تأكيد رابطة الدوري الإسباني إقامة مباراة فياريال وبرشلونة في ميامي
في تطور لافت أثار جدلاً واسعاً في الأوساط الكروية، أعلنت رابطة الدوري الإسباني لكرة القدم (لا ليغا)، عبر رئيسها خافيير تيباس، في وقت سابق، عن تأكيدها إقامة مباراة ضمن منافسات الدوري الإسباني بين فريقي فياريال وبرشلونة على الأراضي الأمريكية. كان من المقرر أن تستضيف مدينة ميامي الأمريكية هذا اللقاء المرتقب، وتحديداً في استاد هارد روك، وذلك في إطار جهود الرابطة لتوسيع نطاق الليغا عالمياً وتعزيز حضورها في أسواق جديدة.

خلفية المبادرة وأهدافها
لم تكن هذه الخطوة معزولة، بل جاءت ضمن استراتيجية طويلة الأمد لرابطة الدوري الإسباني تهدف إلى عولمة العلامة التجارية للدوري وزيادة إيراداته. ففي عام 2018، وقعت الرابطة اتفاقية شراكة مدتها 15 عامًا مع شركة "ريليفانت سبورتس" الأمريكية، والتي تضمنت بنودًا لإقامة مباريات رسمية من الدوري الإسباني في الولايات المتحدة الأمريكية. كان الهدف الأساسي هو الوصول إلى قاعدة جماهيرية أوسع في أمريكا الشمالية، سوق النمو الرئيسي، وزيادة القيمة التسويقية والحقوق التلفزيونية للدوري.
سبق هذا الإعلان محاولة سابقة في موسم 2018-2019 لنقل مباراة بين فريقي جيرونا وبرشلونة إلى ميامي أيضًا، وهي المحاولة التي واجهت رفضًا شديدًا من عدة أطراف وأدت في النهاية إلى إلغاء الخطة. وعلى الرغم من تلك التجربة، أصرت رابطة الدوري على المضي قدمًا في مساعيها، معتبرةً أن نقل المباريات جزء لا يتجزأ من استراتيجية النمو العالمي الضرورية لضمان مستقبل الدوري وتنافسيته مع الدوريات الأوروبية الكبرى الأخرى.
الجدل الدائر والرفض الرسمي
لم يمر تأكيد إقامة مباراة فياريال وبرشلونة في ميامي دون اعتراضات قوية، بل أثار عاصفة من الجدل وردود الفعل السلبية من جهات متعددة. كان في طليعة المعترضين الاتحاد الإسباني لكرة القدم (RFEF)، برئاسة لويس روبياليس، الذي رفض بشدة هذه الخطوة. واستند الاتحاد في رفضه إلى قواعد ولوائح الفيفا التي تفرض ضرورة الحصول على موافقة جميع الأطراف المعنية – بما في ذلك الاتحادات الوطنية والكونفدرالية والفيفا نفسها – لإقامة مباريات دوري محلي خارج حدود الدولة التي ينتمي إليها الدوري.
كما أبدت الفيفا (الاتحاد الدولي لكرة القدم) تحفظاتها، مؤكدة على ضرورة احترام القوانين الرياضية التي تحافظ على مبدأ تكافؤ الفرص وسلامة المنافسة. وأشارت الفيفا إلى أن إقامة مباراة رسمية في دوري محلي خارج إقليم الدولة يتطلب تصريحًا خاصًا منها، وهو التصريح الذي لم يتم منحه لهذه المبادرة.
على صعيد اللاعبين، عبرت رابطة اللاعبين الإسبان (AFE) عن قلقها البالغ إزاء هذه الخطوة. وحذرت الرابطة من التداعيات المحتملة على صحة اللاعبين ورفاهيتهم نتيجة السفر لمسافات طويلة، بالإضافة إلى تأثير ذلك على نزاهة المنافسة وتشويه الروزنامة الرياضية. وتم التعبير عن مخاوف بشأن فقدان الأندية لجزء من ميزتها اللعب على أرضها أمام جماهيرها، وهو ما يعد عنصراً أساسياً في كرة القدم.
على الرغم من موافقة نادي فياريال مبدئياً على التخلي عن مباراته على أرضه مقابل تعويض مالي، إلا أن الضغوط المتزايدة والرفض الشديد من الهيئات الرسمية أضعف موقف رابطة الدوري الإسباني. أدت هذه الضغوط في النهاية إلى عدم استكمال الإجراءات اللازمة، وبقيت المباراة في موعدها المحدد على الأراضي الإسبانية.
الأهمية والتداعيات المستقبلية
تعد قضية نقل مباراة فياريال وبرشلونة إلى ميامي مثالاً بارزاً على الصراع الدائر بين المصالح التجارية الطموحة ورغبة الدوريات في التوسع العالمي، وبين المبادئ التقليدية لكرة القدم المتعلقة بالعدالة الرياضية، وحقوق المشجعين، وسلامة المنافسة. إن رفض إقامة المباراة في الولايات المتحدة عكس قوة المؤسسات الرياضية الرسمية (الاتحاد الإسباني والفيفا) في حماية قواعد اللعبة ومنع ما تعتبره تشويهاً لها.
بالإضافة إلى ذلك، سلطت هذه القضية الضوء على عدة نقاط مهمة:
- صراع النفوذ: أظهرت المبادرة صراعاً واضحاً على النفوذ بين رابطة الدوري التي تسعى لتعظيم الإيرادات والاتحاد الوطني والدولي الذي يسعى للحفاظ على الهيكل التنظيمي والتشريعي للعبة.
- حقوق المشجعين: أثارت القضية تساؤلات حول حقوق المشجعين المحليين في حضور مباريات فرقهم على أرضها، خاصة حاملي التذاكر الموسمية، والذين شعروا بأن حقوقهم قد تهمل لصالح مكاسب تجارية.
- الاستدامة الرياضية: أكدت الحجج المعارضة على أهمية الحفاظ على الجوهر الرياضي للمنافسة، حيث أن نقل المباريات قد يؤثر على تكافؤ الفرص بين الأندية ويخلق سوابق قد تضر باللعبة على المدى الطويل.
على الرغم من عدم تحقيق رابطة الدوري الإسباني لهدفها في هذه المناسبة، فإن سعيها الحثيث للتوسع العالمي مستمر، ومن المتوقع أن تستكشف طرقاً أخرى لتحقيق ذلك في المستقبل، مع الأخذ في الاعتبار الدروس المستفادة من هذه التجربة.





