شهدت العاصمة المصرية القاهرة، مساء السبت الموافق 28 أكتوبر 2023، الافتتاح الرسمي للمتحف المصري الكبير (GEM)، والذي يُعد أضخم صرح ثقافي في العالم مخصص لحضارة واحدة. وقد حضر هذا الحدث التاريخي الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى جانب لفيف من قادة وزعماء دول العالم ووفود دبلوماسية رفيعة المستوى، في احتفالية مهيبة عكست مكانة مصر الحضارية وسعيها لإعادة إحياء إرثها العريق على الساحة العالمية. لقطات الافتتاح أظهرت المباني الشاهقة والتحف المعروضة بأسلوب عصري، مقدمةً تجربة بصرية فريدة نالت إعجاب الحضور والمشاهدين حول العالم، وساهمت في تسليط الضوء على الإنجاز المعماري والثقافي الضخم الذي يمثل تتويجًا لسنوات من العمل الدؤوب.
افتتاح المتحف المصري الكبير: لقطات ومبانٍ ساحرة تخطف الأبصار
مثّل افتتاح المتحف المصري الكبير محطة فارقة في مسيرة مصر الثقافية والسياحية، إذ يهدف هذا الصرح العملاق إلى أن يصبح الوجهة العالمية الأولى لعرض كنوز الحضارة المصرية القديمة. وقد تخللت مراسم الافتتاح عروض ضوئية مبهرة وفقرات فنية مستوحاة من التاريخ المصري، جسدت الروعة المعمارية والتصميم المبتكر للمتحف الذي يقع على مقربة من أهرامات الجيزة الخالدة، مما يجعله جزءاً لا يتجزأ من المشهد الأثري العظيم.
خلفية وتطورات المشروع
تعود فكرة إنشاء المتحف المصري الكبير إلى أوائل التسعينيات، بهدف توفير مساحة أكبر وأكثر حداثة لاستيعاب العدد المتزايد من القطع الأثرية المصرية، خاصةً مجموعة الملك الذهبي توت عنخ آمون التي لم تُعرض بالكامل من قبل. فالمتحف المصري بالتحرير، الذي يعود تاريخ بنائه إلى عام 1902، لم يعد قادرًا على تلبية متطلبات الحفاظ والعرض الحديثة لتلك المجموعة الفريدة وغيرها من الكنوز الأثرية.
- التصميم المعماري: فازت شركة هينجانغ آند بارتنرز الأيرلندية بمسابقة التصميم العالمية عام 2003، مقدمةً رؤية معمارية تجمع بين الأصالة والمعاصرة.
- التمويل والدعم: اعتمد المشروع بشكل كبير على القروض الميسرة من الحكومة اليابانية، بالإضافة إلى مساهمات من الحكومة المصرية ومانحين دوليين.
- الجدول الزمني: بدأ العمل في المتحف عام 2006، وواجه تحديات متعددة أدت إلى تأجيل الافتتاح عدة مرات، لكن الإصرار المصري على إنجاز هذا المشروع العملاق ظل دافعاً رئيسياً لاستكماله.
يتميز المتحف المصري الكبير بموقعه الاستراتيجي الذي يبعد كيلومترين فقط عن أهرامات الجيزة، مما يوفر تجربة سياحية متكاملة تربط الزائر بين عظمة الصرح الحديث وعبقرية الأهرامات القديمة. كما يضم المتحف مركزاً عالمياً لترميم الآثار هو الأكبر من نوعه في الشرق الأوسط، مما يؤكد التزام مصر بالحفاظ على تراثها للأجيال القادمة.
المعروضات والميزات الفريدة
يعرض المتحف المصري الكبير مجموعة ضخمة تضم أكثر من 100 ألف قطعة أثرية، تمثل الحضارة المصرية عبر عصورها المختلفة، بدءاً من عصر ما قبل الأسرات وحتى العصر اليوناني الروماني. وتعد أبرز هذه المعروضات هي المجموعة الكاملة لكنوز الملك توت عنخ آمون، والتي تضم حوالي 5 آلاف قطعة، يتم عرضها لأول مرة بشكل متكامل داخل قاعات مخصصة لهذا الغرض.
- تمثال رمسيس الثاني: يستقبل الزوار تمثال ضخم للملك رمسيس الثاني يبلغ ارتفاعه 11 متراً، والذي نُقل من موقعه السابق في ميدان رمسيس بالقاهرة، ليُصبح أيقونة مدخل المتحف.
- الدرج العظيم: يضم الدرج العظيم تماثيل ملكية ضخمة ولوحات جدارية تحكي قصة الحضارة المصرية، ممهداً الطريق نحو القاعات الرئيسية.
- تقنيات العرض الحديثة: يستخدم المتحف أحدث التقنيات التفاعلية والوسائط المتعددة لتقديم تجربة تعليمية وترفيهية غامرة للزوار، بعيداً عن أساليب العرض التقليدية.
- قاعات العرض الرئيسية: تنظم المعروضات بشكل زمني وموضوعي، مما يتيح للزوار فهم تطور الحضارة المصرية وعمقها الفني والديني.
الأهمية والتأثير المتوقع
لا يقتصر دور المتحف المصري الكبير على كونه مجرد مكان لعرض الآثار، بل يتجاوز ذلك ليصبح مركزاً ثقافياً وبحثياً رائداً على مستوى العالم. يمثل المتحف إنجازاً وطنياً يعزز من مكانة مصر كمركز للحضارة الإنسانية، ويساهم بشكل مباشر في دعم الاقتصاد الوطني.
- تعزيز السياحة: من المتوقع أن يجذب المتحف ملايين الزوار سنوياً، مما يعزز قطاع السياحة المصري ويزيد من الإيرادات الأجنبية.
- خلق فرص عمل: يوفر المشروع الآلاف من فرص العمل المباشرة وغير المباشرة في قطاعات السياحة والضيافة والخدمات.
- الدبلوماسية الثقافية: يعزز المتحف من دور مصر في الحوار الثقافي العالمي، ويعرض كنوزها الحضارية للعالم بأسره.
- التعليم والبحث: يوفر المتحف بيئة مثالية للباحثين والأكاديميين لدراسة الحضارة المصرية، كما يقدم برامج تعليمية للزوار من مختلف الأعمار.
يعتبر المتحف المصري الكبير شاهداً على قدرة مصر على تنفيذ مشاريع ضخمة وفقاً للمعايير العالمية، ويُرسخ مكانتها كحارس أمين لتراث الإنسانية. الافتتاح الرسمي للمتحف يعد بداية فصل جديد في قصة الحضارة المصرية العريقة، وخطوة نحو مستقبل سياحي وثقافي أكثر إشراقاً.





