الجيش السوداني يحدد شرطًا أساسيًا لوقف القتال مع قوات الدعم السريع
أكدت القيادة العامة للقوات المسلحة السودانية على موقفها الثابت والمتمثل في وضع شرط أساسي وحاسم للدخول في أي هدنة أو عملية تفاوضية جديدة تهدف إلى إنهاء الصراع الدائر في البلاد مع قوات الدعم السريع. ويتمحور هذا الشرط، الذي وصفته مصادر عسكرية بأنه غير قابل للتفاوض، حول ضرورة انسحاب قوات الدعم السريع بشكل كامل من جميع المدن والمناطق السكنية التي سيطرت عليها منذ بدء النزاع.

خلفية الصراع
اندلعت المواجهات المسلحة بين الجيش السوداني بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو "حميدتي"، في أبريل 2023. نشأ الصراع نتيجة لخلافات عميقة حول عملية دمج قوات الدعم السريع في الجيش الوطني والإطار الزمني لتسليم السلطة للمدنيين، مما أدى إلى انهيار العملية السياسية وتحول العاصمة الخرطوم ومدن أخرى إلى ساحات قتال مفتوحة.
تفاصيل الشرط المحوري للجيش
يشدد الجيش السوداني على أن شرطه لا يقتصر على مجرد وقف لإطلاق النار، بل يتطلب إجراءات ملموسة على الأرض تسبق أي محادثات جادة. وتتضمن هذه الإجراءات بشكل رئيسي:
- إخلاء جميع منازل المواطنين والمقار الحكومية والمرافق الخدمية التي استولت عليها قوات الدعم السريع.
 - الانسحاب من المستشفيات والمؤسسات التعليمية والمرافق الحيوية مثل محطات المياه والكهرباء.
 - تجميع قوات الدعم السريع في مواقع محددة متفق عليها خارج النطاق العمراني للمدن الرئيسية، تمهيدًا لمناقشة الترتيبات الأمنية المستقبلية.
 
وترى قيادة الجيش أن وجود قوات الدعم السريع داخل الأحياء السكنية يمثل انتهاكًا للقانون الدولي الإنساني والسبب المباشر في تفاقم الأزمة الإنسانية، حيث حوّل هذه المناطق إلى دروع بشرية وأهداف عسكرية، مما حال دون وصول المساعدات وأدى إلى انهيار الخدمات الأساسية.
جهود الوساطة والتحديات القائمة
على الرغم من الجهود الإقليمية والدولية المتعددة، خاصة عبر منبر جدة برعاية المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة، فإن جميع اتفاقيات وقف إطلاق النار السابقة لم تصمد طويلاً، حيث تبادل الطرفان الاتهامات بخرقها. ويمثل تمسك الجيش بشرطه المسبق عقبة رئيسية أمام استئناف المفاوضات، إذ تعتبره قوات الدعم السريع محاولة لفرض الاستسلام وإملاء شروط قبل بدء الحوار السياسي الشامل الذي تطالب به. في المقابل، يرفض الجيش التفاوض بينما لا تزال قوات الدعم السريع تحتل المدن وتسيطر على مقدرات الدولة وممتلكات المواطنين.
الأهمية والتداعيات الإنسانية
يعكس هذا الموقف المتصلب عمق انعدام الثقة بين الطرفين المتحاربين ويعقّد مساعي التوصل إلى حل سلمي. يستمر الصراع في التسبب بكارثة إنسانية واسعة النطاق، مع نزوح ملايين الأشخاص داخليًا ولجوء مئات الآلاف إلى دول الجوار. ويبقى الشرط الذي وضعه الجيش السوداني نقطة محورية تحدد مستقبل أي جهود سلام قادمة، حيث يربط بين وقف الأعمال العدائية وإعادة الحد الأدنى من الأمان للمدنيين كخطوة أولى لا غنى عنها نحو بناء سلام مستدام في السودان.





