بيونغ يانغ تعرض أسلحة استراتيجية جديدة بحضور وفود من روسيا والصين
في استعراض للقوة العسكرية وتأكيد على تحالفاتها الدولية، نظمت كوريا الشمالية في أواخر يوليو 2023 عرضًا عسكريًا ضخمًا في العاصمة بيونغ يانغ، احتفالًا بالذكرى السبعين لـ"يوم النصر"، وهو الاسم الذي تطلقه البلاد على يوم توقيع هدنة الحرب الكورية. وشهد الحدث حضور الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، إلى جانب وفود رفيعة المستوى من روسيا والصين، في أول زيارة من نوعها لمسؤولين أجانب منذ بدء جائحة كوفيد-19، مما أضفى على المناسبة أهمية جيوسياسية بالغة.

دلالات الحضور الروسي والصيني
مثّل حضور وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، وعضو المكتب السياسي الصيني لي هونغ تشونغ، رسالة واضحة على تعميق العلاقات بين بيونغ يانغ وموسكو وبكين، وتشكيل جبهة موحدة في مواجهة ما تعتبره الدول الثلاث سياسات الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة. واعتُبرت مشاركتهم بمثابة تأييد ضمني لبرنامج التسلح الكوري الشمالي، الذي يخضع لعقوبات صارمة من مجلس الأمن الدولي، وهو المجلس الذي تتمتع فيه روسيا والصين بحق النقض (الفيتو). وظهر كيم جونغ أون وهو يصطحب شويغو في جولة خاصة لمعرض الأسلحة، حيث تم عرض أحدث التقنيات العسكرية التي طورتها بلاده.
أبرز الأسلحة المعروضة
ركز العرض العسكري على إبراز التطورات الكبيرة في الترسانة الاستراتيجية لكوريا الشمالية، حيث تم الكشف عن أنظمة أسلحة متطورة مصممة لتعزيز قدراتها على الردع والهجوم. وكان من بين أبرز ما تم عرضه:
- صواريخ باليستية عابرة للقارات: تم عرض أحدث الصواريخ الباليستية العابرة للقارات، وعلى رأسها صاروخ "هواسونغ-18"، وهو أول صاروخ كوري شمالي يعمل بالوقود الصلب. يمثل هذا الصاروخ قفزة نوعية في قدرات بيونغ يانغ، حيث إن صواريخ الوقود الصلب أسرع في الإطلاق وأصعب على الرصد مقارنة بصواريخ الوقود السائل. كما تم استعراض صاروخ "هواسونغ-17" العملاق.
- طائرات مسيّرة هجومية واستطلاعية: كشفت كوريا الشمالية لأول مرة عن طائرات مسيّرة جديدة، أثارت انتباه المراقبين الدوليين بسبب تشابهها الكبير مع الطائرات الأمريكية المتقدمة. وشملت الطائرات المعروضة نموذجًا يشبه طائرة الاستطلاع الأمريكية "آر كيو-4 غلوبال هوك"، وآخر يشبه الطائرة الهجومية "إم كيو-9 ريبر"، مما يطرح تساؤلات حول كيفية حصول بيونغ يانغ على هذه التكنولوجيا.
السياق الإقليمي والدولي
جاء هذا الاستعراض العسكري في وقت تتصاعد فيه التوترات في شبه الجزيرة الكورية. فقد كثفت الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية واليابان من تدريباتها العسكرية المشتركة، وقامت واشنطن بنشر أصول استراتيجية، مثل الغواصات التي تعمل بالطاقة النووية، في المنطقة. وفي المقابل، ردت كوريا الشمالية بإجراء سلسلة من تجارب إطلاق الصواريخ الباليستية. وبهذا المعنى، فإن العرض لا يمثل احتفالًا داخليًا فحسب، بل هو أيضًا رسالة تحدٍ موجهة إلى واشنطن وحلفائها، تؤكد من خلالها بيونغ يانغ على استمرارها في تطوير برامجها العسكرية رغم الضغوط والعقوبات الدولية.




