استعدادات مكثفة لإحياء الليلة الختامية لمولد الإمام الحسين بالقاهرة
شهدت العاصمة المصرية، وتحديداً منطقة مسجد الإمام الحسين، استعدادات تنظيمية واسعة وأجواءً احتفالية مع اقتراب موعد الليلة الختامية لمولد الإمام الحسين بن علي، والتي تُعد واحدة من أكبر الفعاليات الدينية والشعبية في البلاد. تتوج هذه الليلة أسبوعاً من الاحتفالات التي انطلقت في أواخر ديسمبر 2023 وبلغت ذروتها في الأسبوع الأول من يناير 2024، حيث توافد مئات الآلاف من المواطنين من مختلف المحافظات المصرية، بالإضافة إلى زوار من دول أخرى، للمشاركة في إحياء ذكرى ميلاد حفيد النبي محمد.

خلفية وأهمية الاحتفال
يحظى الإمام الحسين بمكانة روحية خاصة في الوجدان المصري، ويُعتبر مسجده في قلب القاهرة الفاطمية أحد أبرز المزارات الدينية. وتُعرف احتفالات الموالد في مصر، خاصة تلك المرتبطة بآل البيت، بأنها مناسبات تجمع بين الطقوس الدينية والمظاهر الثقافية العميقة. ويمثل مولد الحسين بشكل خاص حدثاً محورياً للطرق الصوفية التي تلعب دوراً أساسياً في تنظيم الفعاليات، حيث تجد في هذه المناسبة فرصة للتعبير عن محبتها لآل البيت من خلال مواكب الذكر والإنشاد الديني والفعاليات الخدمية.
الاستعدادات الرسمية والتنظيمية
تولت الجهات الرسمية، وعلى رأسها وزارة الأوقاف بالتنسيق مع مديرية أمن القاهرة، مهمة تنظيم الاحتفالات لضمان سلامة الزوار وانسيابية الحركة في محيط المسجد والمنطقة المجاورة. وشملت الإجراءات ما يلي:
- تكثيف التواجد الأمني لتنظيم دخول وخروج الحشود من ساحة المسجد والشوارع المحيطة.
- تخصيص مسارات محددة لمواكب الطرق الصوفية لتجنب التكدس المروري والازدحام الشديد.
- رفع حالة الاستعداد في المرافق الخدمية، بما في ذلك توفير فرق طبية وسيارات إسعاف للتعامل مع أي حالات طارئة.
- تنظيم الأنشطة داخل المسجد الذي شهد مؤخراً عمليات تطوير وتجديد واسعة، حيث تم التأكيد على الحفاظ على المظهر الحضاري للمسجد بعد افتتاحه بحلته الجديدة.
كما أشرفت المشيخة العامة للطرق الصوفية على تنظيم مشاركة أتباعها، حيث أقامت كل طريقة صوفية سرادقها الخاص المعروف بـ "الخدمة" لتقديم الطعام والشراب للمحتفلين، وهو تقليد يعكس قيم الكرم والتكافل الاجتماعي المرتبطة بهذه المناسبة.
مظاهر الاحتفال الشعبي
تتميز الليلة الختامية بأجواء فريدة تمتزج فيها الروحانيات بالاحتفالات الشعبية. انطلقت مواكب حاشدة من مناطق متفرقة بالقاهرة متجهة نحو مسجد الحسين، تتقدمها فرق الإنشاد الديني التي صدحت بالأناشيد والمدائح النبوية في حب آل البيت. كما انتشرت حلقات الذكر التي يؤدي فيها المريدون حركات إيقاعية متناغمة مع الأناشيد، مما يخلق مشهداً روحانياً مهيباً يجذب أنظار المشاركين. ولم تقتصر المشاركة على أتباع الطرق الصوفية، بل شملت عائلات وأفراداً من كافة شرائح المجتمع جاؤوا للتبرك والمشاركة في هذه الأجواء الروحانية التي تضيء قلب القاهرة التاريخية.
الأهمية الثقافية والاجتماعية
يُعد مولد الإمام الحسين أكثر من مجرد مناسبة دينية؛ فهو ظاهرة ثقافية واجتماعية تعكس جزءاً أصيلاً من الهوية المصرية. تمثل هذه الاحتفالات ملتقى سنوياً يعزز الروابط الاجتماعية ويحافظ على الموروثات الشعبية المتوارثة عبر الأجيال. كما أنها تساهم في تنشيط الحركة التجارية في منطقة الحسين وخان الخليلي، حيث ينتشر الباعة الجائلون الذين يعرضون الحلوى والألعاب والهدايا التذكارية، مما يضيف بعداً اقتصادياً للمناسبة. وفي المجمل، تظل الليلة الختامية لمولد الحسين حدثاً بارزاً يؤكد على عمق التدين الشعبي وارتباط المصريين بتاريخهم وتراثهم الروحي.





