إيران تدين الهجمات في السودان وتؤكد على ضرورة مكافحة الإرهاب عالميًا
أصدرت وزارة الخارجية الإيرانية بيانًا في الأيام الأخيرة أدانت فيه بشدة تصاعد العنف والهجمات التي تستهدف المدنيين في مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور في السودان. وفي تأكيد على موقفها المبدئي، أعربت إيران عن تضامنها الكامل مع الشعب السوداني في محنته، مشددة على ضرورة إدانة الإرهاب بكافة أشكاله وفي أي مكان حول العالم، وداعية المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته لحماية الأبرياء.

التصريح الإيراني الرسمي
في تصريحات نقلتها وسائل الإعلام الرسمية، أوضح المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، أن طهران تتابع بقلق بالغ التطورات الميدانية في السودان، خاصة الأوضاع الإنسانية المتدهورة في الفاشر والمناطق المحيطة بها. وأكد كنعاني أن استهداف المدنيين الأبرياء وتدمير البنية التحتية الأساسية يعد انتهاكًا صارخًا للقانون الإنساني الدولي. وجاء في البيان أن إيران تدعو جميع الأطراف المتنازعة إلى وقف فوري لإطلاق النار والعودة إلى مسار الحوار لحل الخلافات سلميًا.
لخص البيان الموقف الإيراني في عدة نقاط رئيسية، منها:
- الإعراب عن التضامن الكامل مع الشعب السوداني الشقيق ودعم وحدة وسلامة أراضي السودان.
- الإدانة القاطعة لكل أشكال العنف والأعمال التي وصفتها بـ "الإرهابية" ضد السكان المدنيين.
- الدعوة إلى تحرك دولي عاجل لتوفير المساعدات الإنسانية للمتضررين وتسهيل وصولها بشكل آمن.
- التأكيد على أن الحل المستدام للأزمة السودانية لا يمكن أن يكون عسكريًا، بل يجب أن ينبع من حوار وطني شامل يشارك فيه جميع السودانيين.
خلفية الصراع في الفاشر
تأتي هذه التصريحات في ظل استمرار الصراع الدامي في السودان الذي اندلع في أبريل 2023 بين الجيش السوداني بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو. وتعتبر مدينة الفاشر آخر معقل رئيسي للجيش السوداني في إقليم دارفور الشاسع، مما يجعلها نقطة محورية في الصراع. وقد حذرت منظمات دولية وأممية مرارًا من أن الهجوم الشامل على المدينة قد يؤدي إلى كارثة إنسانية واسعة النطاق ومزيد من الفظائع، نظرًا للكثافة السكانية العالية ووجود أعداد كبيرة من النازحين الذين لجأوا إليها من مناطق أخرى في دارفور.
سياق العلاقات الإيرانية السودانية
يكتسب الموقف الإيراني أهمية خاصة بالنظر إلى التطورات الأخيرة في العلاقات بين البلدين. ففي أكتوبر 2023، أعلنت طهران والخرطوم استئناف علاقاتهما الدبلوماسية رسميًا بعد قطيعة دامت نحو سبع سنوات. وكانت السودان قد قطعت علاقاتها مع إيران في عام 2016، تضامنًا مع المملكة العربية السعودية عقب الهجوم على بعثاتها الدبلوماسية في إيران. ويمثل استئناف العلاقات تحولًا في السياسة الخارجية السودانية، ويعكس سعي إيران لتعزيز نفوذها الدبلوماسي في منطقة القرن الأفريقي والبحر الأحمر.
الأهمية والدلالات الإقليمية
يُنظر إلى هذا البيان على أنه خطوة من جانب إيران لتأكيد حضورها كفاعل إقليمي معني باستقرار المنطقة، خاصة بعد عودتها الدبلوماسية إلى الساحة السودانية. ومن خلال إدانة العنف بشكل عام دون الانحياز لطرف معين في الصراع الداخلي، تسعى إيران إلى تقديم نفسها كوسيط محتمل أو على الأقل كصوت يدعو إلى الحلول السلمية. يأتي هذا الموقف في وقت تتنافس فيه قوى إقليمية ودولية متعددة على النفوذ في السودان، نظرًا لموقعه الاستراتيجي وموارده الطبيعية، مما يجعل أي تصريح أو تحرك دبلوماسي ذا أهمية في المشهد الجيوسياسي المعقد للمنطقة.





