الإكوادور تعلن حالة الطوارئ في 10 مقاطعات لمواجهة احتجاجات ضد رفع الدعم عن الوقود
أعلنت الحكومة الإكوادورية، بقيادة الرئيس دانييل نوبوا، فرض حالة الطوارئ في عشر مقاطعات رئيسية في البلاد، وذلك في استجابة مباشرة للاحتجاجات المتصاعدة التي اندلعت عقب قرار إلغاء الدعم الحكومي عن أسعار الوقود. ويهدف هذا الإجراء، الذي دخل حيز التنفيذ مؤخراً، إلى استعادة النظام العام والسيطرة على المظاهرات التي شملت إغلاق طرق رئيسية ومواجهات بين المتظاهرين وقوات الأمن.

خلفية القرار وأسباب الاحتجاجات
يكمن السبب الرئيسي وراء موجة الغضب الشعبي في قرار الحكومة إنهاء الدعم المستمر منذ عقود على أسعار البنزين من نوعي "إكسترا" و"إيكوباييس"، وهما الأكثر استهلاكاً في البلاد. وتأتي هذه الخطوة كجزء من حزمة إصلاحات اقتصادية تهدف إلى خفض العجز المالي الكبير في ميزانية الدولة، وتلبية الشروط المرتبطة باتفاق تمويل مع صندوق النقد الدولي. وبررت الحكومة القرار بأنه يستهدف مكافحة تهريب الوقود إلى الدول المجاورة وتوجيه الموارد المالية نحو قطاعات أكثر أهمية مثل الصحة والتعليم.
فور الإعلان عن القرار، دعت كبرى النقابات والاتحادات إلى التظاهر، وفي مقدمتها اتحادات النقل، والمنظمات الطلابية، واتحاد القوميات الأصلية في الإكوادور (CONAIE)، الذي يمتلك تاريخاً طويلاً في قيادة الاحتجاجات ضد سياسات التقشف. ويرى المحتجون أن رفع الدعم سيؤدي إلى زيادة كبيرة في تكاليف النقل والسلع الأساسية، مما سيؤثر بشكل غير متناسب على الطبقات العاملة والفقيرة والمجتمعات الريفية.
تفاصيل حالة الطوارئ وتطورات الموقف
تمنح حالة الطوارئ، التي تم تحديد مدتها الأولية بـ 60 يوماً، صلاحيات واسعة للسلطة التنفيذية، بما في ذلك نشر القوات المسلحة في الشوارع للمساعدة في حفظ الأمن، وتقييد بعض الحقوق الدستورية مثل حرية التجمع والتنقل في المناطق المتأثرة. وتشمل المقاطعات العشر التي تم إعلان الطوارئ فيها مناطق حيوية واستراتيجية شهدت أكبر زخم للاحتجاجات، بما في ذلك المقاطعات التي تضم العاصمة كيتو ومدينة غواياكيل الساحلية.
شهدت الأيام القليلة الماضية تصاعداً في وتيرة الاحتجاجات، حيث قام المتظاهرون بإغلاق طرق سريعة رئيسية تربط بين المدن، مما أدى إلى تعطيل حركة النقل والبضائع. كما اندلعت اشتباكات متفرقة بين المحتجين وقوات الشرطة في عدة مدن، وأفادت تقارير محلية بوقوع إصابات وتنفيذ اعتقالات في صفوف المتظاهرين. وقد هددت نقابات النقل بتنفيذ إضراب وطني شامل في حال لم تتراجع الحكومة عن قرارها.
مواقف الأطراف المعنية
يدافع الرئيس دانييل نوبوا وفريقه الحكومي عن القرار باعتباره "ضرورة لا مفر منها" لضمان استقرار اقتصاد البلاد على المدى الطويل. وأكدت الحكومة أنها وضعت آليات لتقديم تعويضات مباشرة لقطاعات معينة، مثل سائقي سيارات الأجرة ووسائل النقل الصغيرة، للتخفيف من أثر ارتفاع أسعار الوقود، إلا أن هذه الإجراءات لم تنجح في تهدئة الشارع.
في المقابل، تصر الحركات الاحتجاجية، وعلى رأسها اتحاد (CONAIE)، على أن إلغاء القرار هو الشرط الوحيد لبدء أي حوار مع الحكومة. ويطالب قادة الاحتجاجات بفتح نقاش مجتمعي أوسع حول السياسات الاقتصادية للبلاد، مؤكدين أن الإجراءات الحالية تكرس نموذجاً اقتصادياً يضر بالفئات الأكثر ضعفاً.
التأثيرات والسياق التاريخي
أثرت الاحتجاجات وإغلاق الطرق بشكل مباشر على الحياة اليومية للمواطنين وعلى النشاط الاقتصادي، حيث بدأت بعض المدن تعاني من نقص في إمدادات السلع الأساسية. ويثير الوضع الحالي مخاوف من تكرار سيناريو أكتوبر 2019، عندما أدت احتجاجات عنيفة قادها أيضاً السكان الأصليون ضد محاولة مماثلة لرفع الدعم عن الوقود من قبل حكومة الرئيس السابق لينين مورينو، إلى إجبار الحكومة على التراجع عن قرارها بعد 11 يوماً من الفوضى والشلل الذي أصاب البلاد.
يمثل هذا التحدي اختباراً حقيقياً لإدارة الرئيس نوبوا، حيث يجد نفسه في مواجهة بين الحاجة الملحة لتنفيذ إصلاحات اقتصادية مؤلمة وبين ضغط الشارع الذي يرفض تحمل تبعاتها الاجتماعية.





