تحذير طبي: صعود الدرج ليس رياضة وقد يضر المفاصل
في الأيام الأخيرة، تصدر تحذير مهم من الدكتور محمد أبو زهرة، استشاري العلاج الطبيعي، والذي نبه فيه من الاعتقاد السائد بأن صعود الدرج أو السلم يعتبر نشاطًا رياضيًا صحيًا ومفيدًا للجسم والمفاصل. وقد شدد الدكتور أبو زهرة على أن هذه الممارسة، على عكس التوقعات الشائعة، قد تشكل خطرًا حقيقيًا على سلامة المفاصل، خاصة مفصلي الركبة والكاحل، مما يستدعي إعادة تقييم طرق ممارسة النشاط البدني.

خلفية التحذير والمفهوم الشائع
لطالما اعتمد الكثير من الأفراد على صعود الدرج كوسيلة يومية سهلة ومتاحة لزيادة الحركة البدنية، اعتقادًا منهم بأنه يحقق فوائد رياضية مماثلة للمشي أو الركض. فقد أصبح الدرج في المباني والمرافق العامة خيارًا بديلًا للمصاعد والسلالم المتحركة لمن يسعون للحفاظ على لياقتهم البدنية أو حرق سعرات حرارية إضافية دون الحاجة إلى أدوات أو أماكن مخصصة للرياضة. هذا التصور الراسخ جعله جزءًا لا يتجزأ من روتين اللياقة البدنية لدى البعض، مما أثار الحاجة إلى توضيح علمي دقيق حول تأثيره الفعلي على صحة المفاصل.
لماذا صعود الدرج ليس رياضة مفيدة؟
يشرح الدكتور محمد أبو زهرة أن الفائدة الرياضية المرجوة من صعود الدرج محدودة وغير متوازنة. فبينما قد يؤدي إلى زيادة مؤقتة في ضربات القلب وحرق بعض السعرات الحرارية، إلا أنه يفرض ضغطًا مفرطًا وغير صحي على مفاصل الأطراف السفلية، خاصة الركبتين. عند كل خطوة صعودًا أو نزولًا، تتعرض الركبتان لقوى ضغط واحتكاك تفوق بكثير القوى الناتجة عن المشي على سطح مستوٍ. هذه القوى يمكن أن تسرع من تآكل الغضاريف التي تعمل كوسادة طبيعية بين عظام المفصل، مما يزيد من خطر الإصابة بـالتهاب المفاصل التنكسي (الخشونة)، وتلف الأربطة أو الغضاريف الهلالية.
وأضاف أن حركة صعود الدرج لا تساهم في تقوية العضلات المحيطة بالمفاصل بشكل متوازن وكافٍ لتوفير الحماية اللازمة ضد هذه الضغوط المتكررة. بل على العكس، قد تسبب إجهادًا غير متناسب على مجموعات عضلية معينة دون غيرها، مما يخل بالتوازن العضلي الحيوي لدعم المفصل واستقراره.
الفئات الأكثر عرضة للخطر
تتضاعف المخاطر المرتبطة بصعود الدرج كنشاط رياضي مكثف بشكل خاص لبعض الفئات، ومنها:
- الأشخاص الذين يعانون من مشاكل سابقة في المفاصل: مثل التهاب المفاصل، أو من خضعوا لعمليات جراحية في الركبة أو الكاحل.
 - كبار السن: نظرًا للتناقص الطبيعي في مرونة الغضاريف وقوة العضلات مع التقدم في العمر، يصبحون أكثر عرضة للإصابة.
 - الأشخاص ذوي الوزن الزائد أو السمنة: حيث تزداد حمولة الجسم على المفاصل بشكل كبير، مما يفاقم من الضغط والاحتكاك.
 - الرياضيون الهواة: الذين قد يبالغون في استخدام الدرج كجزء من تمارينهم دون وعي بالمخاطر طويلة المدى.
 
حتى الأفراد الأصحاء، إذا ما اعتمدوا على صعود الدرج كشكل رئيسي ومتكرر للتمارين الرياضية، قد يعرضون مفاصلهم لإجهاد غير ضروري على المدى الطويل، مما يؤثر على جودتها وكفاءتها مع التقدم في العمر.
سياق أوسع لصحة المفاصل وأهمية الخبر
يبرز هذا التحذير أهمية فهم ميكانيكا الجسم واختيار الأنشطة البدنية المناسبة التي تدعم صحة المفاصل على المدى الطويل. فالمفاصل هي الأساس الذي يتيح لنا الحركة والاستقلالية في حياتنا اليومية، والحفاظ عليها يعد استثمارًا في جودة الحياة. يسلط الخبر الضوء على ضرورة التمييز بين الحركة اليومية الضرورية والتمارين الرياضية الهادفة والآمنة. فالرياضات التي تتضمن تأثيرًا عاليًا أو حركات متكررة غير صحيحة يمكن أن تكون مدمرة بمرور الوقت، لذا يجب أن تركز برامج اللياقة البدنية على بناء القوة العضلية حول المفاصل بطريقة آمنة، وتحسين المرونة، وتقليل الضغط غير الضروري.
بدائل صحية وآمنة للحفاظ على اللياقة
بدلاً من الاعتماد على صعود الدرج كشكل رئيسي للتمارين، يقترح المتخصصون في العلاج الطبيعي والطب الرياضي بدائل أكثر أمانًا وفعالية للحفاظ على صحة المفاصل واللياقة البدنية بشكل عام:
- المشي على الأسطح المستوية: يعد المشي السريع على أرض مستوية من أفضل التمارين الهوائية منخفضة التأثير التي تقوي القلب والأوعية الدموية دون إجهاد المفاصل.
 - السباحة والتمارين المائية: توفر البيئة المائية دعمًا للجسم وتقلل الضغط على المفاصل بشكل كبير، مما يجعلها مثالية لجميع الأعمار ومستويات اللياقة البدنية، وخاصة لمن يعانون من آلام المفاصل.
 - ركوب الدراجات: سواء كانت دراجة ثابتة أو خارجية، إذا تم ضبطها بشكل صحيح، فهي تمرين ممتاز يقوي عضلات الساقين والفخذين دون وضع عبء كبير على الركبتين.
 - تمارين تقوية العضلات: التركيز على تمارين تقوية عضلات الفخذين (مثل القرفصاء الجزئي والاندفاع الخفيف) وعضلات المؤخرة والساقين، مع الحرص على الأداء الصحيح وتحت إشراف متخصص إذا لزم الأمر، يمكن أن يوفر دعمًا أفضل للمفاصل.
 - تمارين المرونة والتوازن: مثل اليوجا والبيلاتس، التي تساعد على تحسين مدى حركة المفاصل وتقوية العضلات الأساسية دون إجهاد.
 
ويُنصح دائمًا باستشارة طبيب أو أخصائي علاج طبيعي لتصميم برنامج رياضي يتناسب مع الحالة الصحية والقدرات البدنية لكل فرد.
الخاتمة والأثر المتوقع
يشكل تحذير الدكتور محمد أبو زهرة دعوة واضحة لإعادة التفكير في العادات الرياضية اليومية وتقييمها بناءً على أسس علمية صحيحة. الهدف ليس تجنب الدرج تمامًا في سياق الحياة اليومية، بل توعية الأفراد بالمخاطر المحتملة لاعتباره بديلًا صحيًا وشاملًا للرياضة الحقيقية. من الضروري أن يميز الناس بين الحركة اليومية الضرورية والتمارين الرياضية التي يجب أن تكون مصممة بعناية للحفاظ على صحة المفاصل وتعزيز اللياقة البدنية على المدى الطويل. هذا الوعي يضمن أن الأفراد يمكنهم اتخاذ قرارات مستنيرة تسهم في الحفاظ على صحتهم البدنية وجودة حياتهم.





