بدء انسحاب القوات الإسرائيلية من غزة تطبيقاً لبنود اتفاق شرم الشيخ
في تطور ميداني هام، أفادت تقارير إعلامية بأن القوات الإسرائيلية قد شرعت في عملية انسحاب من مناطق محددة داخل قطاع غزة. تأتي هذه الخطوة تنفيذاً للمرحلة الأولى من الالتزامات المنصوص عليها في مذكرة شرم الشيخ، التي تم توقيعها مؤخراً بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني بهدف إحياء عملية السلام المتوقفة.

خلفية الاتفاق وسياقه السياسي
يعد اتفاق شرم الشيخ، الذي وُقّع في 4 سبتمبر 1999، ثمرة لجهود دبلوماسية مكثفة قادتها الولايات المتحدة ومصر. وقد جمع الاتفاق رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك، إيهود باراك، ورئيس السلطة الفلسطينية، ياسر عرفات، بهدف رئيسي هو استئناف تنفيذ الاتفاقات المؤجلة، وعلى رأسها اتفاق واي ريفر، والدفع نحو مفاوضات الوضع النهائي. جاء هذا الاتفاق في أعقاب فترة من الجمود شهدتها عملية السلام، وقدّم باراك، الذي انتُخب حديثاً في ذلك الوقت، تعهدات بإعادة المسار إلى سكته الصحيحة.
ينظر المراقبون إلى هذه المذكرة على أنها محاولة جادة لبناء الثقة بين الطرفين، حيث تضمنت جدولاً زمنياً واضحاً لتنفيذ مجموعة من الإجراءات التي طال انتظارها، والتي تشمل إعادة انتشار القوات الإسرائيلية، وإطلاق سراح أسرى فلسطينيين، وفتح ممر آمن يربط بين قطاع غزة والضفة الغربية.
أبرز بنود إعادة الانتشار والتنفيذ
تتضمن عملية إعادة الانتشار الحالية، التي بدأت القوات الإسرائيلية بتنفيذها، انسحاباً من مناطق محددة في قطاع غزة، بالإضافة إلى نقل السيطرة الأمنية والإدارية في أجزاء من الضفة الغربية إلى السلطة الفلسطينية. وتفصيلاً، يشمل الاتفاق النقاط الرئيسية التالية:
- إعادة الانتشار: ينص الاتفاق على إعادة انتشار القوات الإسرائيلية على ثلاث مراحل في الضفة الغربية، مما يؤدي إلى نقل نسبة إضافية من الأراضي من المنطقة (ج) الخاضعة لسيطرة إسرائيلية كاملة إلى المنطقة (ب) ذات السيطرة المشتركة، ومن المنطقة (ب) إلى المنطقة (أ) الخاضعة لسيطرة فلسطينية كاملة.
 - إطلاق سراح الأسرى: التزم الجانب الإسرائيلي بموجب الاتفاق بالإفراج عن حوالي 350 أسيراً فلسطينياً على دفعتين، كبادرة حسن نية تهدف إلى تعزيز الثقة لدى الشارع الفلسطيني.
 - الممر الآمن: ينص الاتفاق على فتح الممر الجنوبي الآمن الذي يربط بين قطاع غزة والضفة الغربية، مما يسهل حركة الأفراد والبضائع بين شطري الأراضي الفلسطينية، وهو مطلب فلسطيني أساسي لضمان التواصل الجغرافي.
 - مفاوضات الوضع النهائي: حددت المذكرة إطاراً زمنياً لبدء مفاوضات الوضع النهائي التي تتناول القضايا الشائكة مثل القدس، واللاجئين، والمستوطنات، والحدود، والمياه، على أن يتم التوصل إلى اتفاق إطاري في غضون خمسة أشهر، واتفاق نهائي في غضون عام واحد من بدء المفاوضات.
 
الأهمية والتداعيات المحتملة
تمثل هذه الخطوة أهمية بالغة لكلا الجانبين، حيث تعتبر اختباراً حقيقياً لمدى جدية حكومة باراك في المضي قدماً بعملية السلام، كما أنها تعزز من موقف السلطة الفلسطينية أمام شعبها. وقد قوبل بدء الانسحاب بترحيب حذر من قبل القيادة الفلسطينية، التي أكدت على ضرورة استكمال تنفيذ كافة بنود الاتفاق دون تأخير أو تسويف. على الصعيد الدولي، لاقت الخطوة دعماً واسعاً، خاصة من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، اللذين يعتبرانها فرصة حقيقية لإحراز تقدم ملموس.
مع ذلك، لا تزال هناك تحديات كبيرة تواجه تطبيق الاتفاق بالكامل. ففي الداخل الإسرائيلي، يواجه باراك معارضة من اليمين المتشدد الذي يرفض أي انسحابات من الأراضي المحتلة. وعلى الجانب الفلسطيني، هناك شكوك حول مدى التزام إسرائيل بتنفيذ باقي الاستحقاقات، خاصة فيما يتعلق بقضايا الوضع النهائي. يبقى نجاح هذه المرحلة مرتبطاً بقدرة الطرفين على تجاوز العقبات وبناء جسور من الثقة المتبادلة للمضي نحو حل دائم للصراع.