الذهب يتخلى عن مكاسبه القياسية ويتراجع مع ترقب المستثمرين لبيانات التضخم الحاسمة
شهدت أسعار الذهب تراجعًا ملحوظًا في تداولات هذا الأسبوع، لتبتعد عن مستوياتها المرتفعة التي سجلتها مؤخرًا. يأتي هذا الانخفاض في ظل حالة من الترقب والحذر تسود الأسواق قبيل صدور بيانات اقتصادية أمريكية بالغة الأهمية، مما يهدد بإنهاء أطول سلسلة مكاسب أسبوعية للمعدن النفيس منذ عدة سنوات، والتي استمرت لتسعة أسابيع متتالية.
أسباب التراجع الحالي
يعود السبب الرئيسي وراء الضغط البيعي على الذهب إلى حالة الترقب التي تسبق صدور بيانات مؤشر أسعار المستهلكين (CPI) في الولايات المتحدة. هذه البيانات تعد مقياسًا رئيسيًا للتضخم، وتؤثر بشكل مباشر على قرارات السياسة النقدية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي). يتجه المستثمرون إلى بيع الذهب لجني الأرباح بعد موجة الصعود القوية، مفضلين انتظار وضوح الرؤية بشأن مسار أسعار الفائدة في المستقبل.
- ترقب بيانات التضخم: يخشى المستثمرون من أن تأتي بيانات التضخم أعلى من المتوقع، مما قد يدفع الاحتياطي الفيدرالي إلى الاستمرار في تشديد سياسته النقدية ورفع أسعار الفائدة مجددًا، وهو ما يقلل من جاذبية الذهب الذي لا يدر عائدًا.
- قوة الدولار الأمريكي: تزامن تراجع الذهب مع ارتفاع طفيف في مؤشر الدولار الأمريكي. قوة الدولار تجعل الذهب المسعّر به أكثر تكلفة للمشترين من حاملي العملات الأخرى، مما يؤدي إلى تراجع الطلب عليه.
- عمليات جني الأرباح: بعد تحقيق مكاسب كبيرة على مدار تسعة أسابيع، يعتبر الانخفاض الحالي حركة تصحيحية طبيعية، حيث يقوم المستثمرون ببيع المعدن لتأمين أرباحهم قبل صدور البيانات التي قد تغير اتجاه السوق.
سياق سلسلة المكاسب الطويلة
جاء التراجع الحالي بعد فترة صعود استثنائية للذهب. فقد استفاد المعدن الأصفر خلال الشهرين الماضيين من عدة عوامل دعمته كأصل آمن. بدأت موجة الصعود مع تزايد المخاوف بشأن استقرار القطاع المصرفي في الولايات المتحدة وأوروبا في وقت سابق من العام، مما دفع المستثمرين إلى البحث عن ملاذات آمنة. بالإضافة إلى ذلك، ساهمت توقعات بأن الاحتياطي الفيدرالي قد يقترب من نهاية دورة رفع أسعار الفائدة في تعزيز جاذبية الذهب، حيث أن أسعار الفائدة المنخفضة تقلل من تكلفة الفرصة البديلة لحيازة المعدن الثمين.
تأثير السياسة النقدية وتوقعات السوق
تظل السياسة النقدية الأمريكية هي المحرك الأكبر لأسعار الذهب في الوقت الراهن. العلاقة بين الذهب وأسعار الفائدة غالبًا ما تكون عكسية؛ فعندما ترتفع أسعار الفائدة، تزداد جاذبية الأصول التي تدر عائدًا مثل السندات الحكومية على حساب الذهب. وعلى الرغم من أن الفيدرالي ألمح إلى إمكانية إيقاف رفع الفائدة مؤقتًا، إلا أن أي بيانات تشير إلى استمرار التضخم بقوة قد تعيد سيناريو التشديد النقدي إلى الواجهة، مما يضع ضغوطًا إضافية على أسعار الذهب.
يراقب المتعاملون عن كثب ليس فقط بيانات التضخم، بل أيضًا تصريحات مسؤولي مجلس الاحتياطي الفيدرالي للحصول على أي مؤشرات حول توجهاتهم المستقبلية. السوق حاليًا في حالة من عدم اليقين، وتتأثر الأسعار بشكل كبير بأي تغيير في التوقعات المتعلقة بقرارات البنك المركزي القادمة.