تصاعد الضغوط على الأمير أندرو لمغادرة مقرّه الملكي بأمر من الملك تشارلز
في خطوة تعكس التوجه الجديد للملكية البريطانية، تتزايد الضغوط التي يمارسها الملك تشارلز الثالث على شقيقه الأصغر، الأمير أندرو، لإخلاء مقر إقامته الفخم "رويال لودج" في وندسور. تأتي هذه التطورات كجزء من سلسلة إجراءات تهدف إلى إبعاد دوق يورك عن المشهد العام بشكل دائم، وذلك على خلفية الفضيحة التي ربطت اسمه بالخبير المالي المدان بارتكاب جرائم جنسية، جيفري إبستين.
التطورات الأخيرة: معركة "رويال لودج"
يتركز الخلاف الحالي حول "رويال لودج"، وهو قصر كبير مكون من 30 غرفة يقيم فيه الأمير أندرو منذ عام 2004 بموجب عقد إيجار طويل الأمد. تشير التقارير الصادرة خلال الأشهر الماضية إلى أن الملك تشارلز يسعى جاهداً لنقل شقيقه إلى مسكن أصغر وأقل تكلفة، وهو "فروغمور كوتاج" الذي كان يقيم فيه سابقاً الأمير هاري وميغان ماركل. ويُعتقد أن الدافع الرئيسي وراء هذه الخطوة هو مالي، حيث قرر الملك خفض الدعم السنوي الذي كان يحصل عليه أندرو من والدته الراحلة الملكة إليزابيث الثانية، مما يجعل تكاليف صيانة وتشغيل "رويال لودج" الباهظة عبئاً لا يستطيع تحمله.
ورغم أن الأمير أندرو يبدي مقاومة شديدة لترك المنزل، مستنداً إلى عقد الإيجار الذي وقّعه، فإن الملك يمتلك أدوات ضغط قوية. فقد ورد أن قصر باكنغهام قد هدد بوقف تمويل تكاليف الأمن والصيانة للممتلكات إذا لم يمتثل الدوق للطلب، مما يضعه في موقف صعب للغاية ويجعل مغادرته مسألة وقت.
خلفية الأزمة: من الصداقة بإبستين إلى العزلة الملكية
تعود جذور الأزمة الحالية إلى سنوات طويلة من الجدل حول علاقة الأمير أندرو بـجيفري إبستين وغيسلين ماكسويل. وصلت الأزمة إلى ذروتها بعد اتهامات وجهتها له فيرجينيا جوفري بالاعتداء عليها جنسياً عندما كانت قاصرًا، وهي اتهامات نفاها الأمير بشكل قاطع ومتكرر. أدت محاولته تبرئة ساحته في مقابلة تلفزيونية كارثية مع برنامج "نيوزنايت" على قناة بي بي سي في نوفمبر 2019 إلى نتائج عكسية تماماً، حيث أثارت انتقادات واسعة وأجبرته على التنحي عن واجباته الملكية العامة.
في مواجهة دعوى مدنية رفعتها ضده جوفري في الولايات المتحدة، اتخذت والدته، الملكة إليزابيث الثانية، في يناير 2022، قراراً حاسماً بتجريده من جميع ألقابه العسكرية الفخرية ورعاياته الملكية، كما تم حظره من استخدام لقب "صاحب السمو الملكي" في أي صفة رسمية. وبعد ذلك بشهر، في فبراير 2022، توصل الأمير أندرو إلى تسوية مالية خارج المحكمة مع جوفري، منهياً القضية دون اعتراف بالذنب.
الألقاب المتبقية ومستقبل الدوق
على الرغم من الإجراءات التي اتخذتها الملكة الراحلة، لا يزال الأمير أندرو يحتفظ ببعض الألقاب، وأهمها لقب "دوق يورك"، وهو لقب نبالة لا يمكن للملك تجريده منه من جانب واحد، حيث يتطلب ذلك قراراً من البرلمان البريطاني. كما أنه لا يزال أميراً بالولادة. ومع ذلك، فإن هذه الألقاب أصبحت رمزية إلى حد كبير، حيث تم استبعاده فعلياً من جميع جوانب الحياة الملكية الرسمية. يقتصر ظهوره العلني الآن على المناسبات العائلية الخاصة، مثل قداس عيد الميلاد، بعيداً عن الأضواء والاحتفالات الرسمية.
الأهمية والتأثير على النظام الملكي
تعكس الإجراءات الصارمة التي يتخذها الملك تشارلز رؤيته لمستقبل النظام الملكي، والتي تقوم على فكرة "الملكية المصغرة" التي تضم عدداً أقل من أفراد العائلة العاملين، وتكون أكثر شفافية ومساءلة وأقل تكلفة. يُنظر إلى قضية الأمير أندرو على أنها اختبار حقيقي لمدى جدية الملك في تنفيذ هذه الرؤية وحماية سمعة التاج البريطاني.
من خلال إصراره على إخلاء "رويال لودج"، يرسل الملك تشارلز رسالة واضحة مفادها أنه لا يوجد مكان في المؤسسة الملكية الجديدة لأفراد يمثلون عبئاً على سمعتها أو مواردها المالية. وتهدف هذه الخطوة إلى طي صفحة الفضيحة بشكل نهائي ومنعها من إلقاء ظلالها على عهده، مع التأكيد على أن المصلحة العامة للمؤسسة تفوق أي اعتبارات شخصية أو عائلية.





