الرئيسان المصري والإريتري يبحثان في القاهرة تعزيز العلاقات والقضايا الإقليمية
في خطوة تؤكد على عمق التنسيق والتشاور المستمر بين البلدين، استقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي نظيره الإريتري أسياس أفورقي في القاهرة خلال الأيام القليلة الماضية، حيث عقد الزعيمان قمة ركزت على استعراض سبل دفع العلاقات الثنائية إلى آفاق أرحب، بالإضافة إلى تبادل الرؤى حول عدد من الملفات الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، وعلى رأسها أمن البحر الأحمر وتطورات الأوضاع في السودان والقرن الأفريقي.

محاور المباحثات الثنائية
شكل تعزيز التعاون الثنائي بين مصر وإريتريا المحور الرئيسي للمباحثات. وقد أكد الرئيسان على أهمية البناء على الروابط التاريخية التي تجمع البلدين، واستثمارها لتعزيز الشراكة في مختلف المجالات. تركز النقاش حول دفع عجلة التعاون الاقتصادي، وزيادة حجم التبادل التجاري، وتشجيع الاستثمارات المتبادلة في قطاعات حيوية مثل البنية التحتية، والطاقة، والزراعة، والثروة السمكية. كما تم التأكيد على أهمية تفعيل اللجان المشتركة وآليات التشاور القائمة لضمان متابعة تنفيذ ما يتم الاتفاق عليه.
على الصعيد السياسي، جدد الرئيس السيسي موقف مصر الثابت والداعم لسيادة دولة إريتريا وسلامة أراضيها، مشدداً على رفض أي تدخلات خارجية في شؤونها الداخلية. وتأتي هذه التأكيدات في إطار حرص القاهرة على دعم استقرار دول الجوار وتعزيز قدرتها على مواجهة التحديات المختلفة.
أبرز القضايا الإقليمية على الطاولة
استحوذت التطورات المتسارعة في منطقة القرن الأفريقي والبحر الأحمر على حيز كبير من مباحثات القمة، نظراً لما تمثله هذه المنطقة من أهمية استراتيجية بالغة لكلا البلدين وللأمن الإقليمي والدولي ككل.
- أمن البحر الأحمر: ناقش الزعيمان التحديات الأمنية الراهنة في منطقة البحر الأحمر، وأكدا على ضرورة تكثيف التنسيق المشترك لتأمين هذا الممر الملاحي الحيوي الذي يمر عبره جزء كبير من التجارة العالمية. وتوافقا على أهمية العمل الجماعي لمواجهة التهديدات التي قد تؤثر على حرية الملاحة واستقرار المنطقة.
- الأزمة في السودان: نظراً لكون البلدين جارين مباشرين للسودان، فقد تم بحث آخر مستجدات الأزمة السودانية بعمق. وأعرب الرئيسان عن قلقهما البالغ إزاء استمرار الصراع وتداعياته الإنسانية والأمنية على الشعب السوداني ودول الجوار. وشددا على ضرورة التوصل إلى وقف فوري ومستدام لإطلاق النار، والحفاظ على وحدة الدولة السودانية ومؤسساتها، ودعم كافة الجهود الرامية للتوصل إلى حل سياسي شامل ينهي الأزمة.
الأهمية الاستراتيجية للقاء
يكتسب هذا اللقاء أهمية خاصة بالنظر إلى توقيته والسياق الإقليمي المعقد الذي يأتي فيه. فالتشاور المنتظم بين القاهرة وأسمرة يعكس وجود تحالف استراتيجي راسخ، ورغبة مشتركة في تنسيق المواقف لمواجهة التحديات المتعددة في المنطقة. ويرى مراقبون أن هذا التقارب يمثل عنصراً محورياً في معادلة توازن القوى في منطقة القرن الأفريقي.
ويُنظر إلى هذا التنسيق الوثيق على أنه يحمل رسائل ضمنية لأطراف إقليمية أخرى، خصوصاً فيما يتعلق بالملفات الخلافية مثل إدارة الموارد المائية العابرة للحدود والأمن الإقليمي. إن العلاقة القوية بين مصر وإريتريا، التي تشترك في حدود طويلة مع إثيوبيا، تعد عاملاً استراتيجياً لا يمكن إغفاله في الديناميكيات الجيوسياسية للمنطقة، مما يعزز من الموقف التفاوضي لكلا البلدين في القضايا الحيوية.
خلفية العلاقات المصرية الإريترية
ترتبط مصر وإريتريا بعلاقات تاريخية ممتدة، وقد شهدت السنوات الأخيرة تطوراً ملحوظاً على صعيد التنسيق السياسي والزيارات المتبادلة على أرفع المستويات. وتعد اللقاءات الدورية بين الرئيسين السيسي وأفورقي سمة مميزة لهذه العلاقة، حيث تتيح فرصة مستمرة لتوحيد الرؤى وتعميق التعاون في مواجهة المتغيرات الإقليمية والدولية، بما يخدم المصالح المشتركة للشعبين ويساهم في تحقيق الأمن والاستقرار في منطقة القرن الأفريقي والبحر الأحمر.





