تعزيز الشراكة المصرية اليونانية: رؤى جديدة للابتكار وتوطين التكنولوجيا والصناعة
شهدت الأوساط الاقتصادية مؤخرًا مباحثات رفيعة المستوى بين مصر واليونان، حيث التقت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي المصرية، مع هاري ثيوهاريس، نائب وزير الخارجية اليوناني. جرى هذا اللقاء الثنائي على هامش فعاليات النسخة التاسعة من مؤتمر «مبادرة مستقبل الاستثمار» الذي استضافته مدينة الرياض تحت شعار «مفتاح الازدهار». وقد تركزت المحادثات على سبل تعزيز العلاقات الاقتصادية والاستثمارية بين البلدين الصديقين، مع التركيز بشكل خاص على مجالات حيوية مثل الابتكار، وتوطين التكنولوجيا، وتنمية القطاع الصناعي.

سياق التعاون الثنائي والإقليمي
تتمتع مصر واليونان بعلاقات تاريخية قوية وشراكة استراتيجية متزايدة الأهمية، خاصة في منطقة شرق المتوسط. يُمثل مؤتمر «مبادرة مستقبل الاستثمار» منصة عالمية بارزة تجمع قادة الفكر وصناع القرار والمستثمرين من مختلف أنحاء العالم لمناقشة التحديات الاقتصادية العالمية وتحديد فرص النمو المستقبلية. تأتي مشاركة الوزيرين في هذا المحفل لتؤكد التزام الدولتين باستكشاف آفاق جديدة للنمو الاقتصادي المشترك وتوسيع قاعدة الاستثمارات بما يخدم المصالح المتبادلة.
يندفع هذا التعاون الثنائي ضمن إطار أوسع للشراكة الاستراتيجية التي تشمل أبعادًا سياسية واقتصادية وأمنية. وتبرز أهمية هذه الشراكة في ظل التحديات والفرص التي تشهدها المنطقة، حيث لطالما كانت اليونان شريكًا أوروبيًا أساسيًا لمصر، لا سيما في مبادرات التعاون الثلاثي التي تضم أيضًا قبرص، والتي تهدف إلى تعزيز الاستقرار والتنمية المستدامة في منطقة شرق المتوسط بأكملها.
محاور المباحثات الرئيسية
تطرقت المباحثات الثنائية إلى عدد من المحاور الأساسية التي تُعد ضرورية لتحقيق نقلة نوعية في الشراكة الاقتصادية بين القاهرة وأثينا، وتتمثل في:
- الابتكار: تم التأكيد على أهمية تبادل الخبرات والمعرفة في مجال البحث والتطوير، ودعم الشركات الناشئة، وخلق بيئة حاضنة ومحفزة للإبداع التكنولوجي الذي يُعد دافعًا رئيسيًا للنمو الاقتصادي المستدام.
- توطين التكنولوجيا: ناقش الجانبان سبل نقل وتوطين التكنولوجيا المتقدمة في مختلف القطاعات الصناعية المصرية. هذا التوجه يسعى لتعزيز القدرات الإنتاجية المحلية، وتقليل الاعتماد على الاستيراد، وخلق فرص عمل نوعية، بالاستفادة من الخبرات اليونانية والأوروبية في هذا المجال.
- تنمية القطاع الصناعي: استعرض الوزراء فرص إقامة مشروعات صناعية مشتركة وتشجيع الاستثمارات المتبادلة في قطاعات صناعية حيوية، بهدف زيادة القدرة التنافسية للمنتجات المصرية واليونانية في الأسواق الإقليمية والدولية على حد سواء.
تُعد هذه المجالات الثلاثة محركات أساسية للتحول الاقتصادي وتعزيز القدرة التنافسية للدول في الاقتصاد العالمي المعاصر، مما يعكس رؤية مشتركة لتحقيق التنمية المستدامة والشاملة للطرفين.
الأهداف والتطلعات المستقبلية
يهدف هذا اللقاء الاستراتيجي إلى ترجمة العلاقات السياسية المتميزة والروابط الدبلوماسية القوية بين البلدين إلى شراكات اقتصادية واستثمارية ملموسة وفعالة. من خلال تعزيز التعاون في الابتكار وتوطين التكنولوجيا وتطوير الصناعة، تسعى كل من مصر واليونان إلى تحقيق أهداف طموحة تشمل:
- زيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين وتعزيز تدفق الاستثمارات المتبادلة.
- خلق فرص عمل جديدة وذات قيمة مضافة، إلى جانب تعزيز مهارات القوى العاملة في كلا البلدين.
- دعم عمليات التحول الرقمي وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
- تعزيز مكانة مصر واليونان كمركزين إقليميين رائدين للابتكار والتصنيع في المنطقة.
يُتوقع أن تمهد هذه المباحثات الطريق أمام توقيع مذكرات تفاهم أو اتفاقيات تنفيذية مستقبلية، تهدف إلى بلورة الأفكار والمناقشات المطروحة إلى مشروعات وبرامج عمل مشتركة تسهم في تحقيق الأهداف التنموية والاقتصادية لكلا البلدين.