تدقيق الحقائق: فيديو الاشتباكات المزعومة بين أفغانستان وباكستان يعود لتدريبات عسكرية قديمة
انتشر على منصات التواصل الاجتماعي، خلال فترات متفرقة، مقطع فيديو يُزعم أنه يوثق اشتباكات عنيفة ومباشرة عند الحدود بين باكستان وأفغانستان. حصد المقطع، الذي يُظهر جنودًا يطلقون النار بكثافة ويتقدمون في منطقة جبلية، تفاعلًا واسعًا، حيث ربطه المستخدمون بالتوترات الحدودية الدورية بين البلدين، خاصة عند معابر مثل طورخم وشامان.

حقيقة المشاهد المتداولة
بعد تداول الفيديو على نطاق واسع، قامت وكالات التحقق من الأخبار بتحليل المشاهد لتحديد مصدرها وسياقها الحقيقي. أظهرت عملية التدقيق أن المقطع لا علاقة له بأي اشتباكات حدودية فعلية، بل هو في الواقع تسجيل لتدريبات عسكرية أجراها الجيش الباكستاني في وقت سابق. توصل المدققون إلى هذه النتيجة بناءً على عدة أدلة:
- المصدر الأصلي: تبين أن الفيديو منشور منذ سنوات على قنوات يوتيوب ومنصات أخرى متخصصة في عرض المحتوى العسكري الباكستاني، ويعود تاريخ بعض النسخ إلى عام 2021 أو حتى قبل ذلك، مما ينفي تمامًا ارتباطه بأي أحداث حديثة.
- طبيعة اللقطات: يشير تحليل حركة الجنود والتصوير السينمائي إلى أنه استعراض منسق وليس معركة حقيقية. تظهر اللقطات جنودًا يتقدمون بشكل منظم دون وجود أي مقاومة واضحة أو نيران معادية، وهي سمات تتوافق مع التدريبات العسكرية المخطط لها مسبقًا وليس الاشتباكات العشوائية.
- غياب التقارير الرسمية: لم يصدر عن السلطات في باكستان أو أفغانستان أي بيان رسمي يؤكد وقوع اشتباك بهذا الحجم في التواريخ التي انتشر فيها الفيديو، وهو أمر غير معتاد في حال وقوع مواجهات عنيفة تؤدي إلى خسائر.
سياق التوترات الحدودية
يعود سبب انتشار مثل هذه المقاطع المضللة إلى حقيقة وجود توترات مستمرة على الحدود الأفغانية الباكستانية، التي تمتد لمسافة تزيد عن 2,600 كيلومتر. تشهد هذه المنطقة بشكل متكرر مناوشات وإغلاقًا للمعابر وتبادلًا لإطلاق النار بين قوات البلدين، مما يخلق بيئة خصبة لانتشار الشائعات والأخبار الكاذبة التي تهدف إلى إثارة المشاعر. غالبًا ما يعاد نشر هذا الفيديو وغيره من المقاطع القديمة خلال فترات التصعيد السياسي أو الأمني بين إسلام آباد وكابول، حيث يستغل الناشرون التوترات القائمة لجذب الانتباه وتحقيق انتشار أوسع.
أهمية التحقق في زمن الصراعات
يُبرز هذا المثال أهمية التحقق من المحتوى المرئي قبل مشاركته، خاصة ذلك المتعلق بالنزاعات العسكرية والسياسية. ففي ظل سهولة التلاعب بالمحتوى وإخراجه عن سياقه الأصلي، يصبح الاعتماد على المصادر الإخبارية الموثوقة ووكالات تدقيق الحقائق ضرورة ملحة لمواجهة حملات التضليل التي قد تؤدي إلى تفاقم التوترات بين الشعوب والحكومات.