احتفالاً بعيد ميلادها: إنعام الجريتلي.. نصف قرن من الإبداع المتواصل في الفن المصري
مع حلول عيد ميلادها الأخير، يحتفي الوسط الفني المصري بمسيرة الفنانة القديرة إنعام الجريتلي، التي كرست ما يقرب من نصف قرن لإثراء الساحة الفنية بأعمالها المتنوعة والمتميزة. تُعد الجريتلي، بتاريخها الحافل، رمزًا للعطاء الفني المستمر، حيث تركت بصمات لا تُمحى عبر مشاركاتها المتعددة في المسرح والسينما والدراما التلفزيونية، مقدمةً أنماطًا مختلفة من الشخصيات التي حفرت مكانها في ذاكرة الجمهور.

مسيرة فنية بدأت في السبعينيات
بدأت الفنانة إنعام الجريتلي مشوارها الفني في بداية السبعينيات، في فترة كانت تشهد تطورًا ملحوظًا في المشهد الثقافي والفني المصري. تخرجت الجريتلي من المعهد العالي للفنون المسرحية، مما منحها أساسًا أكاديميًا متينًا صقل موهبتها الفطرية. منذ بداياتها، أظهرت قدرة فريدة على التكيف مع مختلف الأدوار والأنواع الفنية، ولم تكتفِ بالظهور في عمل واحد، بل سعت دائمًا إلى التنوع والبحث عن الشخصيات التي تمثل تحديًا فنيًا لها. هذا التنوع كان أحد أبرز السمات التي ميزت مسيرتها الطويلة، وجعلها من الفنانات الأكثر احترامًا وتقديرًا في الساحة الفنية.
تنوع الأدوار وبصمات خالدة
على مدار خمسة عقود، شاركت إنعام الجريتلي في مئات الأعمال الفنية، مقدمةً أدوارًا تراوحت بين الأم الحنون، والمرأة القوية، والشخصية المعقدة، والزوجة المخلصة، مما أظهر مرونتها وقدرتها على تجسيد أبعاد إنسانية مختلفة. وقد برعت في كل من:
- الدراما التلفزيونية: حيث قدمت أدوارًا محورية في العديد من المسلسلات التي تُعد علامات في تاريخ الدراما المصرية، مثل “ليالي الحلمية” و”ضمير أبلة حكمت” و”زيزينيا” و”أرابيسك”، وغيرها الكثير. كانت أدوارها غالبًا ما تضفي عمقًا خاصًا على السرد العام، وتترك انطباعًا قويًا لدى المشاهدين.
- السينما: رغم أن بصمتها الأبرز كانت في التلفزيون، إلا أنها شاركت في عدد من الأفلام السينمائية المهمة، مقدمة أداءً قويًا يثبت قدرتها على الشاشة الكبيرة. من أبرز أفلامها “رسائل البحر” و”أسرار البنات”.
- المسرح: كانت نقطة انطلاقها الأولى، وأسهمت في العديد من العروض المسرحية التي أكسبتها خبرة كبيرة في التفاعل المباشر مع الجمهور، وصقلت موهبتها في الأداء الحي.
تميزت الجريتلي بأسلوبها التمثيلي الهادئ والعميق، الذي يعتمد على التعبير الصادق والنضج الفني، بعيدًا عن التكلف. هذه القدرة على التقمص العميق للشخصيات جعلتها خيارًا مفضلاً للعديد من المخرجين الكبار الذين رأوا فيها ممثلة قادرة على إضافة أبعاد جديدة للنصوص.
تقدير ودور مؤثر في الوسط الفني
تُعتبر إنعام الجريتلي اليوم من الركائز الأساسية في الفن المصري، ليس فقط بسبب أعمالها الغزيرة، بل لدورها كقدوة للجيل الجديد من الفنانين. تحظى باحترام وتقدير واسعين من زملائها وجمهورها، وهي شخصية مؤثرة تُمثل استمرارية العطاء والإبداع. مسيرتها الفنية لم تكن مجرد سلسلة من الأدوار، بل كانت رحلة من التفاني والإخلاص لمهنة التمثيل، حيث سعت دائمًا لتقديم الأفضل والارتقاء بالمستوى الفني للأعمال التي تشارك فيها. هذا الالتزام هو ما جعلها تحافظ على مكانتها طوال هذه العقود، وتظل اسمًا لامعًا يُحتفى به في كل مناسبة.
في عيد ميلادها هذا، تبرز مسيرة إنعام الجريتلي كنموذج فريد للفنان الذي يظل مؤثرًا ومبدعًا على مدى عقود طويلة، مؤكدة أن الفن الحقيقي لا يرتبط بعمر زمني، بل بقدرة الفنان على تجديد نفسه وتقديم إضافة مستمرة للحركة الفنية.





