تصعيد خطير في السودان: حميدتي يهدد باستهداف مطارات في دول مجاورة
شهد الصراع السوداني منعطفاً خطيراً قد يوسع من نطاقه الجغرافي، وذلك بعد أن أصدر قائد قوات الدعم السريع، الفريق أول محمد حمدان دقلو "حميدتي"، تهديداً مباشراً باستهداف مطارات في دول مجاورة يرى أنها تُستخدم لدعم العمليات العسكرية للجيش السوداني. يأتي هذا التصعيد في وقت تتركز فيه الأنظار على المعارك الطاحنة الدائرة في مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، مما يفاقم من الأزمة الإنسانية ويزيد من تعقيدات المشهد الإقليمي.

تفاصيل التهديد الأخير
في تسجيل صوتي نُشر مؤخراً، وجه حميدتي اتهاماً صريحاً لدولة مجاورة، لم يسمها، بأنها تسمح للجيش السوداني باستخدام أراضيها ومطاراتها كقواعد لشن هجمات جوية ضد قواته. وأكد قائد الدعم السريع أن أي مطار يُستخدم لإطلاق طائرات معادية نحو قواته سيتم اعتباره "هدفاً مشروعاً"، في إشارة واضحة إلى استعداد قواته لنقل المعركة إلى خارج حدود السودان. ورغم عدم تحديد الدولة، تشير معظم التحليلات وتقارير استخباراتية إلى أن التهديد موجه بشكل أساسي إلى تشاد، وتحديداً مطار أمدجراس، الذي يُعتقد أن الجيش السوداني قد تلقى دعماً لوجستياً عبره.
السياق الميداني: معركة الفاشر
يرتبط هذا التهديد بشكل مباشر بالوضع الميداني في الفاشر، التي تعد آخر معاقل الجيش السوداني في إقليم دارفور الواسع. تحاصر قوات الدعم السريع المدينة منذ أسابيع، وتشن هجمات متواصلة في محاولة للسيطرة عليها، مما أدى إلى وضع إنساني كارثي لمئات الآلاف من المدنيين والنازحين الذين لجأوا إليها. ويعتمد الجيش السوداني بشكل كبير على تفوقه الجوي لصد هجمات الدعم السريع وحماية مواقعه داخل المدينة. ومن هذا المنطلق، يمثل تهديد حميدتي محاولة استراتيجية لشل قدرات الجيش الجوية عبر قطع خطوط إمداده الخارجية والضغط على الدول التي قد تقدم له الدعم.
خلفية الصراع وتداعياته الإقليمية
اندلع الصراع في السودان في أبريل 2023 نتيجة صراع على السلطة بين قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، حليفي الأمس في انقلاب 2021. ومنذ اندلاعه، تحول الصراع إلى حرب مدمرة أودت بحياة عشرات الآلاف وشردت الملايين، مع اتهامات متبادلة بارتكاب جرائم حرب وانتهاكات واسعة لحقوق الإنسان. لطالما كان للبعد الإقليمي دور محوري في الصراع، مع اتهامات لدولة الإمارات بدعم الدعم السريع، ودول أخرى مثل مصر بدعم الجيش. إن التهديد الأخير بنقل العمليات العسكرية إلى دولة مجاورة يمثل نقلة نوعية، حيث يمكن أن يؤدي إلى اشتباك مباشر بين السودان وإحدى جاراته، مما يهدد بزعزعة استقرار منطقة الساحل الهشة بالفعل.
المخاوف الدولية وردود الفعل
أثار هذا التطور قلقاً بالغاً لدى المجتمع الدولي. وقد حذرت الأمم المتحدة ومنظمات إنسانية مراراً من أن سقوط الفاشر قد يؤدي إلى مجازر واسعة النطاق وتفاقم الأزمة الإنسانية. كما أن التهديد بتوسيع رقعة الحرب يضع ضغوطاً هائلة على دول الجوار، خاصة تشاد التي تستضيف بالفعل مئات الآلاف من اللاجئين السودانيين وتلعب دوراً حساساً في جهود الوساطة. ويدعو مراقبون دوليون إلى ممارسة أقصى درجات الضغط على طرفي النزاع لوقف إطلاق النار والعودة إلى المسار السلمي، محذرين من أن استمرار التصعيد قد يجر المنطقة بأكملها إلى دوامة من العنف يصعب السيطرة عليها.





