تراجع أسعار صرف الدولار مقابل الدينار العراقي في ختام تعاملات اليوم ببغداد وأربيل
شهدت الأسواق المالية في العاصمة العراقية بغداد ومدينة أربيل، مساء يوم الثلاثاء الموافق 25 تشرين الثاني 2025، انخفاضاً ملحوظاً في أسعار صرف الدولار الأمريكي مقابل الدينار العراقي، وذلك مع إغلاق تعاملات اليوم. يأتي هذا التراجع بعد أن كانت أسعار العملة الأمريكية قد سجلت ارتفاعاً في ساعات الصباح الباكر من اليوم ذاته، ضمن الأسواق الموازية في بغداد، قبل أن تشهد تحولاً غير متوقع نحو الانخفاض بحلول نهاية فترة التداول. يعكس هذا التقلب الديناميكية المستمرة لسوق العملات في العراق والتأثيرات المتعددة التي تحكمه.

خلفية عن العلاقة بين الدينار العراقي والدولار
يعتمد الاقتصاد العراقي بشكل كبير على إيرادات النفط التي تُسعر وتُدفع بالدولار الأمريكي. هذا الاعتماد يخلق طلباً مستمراً على الدولار داخل البلاد، مما يؤثر بشكل مباشر على سعر صرف الدينار. يعمل البنك المركزي العراقي (CBI) على إدارة استقرار العملة من خلال تحديد سعر الصرف الرسمي وإجراء مزادات يومية لبيع الدولار للبنوك المحلية والمؤسسات المالية. ومع ذلك، غالباً ما يوجد سوق موازٍ أو غير رسمي يتداول فيه الدولار بأسعار مختلفة عن السعر الرسمي، متأثراً بعوامل مثل العرض والطلب خارج القنوات الرسمية، التوقعات الاقتصادية، والمضاربة. إن استقرار سعر صرف الدينار مقابل الدولار يُعد مؤشراً حيوياً للصحة الاقتصادية للعراق وهدفاً رئيسياً للحكومة في سعيها للسيطرة على التضخم وتعزيز القوة الشرائية للمواطنين.
تطورات السوق الرئيسية
في صباح يوم الثلاثاء، 25 تشرين الثاني 2025، شهدت الأسواق الموازية للعملات في بغداد ارتفاعاً في أسعار الدولار، مما أثار مخاوف بين المستهلكين والتجار الذين اعتادوا على التقلبات اليومية. وقد عزا بعض المحللين هذا الارتفاع الصباحي إلى زيادة الطلب من قبل المستوردين أو نتيجة للمضاربة. لكن، هذا الاتجاه انعكس بشكل غير متوقع بحلول نهاية اليوم التجاري. شهد المساء تراجعاً ملموساً في قيمة الدولار، مما جلب بعض الارتياح وأشار إلى إعادة معايرة محتملة في معنويات السوق أو ربما تدخلاً، مباشراً أو غير مباشر، من السلطات النقدية. لوحظ هذا الانخفاض عبر المراكز المالية الرئيسية، بما في ذلك مكاتب الصرافة الرسمية وغير الرسمية في بغداد وأربيل، مما يؤكد على رد فعل واسع في السوق.
العوامل المؤثرة في أسعار الصرف
تساهم عدة عوامل في تقلبات سعر صرف الدولار مقابل الدينار العراقي. وتشمل هذه العوامل مبيعات العملة الأجنبية التي يجريها البنك المركزي العراقي، والتي تضخ الدولار في السوق لتلبية الطلب وتحقيق الاستقرار في السعر. كما تؤثر اللوائح المالية الدولية، مثل تلك التي تهدف إلى مكافحة غسيل الأموال والتمويل غير المشروع، على تدفق الدولار إلى العراق وبالتالي على توافره في السوق. علاوة على ذلك، تلعب الظروف الاقتصادية المحلية، بما في ذلك الإنفاق الحكومي، وإيرادات تصدير النفط، وثقة الجمهور، دوراً هاماً. يمكن أن تؤدي الاستقرار السياسي والأوضاع الأمنية أيضاً إلى تحولات في سلوك السوق، مما يؤدي إلى زيادة الطلب على العملة الصعبة كملاذ آمن.
تداعيات التغيرات على الاقتصاد والمواطنين
إن تقلب سعر صرف الدولار مقابل الدينار العراقي له عواقب مباشرة على حياة العراقيين اليومية. انخفاض أسعار الدولار يجعل السلع المستوردة، بما في ذلك السلع الأساسية، أرخص، مما قد يخفف من الضغوط التضخمية ويعزز القوة الشرائية للمواطنين. وعلى النقيض، تستفيد الشركات التي تعتمد على الواردات المقومة بالدولار من انخفاض التكاليف، في حين قد يواجه المصدرون تحديات إذا أصبحت سلعهم أكثر تكلفة نسبياً في الأسواق الدولية. تعتبر الحكومة استقرار أو تقوية الدينار أمراً حاسماً للتخطيط الاقتصادي طويل الأجل ولتعزيز ثقة المستثمرين في الاقتصاد العراقي المتنامي. ويؤكد الانخفاض الذي حدث مساء اليوم، بعد الارتفاع الصباحي، على حساسية السوق والحاجة المستمرة لسياسة نقدية يقظة.
جهود البنك المركزي لتحقيق الاستقرار
يعمل البنك المركزي العراقي باستمرار على تقليص الفجوة بين سعر الصرف الرسمي وسعر السوق الموازية. وتشمل استراتيجياته زيادة حجم مبيعات الدولار في مزاداته اليومية، وتطبيق ضوابط أكثر صرامة على تحويلات العملات، وتشجيع البنوك على تلبية الطلب المشروع على العملات الأجنبية. الهدف هو توجيه المزيد من المعاملات عبر القنوات الرسمية، وبالتالي تقليل تأثير السوق الموازية غير المنظمة وخلق بيئة اقتصادية أكثر قابلية للتنبؤ. يمكن تفسير مثل هذا الانخفاض في قيمة الدولار عند إغلاق التداولات، خاصة بعد ارتفاع صباحي، كنتيجة إيجابية لجهود الاستقرار هذه، مما يشير إلى زيادة المعروض من الدولار أو انخفاض الطلب التخميني.
التوقعات المستقبلية
بينما توفر أرقام إغلاق اليوم بعض الراحة، لا يزال الاستقرار طويل الأجل لسعر صرف الدولار مقابل الدينار العراقي يمثل تحدياً رئيسياً للعراق. إن اعتماد البلاد على سلعة واحدة (النفط) لتحقيق إيراداتها، إلى جانب المشاكل الاقتصادية الهيكلية المستمرة والديناميكيات الجيوسياسية الإقليمية، يعني أن سوق العملات سيظل على الأرجح عرضة لضغوط مختلفة. ستكون اليقظة المستمرة من السلطات النقدية، إلى جانب تنويع اقتصادي أوسع ومبادرات إصلاحية، ضرورية لضمان استقرار العملة المستدام وتعزيز نمو اقتصادي قوي في العراق. وسيراقب المراقبون عن كثب جلسات التداول القادمة بحثاً عن علامات على اتجاه مستدام أو تجدد التقلبات.





