الدعم السريع يعتقل القيادي 'أبو لولو' على خلفية انتهاكات في الفاشر
في خطوة لافتة، أعلنت قوات الدعم السريع في السودان، خلال الأسبوع الأول من شهر يونيو 2024، عن إلقاء القبض على أحد عناصرها المعروف بلقب "أبو لولو"، إلى جانب آخرين، بتهمة ارتكاب "تجاوزات" وانتهاكات بحق المدنيين في مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور. يأتي هذا الإعلان في وقت حرج، حيث تشهد المدينة حصاراً ومعارك ضارية بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني وحلفائه من الحركات المسلحة، مما أدى إلى كارثة إنسانية متفاقمة.

خلفية الأحداث في مدينة الفاشر
تكتسب مدينة الفاشر أهمية استراتيجية كبرى، فهي المركز الإداري لولاية شمال دارفور وآخر معاقل الجيش السوداني في إقليم دارفور الشاسع. منذ أسابيع، تفرض قوات الدعم السريع حصاراً خانقاً على المدينة، وتشن هجمات متكررة في محاولة للسيطرة عليها، مما وضع حياة أكثر من 1.5 مليون شخص، من بينهم مئات الآلاف من النازحين، في خطر داهم. وقد وثقت منظمات دولية وأممية استهدافاً للمستشفيات، ونهباً للممتلكات، ووقوع أعداد كبيرة من الضحايا المدنيين جراء القصف العشوائي والاشتباكات المباشرة.
تفاصيل إعلان الدعم السريع
وفقاً للبيانات الصادرة عن الدعم السريع، فإن عملية الاعتقال جاءت استجابة لشكاوى من مواطنين وبناءً على تحقيقات داخلية. وأكدت القوات في بيانها أنها لن تتهاون مع أي من منسوبيها يرتكب جرائم أو انتهاكات، مشددة على التزامها بمبادئ القانون الدولي الإنساني. تم وصف "أبو لولو" بأنه جندي تورط في أعمال نهب وترويع للسكان، وقد تم تقديمه مع بقية المتهمين إلى القضاء العسكري التابع للدعم السريع لمحاكمتهم. وتعتبر هذه الخطوة نادرة من حيث إعلان القوات بشكل رسمي عن محاسبة أفرادها على جرائم ارتكبت خلال النزاع الحالي.
الأهمية والدلالات
يثير اعتقال "أبو لولو" تساؤلات حول دوافعه وتوقيته. يرى بعض المراقبين أن الإعلان قد يكون محاولة من قيادة الدعم السريع لتحسين صورتها التي تضررت بشدة جراء اتهامات واسعة النطاق بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، خاصة في دارفور. وتواجه القوات ضغوطاً دولية متزايدة لإنهاء حصار الفاشر ووقف الهجمات على المدنيين. وفي المقابل، يرى آخرون أن هذه الخطوة قد تعكس وجود صراعات داخلية أو رغبة في فرض الانضباط على بعض العناصر المتفلتة التي تضر بعملياتها العسكرية وسمعتها.
- محاولة لتحسين الصورة: تأتي الخطوة في ظل تقارير أممية وحقوقية تتهم قوات الدعم السريع وحلفاءها من المليشيات العربية بارتكاب فظائع، بما في ذلك التطهير العرقي، في مناطق أخرى من دارفور مثل الجنينة.
 - رسالة داخلية: قد يهدف الاعتقال إلى توجيه رسالة لبقية المقاتلين بضرورة الالتزام بالأوامر وعدم الانخراط في أعمال نهب قد تثير غضب المجتمعات المحلية.
 - استجابة للضغوط: تتزامن هذه التطورات مع دعوات دولية عاجلة لفرض عقوبات على معرقلي السلام ومحاسبة مرتكبي الجرائم في السودان.
 
السياق الأوسع للحرب والانتهاكات
اندلعت الحرب في السودان في أبريل 2023 بين الجيش بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو "حميدتي". ومنذ ذلك الحين، خلف الصراع آلاف القتلى وملايين النازحين واللاجئين، وأوصل البلاد إلى حافة المجاعة. ويُعتبر إقليم دارفور من أكثر المناطق تضرراً، حيث أعادت الحرب إحياء التوترات العرقية القديمة، ووجهت اتهامات للدعم السريع بتكرار نفس الانتهاكات التي ارتكبتها ميليشيا الجنجويد، التي تشكلت منها قوات الدعم السريع، خلال نزاع دارفور في أوائل الألفية.
يبقى اعتقال "أبو لولو" حدثاً معزولاً في ظل استمرار ورود تقارير عن انتهاكات ممنهجة وواسعة النطاق. وتطالب المنظمات الحقوقية بآليات تحقيق دولية مستقلة لضمان عدم إفلات مرتكبي الجرائم من العقاب، بدلاً من الاعتماد على التحقيقات الداخلية للأطراف المتحاربة، والتي غالباً ما تفتقر إلى الشفافية والمصداقية.