تحذيرات صحية بشأن حرارة طهو اللحوم: تجنب "خطأ قاتل"
تُعد سلامة الغذاء محور اهتمام متزايد من قبل خبراء الصحة حول العالم، وفي هذا السياق، تتجدد التحذيرات المتعلقة بدرجات حرارة طهي اللحوم، التي يعتبرها الكثيرون جانبًا أساسيًا لضمان وجبات صحية. فعلى الرغم من أن تفضيلات الطهي تتفاوت بشكل كبير بين الأفراد – فمنهم من يميل إلى اللحوم المطبوخة جيدًا حتى النضج الكامل، وآخرون يفضلونها نصف ناضجة أو أقرب إلى النيئة – إلا أن هناك إجماعًا علميًا على ضرورة الالتزام بدرجات حرارة داخلية معينة للقضاء على الميكروبات الضارة. وفي الآونة الأخيرة، كثّف خبراء الصحة تحذيراتهم بشأن ما يصفونه بـ"خطأ قاتل" قد يرتكبه البعض عند إعداد اللحوم، وهو عدم الوصول إلى درجة الحرارة الكافية لقتل البكتيريا المسببة للأمراض، مما يعرض المستهلكين لمخاطر صحية جدية.
لماذا تعد درجة حرارة الطهي ضرورية لسلامة الغذاء؟
يكمن الخطر الأساسي في أن اللحوم النيئة أو غير المطهية جيدًا يمكن أن تحتوي على بكتيريا ضارة مثل السالمونيلا، والإشريكية القولونية (E. coli)، والليستيريا، والعطيفة (Campylobacter). هذه الكائنات الدقيقة قادرة على التكاثر بسرعة في درجات حرارة معينة وتتسبب في أمراض منقولة بالغذاء، والتي تتراوح شدتها من اضطرابات معوية خفيفة إلى حالات خطيرة قد تهدد الحياة. تعمل الحرارة المرتفعة أثناء الطهي على تدمير هذه البكتيريا، مما يجعل اللحم آمنًا للاستهلاك. وتشير تقارير المراكز الصحية إلى أن عدم كفاية الطهي هو أحد الأسباب الرئيسية للتسمم الغذائي، مما يؤكد أهمية فهم وتطبيق الإرشادات الصحيحة.
درجات الحرارة الموصى بها لسلامة الغذاء
لضمان قتل البكتيريا الضارة، يوصي خبراء سلامة الأغذية باستخدام مقياس حرارة اللحوم للتحقق من درجة الحرارة الداخلية، حيث أن اللون والملمس ليسا مؤشرات موثوقة للنضج الآمن. وقد حددت الهيئات الصحية درجات حرارة داخلية محددة لأنواع مختلفة من اللحوم:
- لحوم البقر والضأن والعجول المفرومة، بالإضافة إلى الدواجن المفرومة: يجب أن تصل درجة الحرارة الداخلية إلى 71 درجة مئوية (160 فهرنهايت).
- الدواجن الكاملة (مثل الدجاج والديك الرومي): تتطلب درجة حرارة داخلية تبلغ 74 درجة مئوية (165 فهرنهايت).
- شرائح اللحم وقطع اللحم المشوي (مثل لحم البقر والضأن والعجل): يجب طهيها إلى 63 درجة مئوية (145 فهرنهايت)، ثم تُترك لترتاح لمدة ثلاث دقائق على الأقل قبل التقديم. فترة الراحة هذه تساعد على إكمال عملية الطهي وتوزيع الحرارة.
- لحم الخنزير: يُنصح بطهيه حتى 63 درجة مئوية (145 فهرنهايت)، مع فترة راحة لا تقل عن ثلاث دقائق.
- الأسماك: بشكل عام، يجب طهي معظم أنواع الأسماك حتى تصل درجة حرارتها الداخلية إلى 63 درجة مئوية (145 فهرنهايت).
تضمن هذه الدرجات القضاء الفعال على المسببات المرضية، مما يوفر طبقة حماية للمستهلكين.
المخاطر الصحية لعدم كفاية الطهي
يمكن أن تظهر أعراض التسمم الغذائي الناجم عن اللحوم غير المطهية بشكل صحيح بعد ساعات أو حتى أيام من تناول الطعام. وتشمل الأعراض الشائعة الغثيان والقيء والإسهال وآلام البطن والحمى. وفي حالات أكثر خطورة، يمكن أن يؤدي التسمم الغذائي إلى الجفاف الشديد، والفشل الكلوي، ومتلازمة انحلال الدم اليوريمية (خاصة مع بعض سلالات الإشريكية القولونية)، وفي أندر الحالات، الوفاة. الأطفال الصغار، وكبار السن، والنساء الحوامل، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، هم الأكثر عرضة للمضاعفات الشديدة للتسمم الغذائي، مما يجعل الالتزام بمعايير السلامة أمرًا بالغ الأهمية لهذه الفئات.
ممارسات خاطئة ونصائح الخبراء
يرتكب الكثيرون خطأ الاعتماد على المظهر البصري للحم أو لون عصائره للحكم على نضجه. فالحم قد يبدو مطهوًا من الخارج بينما لا يزال الجزء الداخلي باردًا بما يكفي لبقاء البكتيريا حية. ولتفادي هذا الخطأ، يؤكد الخبراء على ضرورة اقتناء واستخدام مقياس حرارة الطعام الجيد، وإدخاله في الجزء الأكثر سمكًا من اللحم، بعيدًا عن العظام، للحصول على قراءة دقيقة. إضافة إلى ذلك، هناك ممارسات أخرى ضرورية لسلامة الغذاء تشمل:
- غسل اليدين جيدًا: قبل وبعد التعامل مع اللحوم النيئة.
- منع التلوث المتبادل: استخدام ألواح تقطيع وأدوات منفصلة للحوم النيئة عن تلك المستخدمة للأطعمة الجاهزة للأكل.
- الذوبان الآمن: إذابة اللحوم المجمدة في الثلاجة، أو في الماء البارد، أو في الميكروويف، وتجنب تركها في درجة حرارة الغرفة لفترات طويلة.
- التبريد الفوري: تبريد بقايا الطعام في غضون ساعتين من الطهي لتجنب نمو البكتيريا.
في إطار حملات التوعية الأخيرة، شددت المنظمات الصحية على أهمية تثقيف الجمهور حول هذه الممارسات، معتبرة إياها خط الدفاع الأول ضد الأمراض المنقولة بالغذاء.
الوقاية والتوعية
يعد الوعي العام والمعرفة بالأساليب الصحيحة لطهي اللحوم خطوة أساسية نحو حماية الصحة العامة. فبينما يستمتع الكثيرون بتنوع أساليب الطهي ونكهات اللحوم المختلفة، يجب أن تظل السلامة الغذائية أولوية قصوى. تهدف تحذيرات خبراء الصحة إلى تعزيز ثقافة الطهي الآمن في المنازل والمطاعم على حد سواء، لضمان أن تكون كل وجبة لذيذة وآمنة في آن واحد. إن اتباع الإرشادات البسيطة والأساسية هذه لا يحمي الأفراد فقط من الأمراض المحتملة، بل يساهم أيضًا في بناء مجتمع أكثر صحة ووعيًا بسلامة الغذاء.





