامية. تعاني الحكومة المالية، المدعومة منذ عام 2021 بالجنود الروس بعد انسحاب القوات الفرنسية، من صعوبة في بسط سيطرتها الكاملة على المناطق الشمالية والوسطى من البلاد، حيث تتمركز هذه الجماعات.
يُمثل وجود القوات الروسية نقطة خلاف وتوتر، حيث تعتبرها الحكومة حليفًا أساسيًا في مكافحة الإرهاب، بينما تُدينها بعض الجهات الدولية والمنظمات الحقوقية بانتهاكات حقوق الإنسان. في هذا المناخ، يصبح أي تعبير علني عن الدعم لأي طرف في الصراع محفوفًا بالمخاطر، ويمكن أن يُفسر على أنه تحيز وعمالة للعدو من قبل الطرف الآخر.
أهمية الخبر وتداعياته
يُعد إعدام فاتي نيانغ تذكيرًا مؤلمًا بالثمن الباهظ الذي يدفعه المدنيون في مناطق النزاع، لا سيما أولئك الذين ينشطون على وسائل التواصل الاجتماعي. يسلط هذا الحادث الضوء على:
- قمع حرية التعبير: يرسل هذا العمل رسالة ترهيب واضحة للمواطنين، مفادها أن التعبير عن الرأي، حتى لو كان دعمًا لجيش بلادهم، يمكن أن يكلفهم حياتهم.
- وحشية الجماعات المتشددة: يُظهر هذا الإعدام العلني مدى قسوة ولا إنسانية الجماعات الجهادية في فرض سيطرتها وتطبيق عقوباتها الوحشية.
- الحرب المعلوماتية: يؤكد الحادث على أن الصراع في مالي لا يقتصر على الميدان العسكري، بل يمتد ليشمل حربًا معلوماتية ونفسية، حيث تُستخدم وسائل التواصل الاجتماعي كساحة لنشر الدعاية والتأثير على الرأي العام.
- تداعيات على المجتمع المدني: يمكن أن يؤدي هذا النوع من الأحداث إلى تفاقم الخوف والرقابة الذاتية بين أفراد المجتمع، مما يعوق أي محاولة للتعبير عن وجهات نظر مخالفة للجماعات المسيطرة.
لقد أثار هذا الحادث موجة من الإدانات على المستويين المحلي والدولي، ودعا النشطاء والمنظمات إلى حماية المدنيين وضمان حرية التعبير، حتى في ظل أقصى الظروف الأمنية. وتظل قضية مقتل فاتي نيانغ شاهدًا على التحديات العميقة التي تواجهها مالي في سعيها لتحقيق السلام والاستقرار.




