الإمارات أمام مجلس الأمن: طرفا الصراع في السودان استبعدا نفسيهما من رسم مستقبل البلاد
في جلسة لمجلس الأمن الدولي عُقدت مؤخراً لمناقشة الوضع المتدهور في السودان، وجهت دولة الإمارات العربية المتحدة انتقاداً حاداً لطرفي النزاع، مؤكدة أن كلاً من القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع قد استبعدا نفسيهما من أي دور في تشكيل مستقبل البلاد. جاء هذا الموقف على لسان المندوب الدائم للإمارات لدى الأمم المتحدة، محمد أبو شهاب، الذي دعا المجتمع الدولي إلى تحويل تركيزه نحو القوى المدنية السودانية بدلاً من الأطراف المتحاربة التي تسببت في كارثة إنسانية واسعة النطاق.
خلفية الصراع والأزمة الإنسانية
اندلع النزاع في السودان في أبريل 2023 بين الجيش السوداني بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي). ومنذ ذلك الحين، دخلت البلاد في دوامة من العنف أدت إلى مقتل عشرات الآلاف، وتشريد ما يزيد عن 10 ملايين شخص، ودفعت الملايين إلى حافة المجاعة. تركزت التطورات الأخيرة بشكل خطير حول مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، حيث فرضت قوات الدعم السريع حصاراً خانقاً عليها، مما أدى إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية بشكل مأساوي وتهديد حياة مئات الآلاف من المدنيين المحاصرين.
تفاصيل الموقف الإماراتي
خلال كلمته أمام مجلس الأمن، شدد السفير أبو شهاب على أن استمرار الحرب لأكثر من عام أثبت أن الطرفين العسكريين لا يملكان رؤية لمستقبل السودان سوى استمرار القتال. وأوضح أن الإمارات، وبغض النظر عما وصفه بـ "الأكاذيب المكررة" في إشارة إلى اتهامات دعم بلاده لأحد الأطراف، ترى بوضوح أن كلا الجانبين فقدا أهليتهما لقيادة المرحلة المقبلة. ودعا إلى ضرورة تبني المجتمع الدولي لهذه الحقيقة والبدء في التعامل بجدية مع الفاعلين المدنيين الذين يمثلون تطلعات الشعب السوداني في السلام والديمقراطية.
- الدعوة لدعم المدنيين: أكد أبو شهاب أن الحل لا يمكن أن يأتي من "جلادي السودان"، بل من المدنيين الذين يسعون لبناء دولة مستقرة.
- إدانة العنف في الفاشر: أدانت الإمارات بشدة الهجمات التي تستهدف المدنيين في الفاشر، معتبرة إياها انتهاكاً صارخاً للقانون الإنساني الدولي.
- مطالبة بالمساءلة: دعا المندوب الإماراتي المجتمع الدولي إلى ضمان تقديم جميع المسؤولين عن الفظائع المرتكبة إلى العدالة.
تبادل الاتهامات والسياق الدولي
جاءت كلمة المندوب الإماراتي رداً مباشراً وقوياً على الاتهامات المتكررة التي يوجهها مندوب السودان لدى الأمم المتحدة، الحارث إدريس، الذي اتهم الإمارات في عدة جلسات سابقة بتسليح قوات الدعم السريع وتأجيج الصراع. وقد نفى أبو شهاب هذه الادعاءات بشكل قاطع، واصفاً إياها بأنها محاولة لصرف الانتباه عن مسؤولية الأطراف المتحاربة عن تدمير البلاد. وتعكس هذه المواجهة الدبلوماسية التوترات الإقليمية المحيطة بالصراع السوداني، حيث تلعب القوى الخارجية أدواراً معقدة.
الأهمية والتداعيات المستقبلية
تكمن أهمية هذا التصريح في كونه موقفاً علنياً وحاسماً من دولة الإمارات، وهي لاعب إقليمي رئيسي يُنظر إليه على أنه ذو نفوذ في الأزمة السودانية. يمثل هذا الخطاب محاولة لإعادة تشكيل السردية الدولية حول الصراع، من خلال التأكيد على عدم شرعية الطرفين المتحاربين والدفع نحو حل سياسي يقوده المدنيون. كما يأتي في سياق جهود دولية متزايدة للضغط من أجل وقف إطلاق النار، بما في ذلك قرار مجلس الأمن الأخير الذي طالب قوات الدعم السريع بإنهاء حصار الفاشر. يبقى مستقبل السودان معلقاً، لكن هذه المواقف الدبلوماسية تشير إلى تغير محتمل في ديناميكيات الضغط الدولي على أطراف النزاع.





