إيران تعلن نهاية قيود الصواريخ الباليستية الأممية وسط تمسك غربي بالعقوبات
أعلنت وزارة الخارجية الإيرانية رسمياً في 18 أكتوبر 2023، عن انتهاء جميع القيود التي فرضها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على برنامجها للصواريخ الباليستية، بما في ذلك الأنشطة المتعلقة بنقل وتطوير التقنيات ذات الصلة. ويأتي هذا الإعلان تطبيقاً للجدول الزمني المنصوص عليه في قرار مجلس الأمن رقم 2231، الذي صادق على الاتفاق النووي المبرم عام 2015. وفي حين تعتبر طهران هذا التطور إنهاءً "غير مشروط" لالتزاماتها في هذا الإطار، أكدت القوى الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة والدول الأوروبية، أنها ستبقي على عقوباتها الخاصة، متهمة إيران بعدم الامتثال لبنود الاتفاق النووي.

خلفية الاتفاق النووي والقيود الأممية
يعود أصل هذه القيود إلى الاتفاق التاريخي المعروف باسم "خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA)"، الذي تم التوصل إليه في عام 2015 بين إيران ومجموعة القوى الكبرى (P5+1)، والتي تضم الولايات المتحدة، بريطانيا، فرنسا، روسيا، الصين، بالإضافة إلى ألمانيا. هدف الاتفاق إلى تقييد أنشطة إيران النووية بشكل كبير لضمان طبيعتها السلمية، مقابل رفع تدريجي للعقوبات الاقتصادية والدولية المفروضة عليها.
صادق مجلس الأمن الدولي على هذا الاتفاق من خلال القرار 2231، الذي لم يضع فقط إطاراً قانونياً دولياً للاتفاق، بل حدد أيضاً جدولاً زمنياً لانتهاء بعض القيود المحددة. وشملت هذه القيود حظراً على الأسلحة التقليدية انتهى في عام 2020، وقيوداً على برنامج الصواريخ الباليستية وتكنولوجيا الطائرات بدون طيار كان من المقرر أن تنتهي في 18 أكتوبر 2023. لكن مسار الاتفاق تعرض لانتكاسة كبرى في عام 2018 عندما قررت إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الانسحاب من جانب واحد وإعادة فرض عقوبات قاسية على طهران، مما دفع إيران إلى التراجع تدريجياً عن التزاماتها النووية.
المواقف المتباينة وردود الفعل الدولية
مع حلول الموعد النهائي لرفع القيود، تباينت المواقف بشكل حاد بين الأطراف المعنية، مما يعكس الانقسام العميق حول الملف الإيراني.
- الموقف الإيراني: أكدت طهران أن القيود قد رُفعت تلقائياً وبشكل كامل، وأنها لم تعد ملزمة بأي شكل من الأشكال بموجب قرار مجلس الأمن. ووصفت وزارة خارجيتها هذا اليوم بأنه انتصار للدبلوماسية والتعددية على الأحادية. كما شددت على حقها في تطوير قدراتها الدفاعية التقليدية لضمان أمنها القومي، مع التأكيد على التزامها بمبادئ عدم الانتشار.
- الموقف الغربي: أعلنت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا (مجموعة E3) أنها لن ترفع عقوباتها الوطنية المتعلقة ببرنامج الصواريخ والطائرات المسيرة الإيراني. وحجتهم الرئيسية هي أن إيران انتهكت بشكل صارخ التزاماتها بموجب الاتفاق النووي، خاصة فيما يتعلق بتخصيب اليورانيوم، وبالتالي لا تستحق الاستفادة من رفع القيود. كما عبروا عن قلقهم البالغ إزاء تزويد إيران لروسيا بطائرات بدون طيار لاستخدامها في أوكرانيا.
- موقف روسيا والصين: تدعم كل من موسكو وبكين الموقف الإيراني القائم على انتهاء القيود وفقاً للجدول الزمني المحدد في القرار الأممي. وتعارض الدولتان العقوبات الأحادية التي تفرضها الدول الغربية، وتعتبران أنها تقوض القانون الدولي ومصداقية مجلس الأمن.
الأهمية والتداعيات المحتملة
على الرغم من أن انتهاء القيود الأممية يعد مكسباً دبلوماسياً وقانونياً لإيران، إلا أن تأثيره العملي قد يكون محدوداً في المدى القصير بسبب استمرار شبكة العقوبات الأمريكية والأوروبية المعقدة. هذه العقوبات تمنع فعلياً معظم الدول والشركات من التعامل مع إيران في مجال التقنيات العسكرية الحساسة خوفاً من الإجراءات العقابية الغربية.
ومع ذلك، يفتح هذا التطور الباب أمام زيادة محتملة في التعاون العسكري والتقني بين إيران ودول مثل روسيا والصين، التي لا تلتزم بالعقوبات الغربية. كما أنه يعمق الخلافات داخل مجلس الأمن ويزيد من تعقيد الجهود الدبلوماسية المستقبلية الهادفة إلى إحياء الاتفاق النووي أو التوصل إلى ترتيبات أمنية جديدة في المنطقة. ويظل المشهد متوتراً، حيث تقف إيران عند مفترق طرق بين انتهاء القيود الدولية رسمياً واستمرار ضغط غربي لا هوادة فيه.