القوات المسلحة السودانية ترفض مقترح هدنة أمريكياً وتتعهد بمواصلة ملاحقة الميليشيات
خلال الأيام الماضية، أعلنت القوات المسلحة السودانية (SAF) رفضها لمقترح هدنة جديد مدعوم من الولايات المتحدة، مؤكدةً في الوقت ذاته التزامها بمواصلة ملاحقة ما تصفها بـ «الميليشيات المتمردة» في إشارة إلى قوات الدعم السريع. يعكس هذا القرار التوجه العسكري المستمر للجيش السوداني في خضم الصراع الدائر في البلاد، ويُبرز التحديات الكبيرة التي تواجه جهود الوساطة الدولية الهادفة إلى إنهاء الأعمال العدائية.

خلفية النزاع
اندلع الصراع في السودان في أبريل 2023 بين القوات المسلحة السودانية، بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع، بقيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي). تعود جذور النزاع إلى صراع على السلطة وخلافات حول دمج قوات الدعم السريع في الجيش النظامي في إطار عملية الانتقال السياسي نحو الحكم المدني. سرعان ما تصاعدت الاشتباكات لتتحول إلى حرب شاملة تركزت بشكل خاص في العاصمة الخرطوم وإقليم دارفور، مخلفةً وراءها كارثة إنسانية واسعة النطاق أدت إلى نزوح الملايين وأزمة غذائية حادة.
المقترح الأمريكي وموقف القوات المسلحة
انخرطت الولايات المتحدة، بالتعاون مع المملكة العربية السعودية في غالب الأحيان، في جهود وساطة مكثفة لفرض هدنات إنسانية، خاصة من خلال المحادثات التي عُقدت في جدة. تهدف هذه المقترحات عادةً إلى إقرار وقف مؤقت لإطلاق النار لتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية. ومع ذلك، عبرت القوات المسلحة السودانية باستمرار عن شكوكها أو رفضها الصريح لمثل هذه المبادرات. يتمحور اعتراضها الأساسي حول اعتقادها بأن الهدنات تمنح قوات الدعم السريع فرصة لإعادة التجمع والتسلح وتوطيد سيطرتها على المناطق المدنية، لا سيما الأحياء السكنية والمرافق العامة التي احتلتها. تصر القوات المسلحة على انسحاب كامل لقوات الدعم السريع من هذه المناطق كشرط مسبق لأي هدنة ذات معنى، وهو ما لم تلتزم به قوات الدعم السريع بشكل عام. ترى القوات المسلحة السودانية أن عملياتها العسكرية الحالية ضرورية لـ «إنهاء التمرد» واستعادة سلطة الدولة في جميع أنحاء البلاد.
تداعيات الرفض
يشير الموقف الحازم للقوات المسلحة السودانية إلى استمرار اعتمادها على الحلول العسكرية لإنهاء النزاع، مما ينذر بتصعيد محتمل للأعمال العدائية بدلاً من التهدئة. يمثل هذا الرفض تحديًا كبيرًا للجهود الدبلوماسية الدولية الرامية إلى إيجاد حل سلمي وتخفيف معاناة المدنيين. كما أنه يدل على تعمق الجمود السياسي والعسكري بين الأطراف المتحاربة، مما قد يطيل أمد الصراع ويزيد من زعزعة الاستقرار الإقليمي.
الجهود الدولية والوضع الإنساني
لقد دفع الصراع المطول السودان إلى واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم. تشير التقارير إلى نزوح أكثر من 10 ملايين شخص داخليًا أو بحثًا عن اللجوء في البلدان المجاورة. ولا يزال الوصول إلى الغذاء والماء والرعاية الطبية والخدمات الأساسية الأخرى معوقًا بشدة. وقد دعت المنظمات الدولية، والأمم المتحدة، والاتحاد الأفريقي مرارًا وتكرارًا إلى وقف فوري للأعمال العدائية وتوفير وصول غير مقيد للمساعدات الإنسانية. على الرغم من هذه النداءات، تستمر الاشتباكات، وتتفاقم بفعل مواقف مثل رفض القوات المسلحة الأخير لأي هدنة مؤقتة.
إن التزام الجيش السوداني الراسخ بتحقيق نصر حاسم على قوات الدعم السريع، كما يتجلى في رفضه لمقترح الهدنة الأمريكي، يبرز الصعوبات الهائلة في تحقيق السلام. يظل الطريق إلى الأمام محفوفًا بالتحديات، مع تحمل ملايين المدنيين السوداني العبء الأكبر لصراع لا تلوح في الأفق بوادر حسمه أو تراجعه.




