بن غفير يحث نتنياهو على استئناف العمليات العسكرية الشاملة في غزة
في تصريحات أدلى بها يوم الأحد الماضي، دعا وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى استئناف العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة «بكامل القوة». تأتي هذه الدعوة في ظل جدل متصاعد داخل الحكومة الإسرائيلية والمجتمع الأوسع حول كيفية إدارة الصراع الدائر، والذي دخل أشهره الثامنة، وما إذا كانت التكتيكات الحالية كافية لتحقيق الأهداف المعلنة.

الخلفية والسياق السياسي
يُعرف بن غفير، زعيم حزب «القوة اليهودية» اليميني المتطرف، بمواقفه المتشددة تجاه الفلسطينيين والقضية الفلسطينية. وقد دأب على المطالبة بردود فعل عسكرية قوية وحاسمة منذ بدء الصراع في السابع من أكتوبر 2023، بعد الهجوم الذي شنته حركة حماس على جنوب إسرائيل. يشكل حزبه جزءًا أساسيًا من الائتلاف الحكومي الذي يتزعمه نتنياهو، مما يمنحه نفوذًا كبيرًا في تشكيل السياسات الأمنية والعسكرية.
تتعرض حكومة نتنياهو لضغوط داخلية وخارجية هائلة. فمن جهة، يطالب اليمين المتطرف، بمن فيهم بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بتصعيد العمليات العسكرية وتحقيق «النصر الكامل» على حماس، رافضين أي وقف لإطلاق النار لا يتضمن تفكيك قدرات الحركة العسكرية والإدارية بشكل كامل. ومن جهة أخرى، تتزايد الدعوات من عائلات الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في غزة للتوصل إلى صفقة تبادل شاملة، حتى لو تطلب ذلك تقديم تنازلات. بالإضافة إلى ذلك، تواجه إسرائيل ضغوطًا دولية متزايدة بسبب الأزمة الإنسانية المتفاقمة في غزة وارتفاع أعداد الضحايا المدنيين.
تطورات الوضع في غزة
بعد مرحلة مكثفة من العمليات البرية والجوية في الشهور الأولى من الصراع، تحولت العمليات الإسرائيلية في قطاع غزة إلى نمط أكثر استهدافًا وتكتيكيًا في مناطق معينة، مع التركيز على خان يونس ورفح مؤخرًا. ومع ذلك، لم تتوقف الاشتباكات بشكل كامل، ولا تزال الضربات الجوية مستمرة. وتطالب الولايات المتحدة والعديد من الدول الغربية بضرورة حماية المدنيين وتقديم المساعدات الإنسانية بشكل كافٍ.
بن غفير، وغيره من الشخصيات المتشددة، يرى أن هذه التكتيكات لا تحقق الردع المطلوب وأنها لا تقضي على حماس بشكل فعال، مما يستدعي، من وجهة نظرهم، «استئناف الحرب بكامل القوة» أي العودة إلى عمليات واسعة النطاق تشمل كافة مناطق القطاع.
الدوافع وراء دعوة بن غفير
يمكن تحليل دوافع دعوة بن غفير إلى عدة نقاط رئيسية:
- الضغط السياسي الداخلي: يسعى بن غفير للحفاظ على قاعدته الشعبية وتعزيز نفوذه داخل الائتلاف الحكومي، وذلك بتبني مواقف متشددة تتماشى مع رؤية مؤيديه.
- رفض التنازلات: يعكس موقفه رفضًا لأي مقترحات لوقف إطلاق النار أو صفقات تبادل أسرى قد يراها ضعيفة أو غير كافية لضمان الأمن الإسرائيلي.
- التصور الأمني: يعتقد أن الحل العسكري الشامل هو الوحيد القادر على تحقيق الأهداف الأمنية الإسرائيلية وإنهاء تهديد حماس بشكل دائم.
- الخلافات داخل الائتلاف: تشير هذه الدعوة إلى توترات داخلية بين أعضاء الائتلاف الحكومي، خاصة بين الجناح اليميني المتطرف ووزارة الدفاع والقيادة العسكرية التي قد تفضل مقاربات مختلفة.
التداعيات المحتملة
إن الاستجابة لدعوة مثل دعوة بن غفير قد تحمل تداعيات خطيرة على عدة مستويات:
- على الصعيد الإنساني: أي تصعيد كبير في العمليات العسكرية سيؤدي حتمًا إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة، وزيادة أعداد الضحايا المدنيين، وتدمير المزيد من البنية التحتية.
- على الصعيد السياسي: قد يؤدي تبني موقف متشدد إلى تعقيد مفاوضات الهدنة وصفقة تبادل الأسرى التي تجري بوساطة قطرية ومصرية وأمريكية. كما قد يزيد من عزلة إسرائيل الدولية.
- على الصعيد الإقليمي: من شأن تصعيد العمليات العسكرية أن يزيد من التوترات الإقليمية، ويزيد من احتمالية اتساع نطاق الصراع ليشمل جبهات أخرى.
- على الصعيد الداخلي الإسرائيلي: بينما قد ترضي هذه الدعوة جزءًا من القاعدة اليمينية، إلا أنها قد تثير استياء أوسع داخل المجتمع الإسرائيلي الذي يطالب بالتركيز على إعادة الأسرى وإيجاد حلول أكثر استدامة.
يبقى قرار استئناف العمليات العسكرية الشاملة في يد رئيس الوزراء نتنياهو، الذي يجد نفسه في مفترق طرق بين المطالب المتضاربة من شركائه في الائتلاف، وقادة الأمن، والرأي العام الإسرائيلي، والمجتمع الدولي.