الرياض تحتضن مؤتمر النقد السينمائي الأول بشعار «السينما.. فن المكان»
شهدت العاصمة السعودية، الرياض، مؤخراً، انطلاق فعاليات مؤتمر النقد السينمائي الأول، الذي يُعد خطوة مهمة في مسيرة تطوير المشهد الثقافي والسينمائي بالمملكة. وقد حمل المؤتمر شعاراً مركزياً ومحفزاً هو «السينما.. فن المكان»، ليركز على العلاقة الجوهرية بين الفن السينمائي والبيئة المكانية التي يتجلى فيها أو يستلهم منها. يهدف هذا التجمع النقدي إلى إرساء أسس متينة للنقد السينمائي كعلم وفن، بما يدعم الحراك السينمائي المتسارع في المملكة.

خلفية وتطورات المشهد السينمائي السعودي
يأتي هذا المؤتمر في ظل نهضة ثقافية وفنية غير مسبوقة تشهدها المملكة العربية السعودية، مدفوعة بـ رؤية 2030 التي تولي اهتماماً خاصاً لقطاعات الترفيه والثقافة والإبداع. فبعد عقود من الغياب، عادت دور السينما لتنتشر في المدن السعودية، وتضاعفت أعداد الأفلام المنتجة محلياً، وشهدت المنصات الإقليمية والدولية حضوراً لافتاً للمواهب السعودية الشابة. وقد أسهمت هيئات مثل هيئة الأفلام وجمعية نقاد السينما السعودية في دعم هذا الحراك وتوفير البيئة المناسبة للنمو. إن الحاجة إلى نقد سينمائي متخصص وواعٍ تزايدت بالتوازي مع هذا التوسع، ليكون مرآة تعكس تطور الصناعة ويساهم في توجيهها نحو آفاق أرحب من الإبداع والاحترافية.
أهداف المؤتمر ومحاور شعار «السينما.. فن المكان»
يهدف مؤتمر النقد السينمائي الأول في الرياض إلى تحقيق جملة من الأهداف الاستراتيجية التي تصب في مصلحة تطوير الثقافة السينمائية والنقد في المملكة. من أبرز هذه الأهداف:
- تأصيل النقد السينمائي: العمل على ترسيخ مكانة النقد السينمائي كرافد أساسي ومستقل لصناعة السينما، وليس مجرد تقييم سطحي للأفلام.
 - فهم العلاقة بين الفن والمكان: استكشاف كيف يؤثر المكان، سواء كان طبيعياً أو عمرانياً، في تشكيل السرد السينمائي، وبناء الشخصيات، وتطوير الرسائل الفنية.
 - التركيز على الهوية المحلية: مناقشة دور المكان السعودي بتنوعه الجغرافي والثقافي في إثراء المحتوى السينمائي المحلي وتقديم هوية بصرية ودرامية فريدة.
 - تبادل الخبرات: توفير منصة للحوار وتبادل الآراء بين النقاد والأكاديميين والسينمائيين من مختلف الخلفيات المحلية والعربية والدولية.
 - تحفيز الأجيال الجديدة: تشجيع الباحثين والطلاب على الانخراط في مجال النقد السينمائي وتقديم دراسات معمقة تخدم هذا الفن.
 
يُعتبر شعار «السينما.. فن المكان» دعوة للتأمل في العلاقة التفاعلية بين الفيلم ومحيطه، ليس فقط كخلفية بصرية، بل كعنصر فاعل في بناء المعنى والرمزية. يسعى المؤتمر من خلال هذا الشعار إلى تجاوز النقد التقليدي الذي قد يركز على جوانب تقنية أو سردية بحتة، ليفتح آفاقاً جديدة للنقد الذي يحلل العمق الثقافي والجغرافي للأعمال السينمائية.
المشاركون وأبرز الجلسات
استقطب المؤتمر نخبة من النقاد السينمائيين البارزين، والأكاديميين المتخصصين، وصناع الأفلام من داخل المملكة وخارجها. وشملت الجلسات النقاشية وورش العمل محاور متعددة، منها: تأثير التضاريس السعودية على الصورة السينمائية، المدينة كبطل في الأفلام، الذاكرة المكانية في السينما الوثائقية، وتحولات النقد السينمائي في العصر الرقمي. وقد شهدت الجلسات تفاعلاً كبيراً، حيث قدم المشاركون أوراقاً بحثية وعروضاً تحليلية تسلط الضوء على أبعاد مختلفة لشعار المؤتمر. كما أتيحت الفرصة للمواهب الشابة لعرض أعمالهم ومناقشتها مع خبراء المجال.
الأهمية والتأثير المستقبلي
يكتسب مؤتمر النقد السينمائي بالرياض أهمية بالغة كونه يؤسس لثقافة نقدية رصينة ومسؤولة في المملكة. فالنقد ليس مجرد حكم على عمل فني، بل هو عملية تحليلية تثري الفهم وتعمق التجربة الجمالية، وتوجه المبدعين نحو مستويات أعلى من الإتقان والابتكار. من المتوقع أن يسهم هذا المؤتمر في:
- رفع مستوى الذائقة السينمائية: من خلال توعية الجمهور بالأسس الفنية والجمالية للسينما.
 - دعم صناعة الأفلام المحلية: بتقديم ملاحظات بناءة وتحليلات عميقة تساعد صناع الأفلام على تطوير أعمالهم.
 - تأهيل كوادر نقدية: من خلال إلهام جيل جديد من النقاد والباحثين المتخصصين.
 - تعزيز مكانة الرياض الثقافية: كمركز إقليمي للحوار الفني والفكري في مجال السينما.
 
يُعد هذا الحدث منصة حيوية لتعزيز الحوار حول مستقبل السينما والنقد في المنطقة، ويؤكد التزام المملكة بدعم الفنون والثقافة كركائز أساسية للتنمية الشاملة. ومن المؤمل أن يكون هذا المؤتمر نقطة انطلاق لسلسلة من الفعاليات النقدية التي تثري المشهد الثقافي السعودي والعربي.





