المتحف المصري الكبير: افتتاح مرتقب يعيد رسم خريطة السياحة الثقافية العالمية
يترقب العالم باهتمام بالغ الافتتاح الرسمي للمتحف المصري الكبير، الصرح الثقافي الضخم الذي يقع على هضبة الأهرامات بالجيزة، والذي يوصف بأنه أكبر متحف في العالم مخصص لحضارة واحدة. ومع اكتمال معظم أعماله الإنشائية والتجهيزية، يستعد هذا المشروع القومي ليصبح منارة ثقافية وسياحية عالمية، ومن المتوقع أن يغير افتتاحه وجه السياحة في مصر بشكل جذري.

خلفية المشروع وأهدافه الاستراتيجية
وُلدت فكرة إنشاء المتحف المصري الكبير استجابةً للحاجة الملحة لوجود مساحة عرض حديثة تليق بكنوز الحضارة المصرية القديمة. فقد أصبح المتحف المصري القديم في ميدان التحرير، رغم قيمته التاريخية، غير قادر على استيعاب العدد الهائل من القطع الأثرية المخزنة، أو عرضها وفقًا لأحدث الأسال нормативات المتحفية. وفي عام 2002، تم وضع حجر الأساس للمشروع، وبعد إطلاق مسابقة معمارية دولية، فاز تصميم شركة Heneghan Peng Architects الأيرلندية في عام 2003، والذي تميز بجمعه بين الحداثة والانسجام مع الطبيعة الأثرية للموقع المطل على أهرامات الجيزة.
رحلة البناء: تحديات وإنجازات
امتدت عملية بناء المتحف على مدار عقدين من الزمن، وشهدت تحديات عديدة أبرزها التغيرات السياسية التي مرت بها مصر بعد عام 2011، بالإضافة إلى التحديات التمويلية والهندسية. تجاوزت التكلفة الإجمالية للمشروع حاجز المليار دولار أمريكي، وتم تمويله جزئيًا عبر قروض ميسرة من وكالة اليابان للتعاون الدولي (جايكا). وعلى الرغم من التأجيلات المتكررة، استمر العمل الدؤوب لنقل وترميم الآلاف من القطع الأثرية وتجهيز قاعات العرض بأحدث التقنيات التكنولوجية لضمان تجربة تفاعلية للزوار وحماية فائقة للآثار.
كنوز أثرية تعرض لأول مرة
يعد المتحف المصري الكبير موطنًا لأكثر من 100 ألف قطعة أثرية، لكن أهم ما يميزه هو عرضه لمجموعة كنوز الملك توت عنخ آمون بشكل كامل ولأول مرة في التاريخ. ستُعرض جميع القطع التي عُثر عليها في مقبرته، والتي يتجاوز عددها 5000 قطعة، في قاعات مخصصة لها، مما يتيح للباحثين والجمهور فرصة فريدة لاستكشاف حياة الفرعون الذهبي بتفاصيل لم تكن متاحة من قبل. وإلى جانب ذلك، يستقبل المتحف زواره في بهوه الرئيسي بتمثال الملك رمسيس الثاني الضخم، كما يضم مركب خوفو (مركب الشمس) الذي تم نقله في عملية هندسية معقدة من موقعه بجوار الهرم الأكبر.
التطورات الأخيرة والافتتاح المرتقب
على الرغم من أن الموعد النهائي للافتتاح الرسمي الكامل لم يُعلن بعد بشكل قاطع، فقد بدأ المتحف في الآونة الأخيرة بتنظيم جولات محدودة وموجهة للزوار في بعض أقسامه المكتملة، مثل البهو العظيم والدرج العظيم. وتأتي هذه الخطوة كجزء من التشغيل التجريبي للمتحف لاختبار الأنظمة وتدريب الكوادر البشرية استعدادًا للافتتاح الكبير. وتؤكد التصريحات الصادرة عن وزارة السياحة والآثار المصرية أن حفل الافتتاح سيكون حدثًا عالميًا ضخمًا بحضور قادة وزعماء من مختلف دول العالم.
الأهمية الثقافية والاقتصادية
يمثل افتتاح المتحف المصري الكبير لحظة فارقة ليس فقط لمصر بل للعالم بأسره. فعلى الصعيد الثقافي، يوفر المتحف بيئة مثالية للحفاظ على التراث الإنساني ودراسته وتقديمه للأجيال القادمة. أما على الصعيد الاقتصادي، فيُعقد عليه آمال كبيرة في إنعاش قطاع السياحة، الذي يعد أحد أهم ركائز الاقتصاد المصري. ومن المتوقع أن يستقطب المتحف ملايين السياح سنويًا، مما يساهم في توفير فرص عمل وزيادة الدخل القومي، وترسيخ مكانة مصر كوجهة سياحية ثقافية رائدة على الخريطة العالمية.