تعيين صالح الفوزان مفتياً للسعودية يثير جدلاً حول فتاواه السابقة
شهدت منصات التواصل الاجتماعي في الآونة الأخيرة تفاعلاً واسعاً وجدلاً متجدداً حول مجموعة من الفتاوى والآراء الدينية السابقة للشيخ صالح الفوزان، عضو هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية. يأتي هذا الجدل في أعقاب تداول أنباء غير مؤكدة عن تعيينه في منصب مفتي عام المملكة، مما أعاد إلى الواجهة تسجيلات ومقاطع فيديو قديمة له تثير نقاشات حادة بين المستخدمين.

خلفية عن الشيخ الفوزان ومكانته الدينية
يُعد الشيخ صالح بن فوزان الفوزان واحداً من أبرز رجال الدين في السعودية، ويشغل عضوية في هيئة كبار العلماء، وهي أعلى هيئة دينية في البلاد، بالإضافة إلى عضويته في اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء. يُعرف الفوزان بآرائه المحافظة والتزامه بما يراه تفسيراً صارماً للشريعة الإسلامية، مما أكسبه مكانة كبيرة لدى الأوساط الدينية التقليدية، وفي الوقت نفسه جعله شخصية مثيرة للجدل في سياق التغيرات الاجتماعية التي تشهدها المملكة.
أبرز الفتاوى التي أثارت الجدل
تتمحور النقاشات حول عدد من الفتاوى التي اعتبرها البعض غير متوافقة مع العصر الحديث أو التوجهات الإصلاحية الجديدة. من أبرز هذه الفتاوى:
- تحريم البوفيه المفتوح: من أشهر فتاواه التي يُعاد تداولها بشكل دوري، حيث اعتبر أن تناول الطعام في البوفيهات المفتوحة مقابل مبلغ محدد هو من بيوع "الغرر" (الجهالة أو عدم اليقين) المحرمة شرعاً، لأن كمية الطعام المستهلكة غير معروفة عند دفع المبلغ.
- الموقف من التصوير والتلفاز: له آراء متشددة تجاه التصوير الفوتوغرافي والتلفزيوني، حيث يميل إلى تحريمه إلا في حالات الضرورة القصوى، معتبراً إياه من تصوير ذوات الأرواح المنهي عنه.
- آراء حول عمل المرأة: يرى الفوزان أن مكان المرأة الأساسي هو بيتها، ويضع شروطاً صارمة لخروجها للعمل، مما يثير انتقادات من قبل المدافعين عن تمكين المرأة وتوسيع دورها في المجتمع.
- تصريحات حول العبودية: أثارت تصريحات سابقة له فُسرت على أنها تبرير للرق في سياقات تاريخية إسلامية معينة جدلاً كبيراً، حيث اعتبرها منتقدون ترويجاً لأفكار لم يعد لها مكان في العالم المعاصر.
ردود الفعل والانقسام على مواقع التواصل
انقسمت ردود الفعل على وسائل التواصل الاجتماعي بشكل واضح بين فريقين. يدافع الفريق الأول عن الشيخ الفوزان، مؤكدين أنه عالم جليل لا يخشى في قول الحق لومة لائم، وأن فتاواه تستند إلى أدلة شرعية قوية ويتم اجتزاؤها من سياقها لتشويه صورته. في المقابل، يرى الفريق الآخر أن آراء الفوزان تمثل عائقاً أمام التطور الاجتماعي وتتعارض مع روح رؤية السعودية 2030 التي تهدف إلى الانفتاح والتحديث. ويعرب هذا الفريق عن قلقه من أن وصول شخصية بمثل هذه الآراء إلى أرفع منصب ديني قد يؤثر سلباً على مسار الإصلاحات في المملكة.
السياق والأهمية
تكمن أهمية هذا الجدل في أنه يعكس التجاذب القائم في المجتمع السعودي بين التيار الديني المحافظ والقوى الداعمة للتغيير والانفتاح. منصب المفتي العام للمملكة يحظى بأهمية بالغة، حيث إن صاحبه يترأس هيئة كبار العلماء واللجنة الدائمة للإفتاء، وتؤثر فتاواه بشكل مباشر على القوانين والسياسات العامة والحياة اليومية للمواطنين. لذلك، فإن أي نقاش حول هوية المفتي القادم يُتابع باهتمام شديد، لأنه يُعتبر مؤشراً على التوجه الديني والاجتماعي الذي ستسير عليه البلاد في المستقبل.





