الشيباني يعلن زيارة الشرع لواشنطن ويتهم نظام الأسد بتحويل سوريا لدولة مخدرات
في الأيام القليلة الماضية، وفي تطورات لافتة أعقبت سقوط نظام الأسد في سوريا وتشكيل حكومة انتقالية جديدة، أعلن أسعد الشيباني، وزير الخارجية المكلف في الحكومة السورية الانتقالية، عن زيارة مرتقبة لـأحمد الشرع، رئيس الحكومة الانتقالية وقائد هيئة تحرير الشام، إلى العاصمة الأمريكية واشنطن. جاء هذا الإعلان ضمن تصريحات أثارت اهتماماً واسعاً، حيث وجه الشيباني أيضاً اتهامات حادة لنظام بشار الأسد السابق بتحويل سوريا إلى ما وصفه بـ"دولة مخدرات". هذه التصريحات تسلط الضوء على المساعي الدبلوماسية للحكومة السورية الجديدة وعلى حجم التحديات التي تواجهها، لا سيما في ملف مكافحة المخدرات واستعادة شرعية الدولة.

السياق السياسي الجديد في سوريا
شهدت سوريا في ديسمبر/كانون الأول 2024 تحولاً تاريخياً مع انهيار نظام بشار الأسد وسقوط دمشق في أيدي فصائل المعارضة، على رأسها هيئة تحرير الشام. أدت هذه الأحداث المتسارعة إلى تشكيل حكومة سورية انتقالية، تسعى لملء الفراغ السياسي وإعادة بناء مؤسسات الدولة. يتولى أحمد الشرع (المعروف أيضاً باسم أبو محمد الجولاني) قيادة هذه الحكومة بشكل فعلي، بينما كُلف أسعد الشيباني بمهام وزارة الخارجية. تعمل الحكومة الجديدة على تقديم نفسها ككيان سياسي مستقر يهدف إلى توحيد البلاد وإرساء أسس حكم جديد، بعيداً عن الصراعات التي مزقت البلاد لعقد من الزمان.
زيارة مرتقبة إلى واشنطن ودلالاتها
تعتبر إشارة الشيباني إلى زيارة أحمد الشرع المرتقبة لواشنطن خطوة دبلوماسية بالغة الأهمية للحكومة السورية الانتقالية. في ظل سعي هذه الحكومة للحصول على اعتراف دولي ودعم لإعادة الإعمار والاستقرار، تمثل هذه الزيارة، إن تمت، فرصة للتواصل المباشر مع صانعي القرار الأمريكيين. قد تهدف الزيارة إلى:
- فتح قنوات اتصال رسمية مع الولايات المتحدة.
- مناقشة الدعم الأمريكي المحتمل لجهود إعادة الإعمار والتنمية في سوريا.
- بناء الثقة وتبديد المخاوف المتعلقة بالخلفية السابقة لهيئة تحرير الشام.
- عرض رؤية الحكومة الانتقالية لمستقبل سوريا.
هذا التحرك الدبلوماسي يكتسب أهمية خاصة في ضوء استمرار تصنيف الولايات المتحدة لهيئة تحرير الشام كمنظمة إرهابية، مما يجعل أي تواصل رفيع المستوى موضوعاً لحساسية سياسية ودبلوماسية.
اتهامات لنظام الأسد بتحويل سوريا إلى "دولة مخدرات"
بالتوازي مع الإعلان عن المساعي الدبلوماسية، وجه أسعد الشيباني اتهامات صريحة لنظام بشار الأسد السابق بتحويل سوريا إلى مركز رئيسي لإنتاج وتجارة المخدرات، وبالأخص حبوب الكبتاغون. هذه الاتهامات ليست جديدة، فقد وردت تقارير دولية متعددة، بما في ذلك من الأمم المتحدة ودول غربية مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، تشير إلى تورط مسؤولين رفيعي المستوى وشخصيات مقربة من النظام السابق في هذه التجارة غير المشروعة.
- الكبتاغون كصناعة دولة: يُعد الكبتاغون منشطاً مخدراً انتشر بشكل واسع في الشرق الأوسط. تشير التقديرات إلى أن سوريا أصبحت أكبر منتج ومصدر له عالمياً، بعائدات تقدر بمليارات الدولارات سنوياً.
- مصادر تمويل للنظام: يُعتقد أن تجارة الكبتاغون كانت بمثابة مصدر تمويل حيوي لنظام الأسد خلال سنوات الحرب، مما ساعده على تجاوز العقوبات الدولية وتغطية نفقات عملياته العسكرية.
- التأثير الإقليمي: تسببت هذه التجارة في زعزعة استقرار دول الجوار، حيث أصبحت الأردن ولبنان والعراق طرق عبور رئيسية ووجهات جزئية للكبتاغون، مما أثار قلقاً أمنياً واجتماعياً كبيراً في المنطقة.
تعهدت الحكومة الانتقالية الجديدة بمكافحة هذه الظاهرة، مما يمثل تحدياً هائلاً يتطلب جهوداً محلية وإقليمية ودولية منسقة.
التحديات والآفاق المستقبلية
تواجه الحكومة السورية الانتقالية تحديات جسيمة على الصعيدين الداخلي والخارجي. داخلياً، يجب عليها توحيد المناطق المختلفة، إعادة بناء البنى التحتية المدمرة، وتوفير الخدمات الأساسية للمواطنين. كما يتعين عليها معالجة ملفات حساسة مثل ملف المعتقلين والمفقودين والنازحين. أما خارجياً، فالسعي للحصول على الاعتراف الدولي وتأمين الدعم المالي والسياسي سيكون أمراً بالغ الأهمية. إن إعلانات الشيباني، سواء المتعلقة بالانفتاح الدبلوماسي أو بمواجهة إرث النظام السابق في تجارة المخدرات، تعكس رغبة الحكومة الجديدة في رسم مسار مختلف لسوريا. ومع ذلك، فإن مدى نجاحها سيتوقف على قدرتها على تحقيق الاستقرار الداخلي، والتصدي للتحديات الأمنية والاقتصادية، وبناء جسور الثقة مع المجتمع الدولي.





