المدرب الإسباني رافاييل بينيتيز يخوض تحديًا تدريبيًا جديدًا
شهدت الأوساط الكروية الإسبانية اهتمامًا واسعًا بالإعلان عن تعيين المدرب المخضرم رافاييل بينيتيز على رأس القيادة الفنية لنادي سيلتا فيغو، في خطوة مثلت محطة جديدة في مسيرة المدرب الإسباني الحافلة بالتجارب الكبرى. جاء هذا التعيين في يونيو 2023، ليمثل تحديًا جديدًا لبينيتيز بالعودة إلى الدوري الإسباني «لا ليغا» بعد غياب، ولقيادة فريق يحتفل بعيده المئوي وسط طموحات كبيرة لتحقيق الاستقرار والارتقاء بمركزه في جدول الترتيب.
تولى بينيتيز مهمة تدريب سيلتا فيغو بعقد يمتد لثلاث سنوات، في إشارة إلى رغبة النادي في بناء مشروع طويل الأمد تحت قيادته. كان النادي الجاليكي يسعى لضخ دماء جديدة وتغيير منهجي بعد موسم صعب كاد فيه أن يهبط إلى الدرجة الثانية، مما جعل اختيار مدرب بخبرة بينيتيز العميقة وقدرته على تنظيم الفرق أمرًا حاسمًا.
خلفية عن رافاييل بينيتيز
يُعرف رافاييل بينيتيز، المولود في مدريد عام 1960، بكونه أحد أبرز المدربين الإسبان على الساحة العالمية. يمتلك سيرة ذاتية غنية تمتد لأكثر من ثلاثة عقود، قاد خلالها العديد من الأندية الأوروبية الكبرى وترك بصمته الخاصة. بدأ مسيرته التدريبية مع فرق الشباب في ريال مدريد، ثم انتقل لتدريب فرق مثل فالادوليد وإكستريمادورا قبل أن يلفت الأنظار بقيادته لفريق فالنسيا الإسباني إلى لقب الدوري الإسباني مرتين وكأس الاتحاد الأوروبي في 2004.
توهج نجمه أكثر بعد انتقاله إلى ليفربول الإنجليزي، حيث حقق معه لقب دوري أبطال أوروبا في ليلة إسطنبول الشهيرة عام 2005، وكأس الاتحاد الإنجليزي. كما درب أندية بحجم إنتر ميلان وتشيلسي ونابولي وريال مدريد ونيوكاسل يونايتد وإيفرتون، بالإضافة إلى تجربة في الدوري الصيني مع داليان برو. يتميز بينيتيز بأسلوبه التكتيكي المنضبط، وقدرته على تطوير اللاعبين، وبراعته في التعامل مع المباريات الكبرى.
سياق التعيين والأهداف
جاء تعيين بينيتيز في سيلتا فيغو في وقت حرج من تاريخ النادي، تزامنًا مع احتفالاته بمرور 100 عام على تأسيسه. كانت الإدارة تهدف إلى الاستفادة من خبرة بينيتيز الطويلة في تحقيق الاستقرار الفني، وترسيخ هوية تكتيكية واضحة، والابتعاد عن صراع الهبوط الذي لازم الفريق في مواسم سابقة. كان يُنظر إليه على أنه الشخص المناسب لقيادة مشروع يضمن بقاء الفريق في الدرجة الأولى، وربما تحقيق طموحات أكبر في المستقبل.
كانت الأهداف الأساسية تتضمن تعزيز الدفاع، تحسين الأداء الجماعي، وتطوير المواهب الشابة في الفريق. كما أن قدرته على استقطاب اللاعبين الجيدين من خلال شبكة علاقاته الواسعة كانت نقطة إيجابية أخرى في ملفه.
التحديات والأداء الأولي
واجه بينيتيز تحديات كبيرة منذ اليوم الأول لتوليه المهمة. كان الفريق بحاجة إلى تدعيم في عدة مراكز، وشهد سوق الانتقالات الصيفي نشاطًا لضم لاعبين يتناسبون مع فلسفته التكتيكية. من أبرز التعاقدات التي تمت تحت إشرافه ضم لاعبين مثل أناستاسيوس دوفيكاس وجوناثان بامبا، بالإضافة إلى لاعبين لتعزيز الخطوط الخلفية مثل كارل ستارفيلت وفيسنتي غوايتا في حراسة المرمى.
بدأت مباريات الدوري الإسباني لموسم 2023-2024 بشكل صعب لسيلتا فيغو. واجه الفريق صعوبات في تحقيق الانتصارات المتتالية، حيث اتسم الأداء بعدم الاستقرار والتذبذب في النتائج. على الرغم من بعض اللمحات الإيجابية والتنظيم الدفاعي الذي كان سمة فرق بينيتيز، إلا أن الفريق عانى من نقص في الفاعلية الهجومية في كثير من المباريات، مما أثر على قدرته على حصد النقاط. بقي الفريق يدور في فلك النصف الثاني من جدول الترتيب، مقتربًا أحيانًا من منطقة الهبوط، مما زاد من الضغط على المدرب واللاعبين في موسمهم المئوي.
التطورات الأخيرة ونهاية التجربة
استمرت النتائج السلبية في التراكم خلال الشهور الأولى من عام 2024. وصل الفريق إلى مرحلة حرجة حيث أصبح مهددًا بالهبوط بشكل جدي. في مارس 2024، وبعد هزيمة قاسية بنتيجة 4-0 أمام ريال مدريد، اتخذت إدارة نادي سيلتا فيغو قرارًا بإنهاء عقد رافاييل بينيتيز بالتراضي. جاء هذا القرار بعد أقل من تسعة أشهر على توليه المهمة، وبعدما خاض 33 مباراة في مختلف المسابقات، حقق خلالها 9 انتصارات فقط مقابل 8 تعادلات و16 هزيمة. كان الفريق في المركز السابع عشر في الدوري الإسباني، بفارق نقطتين فقط عن منطقة الهبوط.
أوضحت إدارة النادي في بيانها أن القرار جاء نتيجة لعدم تحقيق النتائج المرجوة، وأنها تسعى لتغيير في القيادة الفنية لمنح الفريق دفعة جديدة في محاولة لتجنب الهبوط. مثلت هذه التجربة محطة غير موفقة في مسيرة بينيتيز التدريبية، حيث لم يتمكن من تحقيق الاستقرار والطموحات التي وضعتها الإدارة والجماهير في موسمه المئوي.
الأهمية والتأثير
تمثل تجربة رافاييل بينيتيز مع سيلتا فيغو مثالًا على التحديات المستمرة التي يواجهها المدربون في عالم كرة القدم الحديث، حتى ذوي الخبرة الكبيرة. فبرغم السيرة الذاتية اللامعة لبينيتيز، لم يتمكن من إيجاد التركيبة المناسبة أو تحقيق الانسجام المطلوب في فريق كان في أمس الحاجة إلى نتائج إيجابية. تُظهر هذه التجربة أن النجاح في التدريب لا يعتمد فقط على الخبرة الفنية، بل أيضًا على القدرة على التكيف السريع مع ظروف النادي والدوري، وتحويل الخطط التكتيكية إلى نتائج ملموسة على أرض الملعب في وقت قصير.
بالنسبة لسيلتا فيغو، كان التحدي هو إيجاد حلول سريعة لضمان البقاء في دوري الأضواء، خاصة في موسم تاريخي مثل موسم المئوية. أما بالنسبة لبينيتيز، فهي محطة تضاف إلى مسيرته، تبرز أن كل تجربة تدريبية جديدة تحمل في طياتها تحديات فريدة تتطلب مقاربة خاصة، بغض النظر عن سجل المدرب السابق.





