بالفيديو: سائق "توك توك" يتخلى عن طفلين داخل عقار بمنطقة الهرم ويلوذ بالفرار
أثار مقطع فيديو، تم تداوله على نطاق واسع عبر منصات التواصل الاجتماعي في الأيام الأخيرة، حالة من الغضب والقلق العام. ويُظهر المقطع، الذي التقطته إحدى كاميرات المراقبة، سائق "توك توك" وهو يترك طفلين صغيرين عمدًا عند مدخل عمارة سكنية في منطقة الهرم بمحافظة الجيزة، قبل أن يلوذ بالفرار مسرعًا. دفعت هذه الواقعة الأجهزة الأمنية المصرية إلى التحرك الفوري وإجراء تحقيق موسع لكشف ملابساتها وتحديد هوية الفاعل.

تفاصيل الواقعة كما رصدتها الكاميرات
يوثق مقطع الفيديو، الذي شكّل الدليل الرئيسي في القضية، تسلسل الأحداث بوضوح. حيث يظهر "توك توك" وهو يتوقف أمام أحد المباني، ثم يترجل منه السائق مصطحبًا طفلًا وطفلة صغيرين ويدخلهما إلى مدخل العقار. وبعد أن تأكد من وجودهما بالداخل، عاد السائق على عجل إلى مركبته وانطلق بها مبتعدًا عن المكان. وقد أظهرت اللقطات الطفلين في حالة من الحيرة والارتباك بعد أن تُركا بمفردهما، وهو ما ضاعف من قلق الرأي العام على سلامتهما.
تحقيقات مكثفة وسرعة ضبط المتهم
عقب انتشار الفيديو، باشرت مديرية أمن الجيزة تحقيقاتها على الفور. تم تشكيل فريق بحث متخصص لتحليل المقطع وتتبع خط سير الـ"توك توك" عبر كاميرات المراقبة الأخرى في المنطقة المحيطة، بالإضافة إلى جمع شهادات محتملة. ومن خلال العمل الشرطي الدقيق، تمكنت السلطات من تحديد هوية المركبة ومالكها. وفي غضون فترة زمنية وجيزة، نجحت القوات الأمنية في تحديد مكان السائق وإلقاء القبض عليه، وهي الخطوة التي لاقت استحسانًا واسعًا وأظهرت سرعة استجابة الشرطة للجرائم التي تثير اهتمام الرأي العام.
كشف الدوافع الحقيقية وراء الحادث
خلال التحقيقات، كشفت اعترافات السائق عن قصة أكثر تعقيدًا من مجرد جريمة ترك أو اختطاف. فقد أفاد المتهم بأنه جار لوالدة الطفلين، وأنها هي من طلبت منه المساعدة. ووفقًا لأقواله، كانت الأم تمر بظروف شخصية ومادية صعبة للغاية إثر خلافات مع والد الطفلين أدت إلى انفصالهما.
وادعى السائق أن الأم، لشعورها بالعجز عن رعاية طفليها، سيف وجنى، طلبت منه نقلهما إلى منزل جدتهما لأبيهما. إلا أنه، بحسب زعمه، لم يكن يعرف العنوان الدقيق، وبعد فشله في العثور على المنزل، اتخذ قرارًا بترك الطفلين في مدخل بناية سكنية بدت له آمنة، معتقدًا أن السكان سيعثرون عليهما ويبلغون السلطات. وأصر على أن نيته لم تكن سيئة، بل كانت محاولة لحل وضع صعب بطريقة خاطئة.
دور الأم في القضية وتداعياتها الاجتماعية
بعد أقوال السائق، تحول مسار التحقيق ليشمل دور الأم في الواقعة. تم استدعاؤها للاستماع إلى أقوالها، حيث أكدت وجود خلافات عائلية وظروف معيشية قاسية. وبذلك، تطورت القضية من جريمة جنائية محتملة إلى مأساة عائلية تعكس ضغوطًا اجتماعية واقتصادية. وقد تولت النيابة العامة التحقيق لتحديد المسؤولية القانونية لكل من السائق لتصرفه الذي عرض حياة الطفلين للخطر، والأم لدورها في تعريضهما للإهمال.
تكمن أهمية هذه القضية في أنها تسلط الضوء على عدة جوانب مجتمعية حساسة، منها هشاشة وضع الأطفال في النزاعات الأسرية، واليأس الذي قد يدفع البعض لاتخاذ قرارات متطرفة تحت وطأة الضغوط المادية والنفسية. كما أن رد الفعل الشعبي الواسع يبرز مدى اهتمام المجتمع بقضايا حماية الطفل، ولكنه ينبه أيضًا إلى خطورة إطلاق الأحكام المسبقة بناءً على معلومات منقوصة. وقد تم التأكد من سلامة الطفلين وتسليمهما إلى ذويهما بقرار من النيابة لحين انتهاء التحقيقات.





