الداخلية المصرية تضبط صانعة محتوى شهيرة بمصر الجديدة بتهمة نشر مواد منافية للآداب العامة
في إطار حملتها المستمرة لمكافحة الجرائم الإلكترونية التي تمس القيم الأخلاقية للمجتمع، أعلنت وزارة الداخلية المصرية، في بلاغ صدر الثلاثاء الموافق 14 مايو 2024، عن تمكن قطاع الشرطة المتخصصة، ممثلاً في الإدارة العامة لحماية الآداب، من إلقاء القبض على إحدى صانعات المحتوى الشهيرات في منطقة مصر الجديدة بمحافظة القاهرة. وجاء هذا الإجراء عقب رصد عدة مقاطع فيديو وصور نُشرت على صفحات المتهمة عبر منصات التواصل الاجتماعي المختلفة، والتي اعتبرتها السلطات خادشة للحياء وتتنافى مع الآداب العامة وقيم المجتمع المصري.

تأتي هذه الخطوة في سياق جهود الدولة المصرية لفرض رقابة على المحتوى الرقمي ومواجهة ما يُعرف بـ "المحتوى الهابط" الذي قد يؤثر سلبًا على النشء والقيم المجتمعية. وقد أشارت التقارير الأولية إلى أن عمليات الرصد والمتابعة التي قامت بها فرق متخصصة كشفت عن تكرار المتهمة لنشر مواد اعتبرت منافية للذوق العام، مما استدعى التدخل الأمني والقانوني.
خلفية وتطورات القضية
لم تكن هذه الواقعة هي الأولى من نوعها في مصر، حيث شهدت السنوات الأخيرة تزايدًا ملحوظًا في قضايا ضبط صانعات وصناع محتوى بتهم مماثلة تتعلق بنشر مقاطع فيديو وصور "غير لائقة" أو "تحرض على الفسق والفجور". وقد استندت السلطات في كثير من هذه الحالات إلى مواد قانون العقوبات المصري وقانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018، الذي يجرم العديد من الممارسات على الإنترنت، بما في ذلك المحتوى الذي يخل بالآداب العامة.
- عمليات الرصد: بدأت القضية بمتابعة دقيقة من قبل الإدارة العامة لحماية الآداب لعدد من الصفحات والحسابات على منصات مثل تيك توك وفيسبوك وإنستغرام، حيث لوحظ انتشار واسع للمقاطع محل الشكوى.
 - بلاغات المواطنين: يُعتقد أن عددًا من البلاغات الواردة من المواطنين لعب دورًا في تسريع وتيرة التحقيقات، حيث تزايد الوعي المجتمعي بأهمية الإبلاغ عن المحتوى الذي يُنظر إليه على أنه مخل بالآداب.
 - إجراءات الضبط: بعد التأكد من صحة المعلومات وجمع الأدلة اللازمة، تم استصدار إذن النيابة العامة، ليتم على إثره ضبط صانعة المحتوى في محل إقامتها بمصر الجديدة. وقد تم التحفظ على الأجهزة الإلكترونية الخاصة بها، بما في ذلك الهواتف المحمولة وأجهزة الحاسوب، لفحصها واستخراج المزيد من الأدلة.
 
تضمنت تفاصيل الضبط، التي أوردتها مصادر أمنية، إجراء التحقيقات الأولية مع المتهمة للاستماع إلى أقوالها وتوضيح طبيعة المحتوى المنشور ونواياها من وراء نشره. ومن المتوقع أن تُحال القضية إلى النيابة العامة لاستكمال التحقيقات واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، بما في ذلك تحديد التهم الموجهة وإمكانية حبسها على ذمة التحقيق.
أهمية الخبر وتأثيره
يحمل هذا الخبر دلالات متعددة ويؤكد على عدة نقاط محورية تتعلق بالسياسة العامة للدولة تجاه الفضاء الرقمي والقيم المجتمعية:
- التأكيد على سيادة القانون: يُظهر الإجراء الأمني جدية السلطات في تطبيق القوانين المتعلقة بالآداب العامة ومكافحة الجريمة الإلكترونية، حتى في مواجهة شخصيات تتمتع بشهرة واسعة على الإنترنت.
 - رسالة لصناع المحتوى: يُعد هذا الضبط بمثابة رسالة واضحة لكل من يعمل في مجال صناعة المحتوى الرقمي بضرورة الالتزام بالمعايير الأخلاقية والقانونية السائدة في المجتمع، وتجنب نشر أي مواد قد تُفسر على أنها خادشة للحياء أو منافية للقيم.
 - الجدل المجتمعي: غالبًا ما تثير مثل هذه القضايا جدلاً واسعًا في الأوساط المجتمعية، حيث يتنازع الرأي العام بين مؤيد لتطبيق القانون لحماية الأخلاق والقيم، وبين من يرى في هذه الإجراءات تقييدًا لحرية التعبير أو تدخلًا في الحريات الشخصية، وإن كان الإجماع العام في مصر يميل إلى دعم الإجراءات ضد المحتوى الذي يُعتبر "غير لائق".
 - تعزيز الرقابة الرقمية: تشير هذه الحادثة إلى استمرار جهود الأجهزة الأمنية في تعزيز قدراتها على رصد وتتبع المحتوى الرقمي المخالف للقوانين، مما يعكس توجهًا عالميًا نحو تكييف التشريعات لمواجهة تحديات الفضاء السيبراني.
 
إن التعامل مع ظاهرة المحتوى الرقمي المخالف يمثل تحديًا معقدًا للسلطات، فهو يتطلب موازنة دقيقة بين حماية المجتمع وقيمه، وبين ضمان الحريات الفردية وحرية التعبير، وهو ما تسعى التشريعات المصرية إلى تحقيقه في إطار إرساء قواعد سلوك رقمي يتوافق مع النسيج الثقافي والديني للبلاد. وقد تم تداول تفاصيل هذه الواقعة على نطاق واسع عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، ما يعكس الاهتمام المتزايد من قبل الجمهور بمثل هذه القضايا التي تمس الأخلاق العامة والقانون.





