انطلاق الدورة التاسعة عشرة للمهرجان الدولي للفيلم عبر الصحراء بزاكورة
شهدت مدينة زاكورة المغربية، خلال الفترة الممتدة من 12 إلى 16 ديسمبر 2023، فعاليات الدورة التاسعة عشرة للمهرجان الدولي للفيلم عبر الصحراء. وقد جمع هذا الحدث السينمائي البارز نخبة من صناع السينما من مختلف القارات، مقدمًا برنامجًا غنيًا تمحور حول موضوع "السينما والتحديات المناخية"، مع استضافة جمهورية كازاخستان كضيف شرف، بحضور وفود فنية من دول عربية وإفريقية وأوروبية وآسيوية.

السياق والأهمية
يُعد المهرجان الدولي للفيلم عبر الصحراء، الذي أسسته جمعية المهرجان بزاكورة، محطة ثقافية وسينمائية بارزة في الأجندة الفنية للمغرب. فمنذ انطلاقته الأولى قبل ما يقرب من عقدين، سعى المهرجان إلى أن يكون جسرًا للتواصل الثقافي والفني بين دول الشمال والجنوب، مع التركيز على السينما التي تعبر عن قضايا الإنسان والبيئة في المناطق الصحراوية وشبه الصحراوية، ما يعكس البعد العالمي لرسالته.
تكتسب الدورة التاسعة عشرة أهمية خاصة بتبنيها لموضوع "السينما والتحديات المناخية"، وهو ما يعكس التزام المهرجان بالقضايا العالمية الملحة التي تتصدر أولويات الأجندات الدولية. يسلط هذا المحور الضوء على الدور المحوري الذي يمكن أن تلعبه السينما في توعية الجمهور بخطورة التغيرات المناخية، وكيف يمكن للفن أن يكون أداة فعالة لتحفيز العمل وتغيير السلوكيات نحو مستقبل أكثر استدامة. كما أن اختيار مدينة زاكورة، الواقعة في قلب المناطق المتأثرة بالجفاف والتصحر، يمنح هذا الموضوع بعدًا واقعيًا وملموسًا، ويسلط الضوء على تحديات المنطقة في مواجهة هذه الظواهر.
البرنامج والفعاليات
تضمنت فعاليات المهرجان برنامجًا متنوعًا يرضي جميع الأذواق السينمائية، وشملت المسابقات الرئيسية ما يلي:
- مسابقة الأفلام الطويلة: تنافست فيها سبعة أعمال سينمائية من دول مثل مصر، السنغال، إيطاليا، أوزبكستان، والهند، على جوائز المهرجان المرموقة.
- مسابقة الأفلام القصيرة: شهدت مشاركة ثمانية أفلام قصيرة، قدمت رؤى فنية متنوعة من عدد من الدول العربية والإفريقية والأوروبية.
ترأس لجنة تحكيم الأفلام الطويلة الفنان المغربي رشيد الوالي، فيما تولت الفنانة فاطمة خير رئاسة لجنة تحكيم الأفلام القصيرة، وشكلت اللجنتان من أسماء وازنة في المشهد السينمائي المغربي والدولي. وقد كرم المهرجان في هذه الدورة شخصيات سينمائية مغربية تقديراً لإسهاماتها في الفن السابع، من بينهم الممثل المخضرم أحمد بومسعود، اعترافًا بمساره الفني الحافل.
إلى جانب العروض السينمائية، استضاف المهرجان ندوات فكرية وورشات عمل تخصصية. من أبرزها ندوة حول موضوع الدورة "السينما والتحديات المناخية"، التي جمعت خبراء وباحثين وصناع أفلام لمناقشة دور السينما في إبراز الأبعاد البيئية وسبل معالجتها فنيًا. كما أقيمت ورشات تكوينية في مجالات السيناريو والإخراج والتمثيل، استهدفت الشباب المحلي الطموح في عالم الفن السابع، سعيًا لصقل مواهبهم وتزويدهم بالخبرات اللازمة للانخراط في الصناعة السينمائية.
كان لحضور جمهورية كازاخستان كضيف شرف دور في تعزيز التبادل الثقافي، حيث تم عرض عدد من الأفلام الكازاخستانية التي تعكس ثراء وتنوع هذه السينما، مما أتاح للجمهور فرصة التعرف على تجارب سينمائية مختلفة وإقامة جسور للتعاون الفني.
الأهداف والتأثير
تتمثل الأهداف الرئيسية للمهرجان في دعم الصناعة السينمائية الإفريقية والعربية والدولية، وتشجيع الإبداع السينمائي، واكتشاف المواهب الشابة وتقديمها للجمهور. كما يسعى إلى تعزيز التبادل الثقافي والفني بين الشعوب، وإبراز المقومات الطبيعية والتراثية لمدينة زاكورة ومنطقة درعة تافيلالت كفضاء للإبداع السينمائي والسياحة الثقافية، مساهمًا في التنمية المحلية.
يساهم المهرجان بشكل مباشر في تنشيط الحركة الثقافية والاقتصادية للمنطقة، ويعزز مكانتها كوجهة ثقافية وسياحية، ويخلق فرصًا للحوار وتبادل الأفكار بين مختلف الثقافات السينمائية. ويُتوقع أن يكون للموضوع البيئي الذي ركزت عليه هذه الدورة صدى واسع في زيادة الوعي العام بضرورة العمل المناخي، وتقديم حلول إبداعية للتحديات البيئية الراهنة.
الجهات المنظمة والداعمة
تتولى جمعية المهرجان الدولي للفيلم عبر الصحراء بزاكورة تنظيم هذا الحدث بالتعاون مع المركز السينمائي المغربي وعدد من الشركاء المحليين والوطنيين والدوليين، بما في ذلك السلطات المحلية والمجالس المنتخبة. هذا التعاون يضمن استمرارية المهرجان وتطوره، ويعكس الالتزام المشترك بدعم الثقافة والفن السينمائي في المغرب، ودوره في التنمية المستدامة للمناطق الجنوبية الشرقية.





