الشاعر عبدالعال السيد يؤكد: الفن قوة ناعمة أعمق أثراً من آلة الحرب
في خضمّ التحديات الراهنة التي تواجهها العديد من المجتمعات، حيث تتصاعد وتيرة النزاعات ويتضاءل الأمل في إيجاد حلول سلمية، برز صوت الشاعر السوداني البارز عبدالعال السيد ليقدم رؤية مغايرة ومفعمة بالأمل. فقد أكد السيد، في تصريحات حديثة لاقت صدى واسعاً، أن الفن يمثل قوة ناعمة ذات تأثير أعمق وأكثر استدامة من أي آلة حرب، مشدداً على قدرة الإبداع الثقافي على تشكيل الوعي و بناء المجتمعات بطرق لا تستطيع القوة العسكرية تحقيقها.

تأتي هذه التصريحات في وقت تشتد فيه الحاجة إلى أصوات تدعو إلى السلام والتعافي، وتلفت الانتباه إلى الدور الحيوي للثقافة في تجاوز الأزمات. وتبرز رؤية الشاعر كدعوة للتفكير في البدائل السلمية والقوة الكامنة في الإبداع البشري، خاصة في سياق يلامس معاناة الشعوب من ويلات الصراعات.
من هو الشاعر عبدالعال السيد؟
يُعد عبدالعال السيد أحد أبرز قامات الشعر الغنائي السوداني المعاصر، ومدرسة فنية بحد ذاته أثرت المشهد الثقافي العربي على مدار عقود. ولد الشاعر وعاش جزءاً كبيراً من حياته في تجربة غربة طويلة، إلا أن هذا البعد الجسدي عن الوطن لم يحل يوماً دون أن يظل السودان حاضراً بقوة كنبض حي في جلّ نصوصه الشعرية. تتسم أعماله بعمقها الإنساني ووطنيتها الصادقة، ونجحت قصائده في عبور الأجيال وذاكرة الجمهور، لتصبح جزءاً لا يتجزأ من الموروث الثقافي السوداني. من أشهر أعماله التي تغنى بها فنانون من مدارس مختلفة نذكر:
- «عز المزار»
- «غربة ومطر»
- «إنت المهم»
هذه الأعمال وغيرها رسخت مكانته كشاعر يعبر عن الوجدان الجماعي، ويلامس هموم الإنسان في حبه ووطنه وغربته.
الفن كقوة ناعمة: رؤية السيد في مواجهة الحرب
تتمحور رؤية الشاعر عبدالعال السيد حول فكرة أن الفن، بكل أشكاله وتجلياته، يمتلك قدرة فريدة على التأثير في النفوس والعقول، تتجاوز بكثير القدرة التدميرية لآلات الحرب. يرى السيد أن:
- الفن يبني بينما الحرب تهدم: فبينما تعمل آلة الحرب على التدمير المادي والمعنوي للمدن والأرواح، ينهض الفن لبناء الجسور بين البشر، ويعزز قيم التعايش والتفاهم.
- الفن يغذي الروح ويحفظ الهوية: في أوقات الأزمات والنزاعات، يصبح الفن ملاذاً للأمل ومنارة للحفاظ على الهوية الثقافية والتراثية للأمم، فهو يحمل في طياته خلاصة التجارب الإنسانية وذاكرة الشعوب.
- الفن قوة تغيير صامتة ومستدامة: بخلاف الحلول العسكرية التي غالباً ما تكون مؤقتة وتخلف وراءها ندوباً عميقة، فإن تأثير الفن يتغلغل ببطء وثبات ليغير القناعات ويشكل الوعي الجمعي بطرق أكثر استدامة. قصيدة واحدة أو لحن مؤثر يمكن أن يوقظ في النفوس مشاعر السلام والتآخي التي قد لا تستطيع آلاف الرصاصات تحقيقها.
- الفن يزرع الطمأنينة: في زمن تتداخل فيه أصوات البارود مع قلق المستقبل، يقدم الفن متنفساً ومساحة للطمأنينة، ويدعو إلى التأمل في قيم الجمال والخير والحياة، ما يساعد على التئام الجراح النفسية للمجتمعات.
أهمية هذه الرسالة في السياق الحالي
تكتسب كلمات عبدالعال السيد أهمية خاصة في ظل الظروف الراهنة التي يشهدها العالم، لا سيما في المنطقة العربية والسودان على وجه الخصوص. ففي بيئة تعج بالصراعات والنزاعات المسلحة، يقدم السيد منظاراً بديلاً للتعامل مع التحديات، يركز على:
- دور الثقافة في حل النزاعات: تسلط رؤيته الضوء على أهمية الدبلوماسية الثقافية والفنون كوسائل فعالة لتهدئة النفوس وتوحيد الصفوف.
- تعزيز الهوية الوطنية: يذكرنا الشاعر بأن الفن هو الذاكرة الحية للأمة، وأنه يحمل القدرة على إعادة بناء الروابط الاجتماعية وتعزيز الشعور بالانتماء، حتى في أوقات التفكك.
- التغلب على آثار الغربة والشتات: تعكس تجربته الشخصية كشاعر عاش الغربة، كيف يمكن للفن أن يكون جسراً للعودة الروحية إلى الوطن، ووسيلة للتعبير عن الانتماء العميق الذي لا تحدّه المسافات الجغرافية.
في الختام، فإن دعوة الشاعر عبدالعال السيد لا تُعد مجرد مقولة شعرية، بل هي شهادة حية على قوة الفن الحقيقية، وصوتٌ يدعو إلى إعادة تقييم أولوياتنا والالتفات إلى ما يمكن أن تبنيه الكلمة واللحن واللوحة، لا ما يمكن أن تهدمه آلة الحرب.




