بالصلح والتراضي.. إسدال الستار على قضية "مسن السويس"
أُسدل الستار على قضية الاعتداء على رجل مسن في محافظة السويس، والتي أثارت جدلاً واسعاً على منصات التواصل الاجتماعي في مصر أواخر العام الماضي، وذلك بعد عقد جلسة صلح عُرفية انتهت بتنازل المجني عليه عن دعواه. جاء هذا الحل تتويجاً لجهود ووساطات أهلية وشعبية لإنهاء الخلاف الذي بدأ بمقطع فيديو صادم وانتشر كالنار في الهشيم.

خلفية الواقعة
تعود تفاصيل الحادثة إلى أواخر شهر أكتوبر 2023، حينما انتشر مقطع فيديو على نطاق واسع يظهر فيه شاب يقوم بصفع رجل مسن على وجهه في أحد شوارع محافظة السويس. أثار المشهد غضباً عارماً في الرأي العام المصري، حيث تعاطف الملايين مع الرجل المسن الذي عُرف إعلامياً بلقب "مسن السويس"، وهو بائع متجول يُدعى إبراهيم عبد اللطيف. طالب مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي السلطات بسرعة التحرك والقبض على الشاب المعتدي ومحاسبته على فعلته التي اعتبروها إهانة بالغة وانتهاكاً للقيم المجتمعية.
تدخل السلطات والتطورات القضائية
استجابة للضجة الشعبية، تحركت الأجهزة الأمنية بوزارة الداخلية المصرية بشكل فوري. تمكنت السلطات من تحديد هوية الشاب المعتدي والقبض عليه في غضون ساعات قليلة من انتشار الفيديو. باشرت النيابة العامة التحقيقات في الواقعة، ووجهت للمتهم تهمة الاعتداء والتنمر، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحقه، حيث تقرر حبسه على ذمة التحقيقات وسط إشادة شعبية بسرعة الاستجابة الأمنية والقضائية.
تفاصيل جلسة الصلح
بعد فترة من الإجراءات القانونية، تدخل عدد من كبار العائلات وأعضاء مجلس النواب في محافظة السويس لرأب الصدع وإنهاء القضية بشكل ودي من خلال الصلح العرفي، وهو تقليد اجتماعي راسخ في بعض المناطق المصرية لحل النزاعات. تم تنظيم جلسة صلح جمعت بين طرفي الواقعة بحضور وجهاء المنطقة. خلال الجلسة، قام الشاب المعتدي بتقديم اعتذار رسمي للمسن، وقام بتقبيل رأسه ويده كعربون للأسف والندم والاحترام. كما تضمنت التسوية تقديم تعويض مادي للمجني عليه، قيل إنه تكفل به أهل الشاب. وبناءً على ذلك، قبل السيد إبراهيم عبد اللطيف الاعتذار، وقرر التنازل رسمياً عن المحضر والبلاغ المقدم ضد الشاب، معلناً عفوه وصفحه عنه.
الأثر والانعكاسات
تعكس هذه القضية من بدايتها إلى نهايتها عدة جوانب هامة في المجتمع المصري. أولاً، أظهرت قوة وتأثير وسائل التواصل الاجتماعي في تسليط الضوء على الانتهاكات المجتمعية ودفع السلطات نحو استجابة سريعة. ثانياً، أبرزت دور العرف والتقاليد الاجتماعية، المتمثلة في جلسات الصلح، كآلية موازية للقانون الرسمي لحل النزاعات الشخصية والحفاظ على السلم المجتمعي. ورغم أن القضية أُغلقت بالتراضي، إلا أنها تركت أثراً عميقاً ونقاشاً واسعاً حول قيم احترام كبار السن وضرورة مواجهة سلوكيات التنمر في المجتمع.





