البرهان يؤكد من مطار الخرطوم التزامه بإنهاء تمرد الدعم السريع
في خطوة ذات دلالات رمزية وعسكرية هامة، تفقد رئيس مجلس السيادة السوداني والقائد العام للجيش، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، مطار الخرطوم الدولي يوم الثلاثاء، 29 أكتوبر 2024، في أول زيارة له للمنشأة الحيوية منذ اندلاع الصراع قبل أكثر من عام ونصف. ووجه البرهان من هناك رسالة قوية، مؤكداً على استمرار العمليات العسكرية حتى تحقيق النصر الكامل على قوات الدعم السريع، التي وصفها بـ"التمرد"، وتعهد بعدم السماح لها بالعودة مرة أخرى إلى المشهد.
تفاصيل الزيارة وأبرز التصريحات
ظهر البرهان وسط جنود وضباط من القوات المسلحة في محيط المطار، حيث ألقى كلمة شدد فيها على أن الهدف الأسمى للجيش هو "دحر هذا التمرد وسحقه تماماً". وأضاف أن لا مجال لأي تسوية أو اتفاق يمنح قوات الدعم السريع أي دور في مستقبل البلاد، مؤكداً أن المعركة ستستمر حتى يتم القضاء على هذا "السرطان" من جسد الدولة السودانية، على حد تعبيره. كما أشار إلى أن جهود الجيش تهدف إلى إعادة بسط سلطة الدولة، وتأمين العاصمة، وتمكين المواطنين النازحين من العودة إلى ديارهم بأمان.
الأهمية الرمزية والاستراتيجية للزيارة
تكتسب هذه الزيارة أهمية بالغة لعدة أسباب؛ فعلى الصعيد الرمزي، يمثل مطار الخرطوم أحد أبرز رموز السيادة الوطنية وأول المواقع الاستراتيجية التي سيطرت عليها قوات الدعم السريع في الساعات الأولى من اندلاع الحرب في أبريل 2023. وبالتالي، فإن ظهور البرهان فيه يهدف إلى إيصال رسالة بأن الجيش يستعيد زمام المبادرة ويسيطر على مواقع حيوية في قلب العاصمة. كما تعتبر الزيارة بمثابة دفعة معنوية كبيرة للقوات المسلحة التي تخوض معارك ضارية في مختلف أنحاء البلاد. أما من الناحية الاستراتيجية، فإن تأمين المطار بشكل كامل يمثل خطوة حاسمة نحو استعادة السيطرة على الخرطوم، وقد يمهد الطريق مستقبلاً لإعادة فتح المطار أمام حركة الملاحة الجوية أو على الأقل استخدامه لأغراض لوجستية وعسكرية بشكل آمن.
خلفية الصراع والسياق الحالي
اندلع النزاع في السودان في منتصف أبريل 2023 نتيجة صراع على السلطة بين الجيش بقيادة البرهان وقوات الدعم السريع شبه العسكرية بقيادة نائبه السابق، الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي). سرعان ما تحول الخلاف إلى حرب شاملة، تركزت في البداية في العاصمة الخرطوم قبل أن تمتد إلى مناطق أخرى، خاصة في إقليمي دارفور وكردفان. خلال الأشهر الأخيرة، شهدت جبهات القتال تحولات ملحوظة، حيث أفادت تقارير بأن الجيش السوداني أحرز تقدماً في عدة محاور بمدينة أم درمان، وتمكن من فك الحصار جزئياً عن بعض قواعده العسكرية، معتمداً على استراتيجيات جديدة تشمل استخدام الطائرات المسيرة والعمليات النوعية. وتأتي زيارة البرهان للمطار في سياق هذه التطورات الميدانية، لتعزيز صورة التقدم الذي يحققه الجيش.
الوضع الإنساني وتداعيات الصراع
خلف الصراع المستمر كارثة إنسانية واسعة النطاق. فقد أدى القتال إلى مقتل عشرات الآلاف، وتشريد ما يزيد عن 10 ملايين شخص بين نازحين داخل البلاد ولاجئين إلى دول الجوار، مما خلق واحدة من أكبر أزمات النزوح في العالم. وتعاني العاصمة والعديد من المدن الأخرى من دمار هائل في البنية التحتية، وانهيار شبه كامل للخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم، فضلاً عن نقص حاد في الغذاء ومياه الشرب. وفي ظل هذه الظروف المأساوية، تبقى تصريحات البرهان حول إعادة النازحين هدفاً بعيد المنال ما لم يتم التوصل إلى وقف شامل لإطلاق النار واستعادة الأمن بشكل دائم في المناطق المتضررة.



