في تصريحات حديثة، شدد توم براك، الذي شغل سابقاً منصب سفير الولايات المتحدة لدى تركيا والمبعوث الأمريكي إلى سوريا، على أن لبنان يقف على أعتاب لحظة حاسمة تتطلب اتخاذ قرار مصيري. جاء تحذير براك، الذي نشره عبر حسابه على منصة "إكس" (تويتر سابقاً) ووصفه بأنه "وجهة نظر شخصية"، ليربط مصير لبنان بمصير سوريا، واصفاً إياهما بـ"القطعتين التاليتين نحو سلام المشرق".

خلفية الأزمة اللبنانية
يأتي هذا التحذير في ظل أزمة متعددة الأوجه يعيشها لبنان منذ عدة سنوات. فقد شهدت البلاد انهياراً اقتصادياً غير مسبوق، وشللاً سياسياً مستمراً، وفراغاً رئاسياً طويلاً، واضطرابات اجتماعية عميقة. تتفاقم هذه الأزمة بسبب الفساد المستشري والانقسامات السياسية الحادة، مما يعوق أي جهود جادة للإصلاح. لطالما كان لبنان ساحة للصراعات الإقليمية والدولية، مما يجعله عرضة للضغوط الخارجية والقرارات التي يمكن أن تغير مساره بشكل جذري. إن الدعوة إلى "سلام المشرق" تتشابك مع ديناميكيات جيوسياسية معقدة تشمل سوريا وإسرائيل وإيران وفاعلين دوليين مختلفين، حيث يُنظر إلى استقرار لبنان على أنه أمر بالغ الأهمية لتحقيق هدوء إقليمي أوسع.
التطورات الراهنة
يتزامن تحذير براك مع استمرار المأزق السياسي في لبنان، والذي يتجلى بشكل خاص في الفشل المتكرر في انتخاب رئيس جديد للبلاد وتشكيل حكومة فاعلة بالكامل. يعرقل هذا الفراغ جهود الإصلاح الضرورية لفتح الباب أمام المساعدات الدولية وتحقيق الاستقرار للاقتصاد المنهار. كما تواجه البلاد تداعيات الصراعات الإقليمية، بما في ذلك الحرب المستمرة في غزة، التي أدت إلى تصاعد التوترات على حدودها الجنوبية. يعاني لبنان من انقسامات داخلية عميقة حول خيارات سياسية رئيسية، تشمل موقفه الخارجي، واستراتيجيات التعافي الاقتصادي، ودور الجهات الفاعلة غير الحكومية مثل حزب الله. يشير مصطلح "القرار المصيري" على الأرجح إلى خيارات حاسمة تتعلق بالإصلاحات الهيكلية، وبناء التوافق السياسي، ومكافحة الفساد، ورسم مسار نحو الاستقرار قد يتطلب تنازلات صعبة على الصعيدين الداخلي والدولي.
الآثار والمخاطر
إن المخاطر التي يواجهها لبنان حالياً عالية للغاية. فإذا اتخذت البلاد منعطفاً خاطئاً، فقد يؤدي ذلك إلى مزيد من التدهور الاقتصادي، وتصاعد الاضطرابات الاجتماعية، وتصعيد إقليمي محتمل، وتآكل مؤسسات الدولة. على النقيض من ذلك، فإن التحرك الموحد والحاسم نحو الإصلاح والتوافق الوطني يمكن أن يمهد الطريق للتعافي ومستقبل أكثر استقراراً. يؤكد المراقبون الدوليون، بمن فيهم شخصيات مثل براك، على الحاجة الملحة للقادة اللبنانيين لتغليب المصالح الوطنية على الأجندات الحزبية لتجنب أزمات أعمق. يمكن أن يحدد القرار النهائي ما إذا كان لبنان سينحدر أكثر نحو الفوضى أو يبدأ مساراً حقيقياً نحو التعافي ويلعب دوراً بناءً في أي "سلام في المشرق" مستقبلي.



