الرئيس الكاميروني بول بيا وتحديات الولاية الجديدة المحتملة
مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية في الكاميرون عام 2025، تتجه الأنظار نحو الرئيس بول بيا، الذي يعد أحد أقدم رؤساء العالم سنًا وأطولهم بقاءً في السلطة. ورغم تجاوزه التسعين من عمره، لا تزال قضية ترشحه لولاية جديدة تهيمن على المشهد السياسي في بلد يواجه تحديات أمنية واقتصادية واجتماعية معقدة، مما يثير تساؤلات حول مستقبل الاستقرار في الكاميرون.

خلفية عن حكم يمتد لأكثر من أربعة عقود
تولى بول بيا، المولود في عام 1933، رئاسة الكاميرون في نوفمبر 1982، ليصبح ثاني رئيس للبلاد منذ استقلالها. على مدار أكثر من أربعين عامًا، تمكن من ترسيخ سلطته عبر حزب "الحركة الديمقراطية للشعب الكاميروني" الحاكم، والذي يسيطر على معظم مؤسسات الدولة. وقد شهدت فترة حكمه تعديلات دستورية أزالت القيود على عدد الولايات الرئاسية، مما سمح له بالبقاء في السلطة عبر انتخابات متتالية وصفها معارضوه في كثير من الأحيان بأنها تفتقر إلى النزاهة والشفافية.
الوضع الراهن والغموض حول انتخابات 2025
حتى الآن، لم يعلن الرئيس بيا رسميًا نيته الترشح في انتخابات 2025، وهو تكتيك سياسي يعتمده غالبًا للحفاظ على نفوذه وتجنب صراعات الخلافة المبكرة داخل حزبه. ومع ذلك، تتزايد الدعوات من داخل الحزب الحاكم لترشيحه مجددًا، حيث يعتبره الكثير من أنصاره ضمانًا للاستقرار. في المقابل، تعاني المعارضة الكاميرونية من الانقسام، وتكافح من أجل تقديم مرشح موحد قادر على منافسة النفوذ الواسع للرئيس الحالي، مما يجعل المشهد السياسي يكتنفه الغموض.
تحديات كبرى تواجه الكاميرون
تواجه حكومة بيا سلسلة من الأزمات المتزامنة التي تلقي بظلالها على مستقبل البلاد وتزيد من تعقيد أي انتقال سياسي محتمل. من أبرز هذه التحديات:
- الأزمة الأنجلوفونية: اندلع نزاع مسلح في المناطق الشمالية الغربية والجنوبية الغربية الناطقة باللغة الإنجليزية منذ عام 2017، حيث يطالب انفصاليون بالاستقلال. وقد أسفر هذا الصراع عن أزمة إنسانية حادة، مع مقتل الآلاف وتشريد مئات الآلاف، دون وجود حل سياسي واضح في الأفق.
 - التهديدات الأمنية في الشمال: لا يزال التمرد الذي تقوده جماعة بوكو حرام في منطقة أقصى الشمال يشكل تهديدًا أمنيًا كبيرًا، مما يستنزف موارد الجيش ويؤثر على حياة السكان المحليين.
 - الصعوبات الاقتصادية: على الرغم من امتلاك الكاميرون لموارد طبيعية، إلا أنها تعاني من مشاكل اقتصادية هيكلية، تشمل الفساد المستشري، وارتفاع معدلات البطالة بين الشباب، والاعتماد المفرط على صادرات السلع الأولية.
 
معضلة الخلافة والسيناريوهات المستقبلية
تعد قضية خلافة الرئيس بيا من أكثر القضايا حساسية في الكاميرون. فالغياب الواضح لخليفة معين يثير مخاوف من حدوث فراغ في السلطة أو صراع داخلي على النفوذ عند انتهاء حكمه. وبينما تتردد شائعات حول إمكانية تجهيز نجله، فرانك بيا، لتولي المنصب، لا يوجد تأكيد رسمي لذلك، ويبقى الأمر مجرد تكهنات. إن مستقبل الكاميرون واستقرارها الإقليمي يعتمدان بشكل كبير على كيفية إدارة هذه المرحلة الانتقالية، سواء قرر بيا الترشح مجددًا أم لا.





