جدل التحكيم في مواجهة الأهلي والمصري: خلفيات وتداعيات أزمة قرارات
شهدت الساحة الرياضية المصرية مؤخرًا تصاعدًا في النقاش حول أداء التحكيم في مباريات كرة القدم، وبلغ هذا الجدل ذروته عقب المواجهة التي جمعت بين فريقي الأهلي والمصري البورسعيدي في إطار منافسات الدوري المصري الممتاز. لم تكن هذه المباراة مجرد لقاء عادي بين فريقين كبيرين، بل تحولت إلى نقطة محورية لأسئلة واسعة حول معايير القرارات التحكيمية وتأثيرها المباشر على نتائج المباريات ومسار المنافسات الكروية في البلاد.

خلفية تاريخية وأهمية المباراة
تتمتع مباريات الأهلي والمصري البورسعيدي بتاريخ طويل من المنافسة الشرسة والندية، وغالبًا ما تحمل هذه المواجهات طابعًا خاصًا يتجاوز النقاط الثلاث، لتصبح محطة حاسمة في صراع القمة أو التأثير على معنويات الفرق. تاريخيًا، كانت بعض هذه المباريات مسرحًا لقرارات تحكيمية أثارت جدلاً واسعًا، مما يجعل ملف التحكيم حساسًا للغاية عند الحديث عن لقاءاتهما. هذه الحساسية تضع ضغطًا كبيرًا على الحكام المكلفين بإدارة هذه اللقاءات، وتزيد من التدقيق في كل قرار يتخذونه.
تُعد لجنة الحكام بالاتحاد المصري لكرة القدم الجهة المسؤولة عن تعيين أطقم التحكيم للمباريات، وغالبًا ما ترافق هذه التعيينات ترقب كبير، خاصة في المباريات الجماهيرية التي تجمع بين أندية بحجم الأهلي والمصري. تتزايد المطالبات أحيانًا بالاستعانة بحكام أجانب في مثل هذه المباريات الحساسة، في محاولة لضمان أكبر قدر من الحيادية وتجنب الضغوط التي قد يتعرض لها الحكام المحليون.
تفاصيل المباراة والقرارات المثيرة للجدل
في المواجهة التي أقيمت في الثالث والعشرين من أكتوبر الجاري، والتي انتهت بالتعادل الإيجابي بهدف لكل فريق، كان أداء طاقم التحكيم بقيادة الحكم إبراهيم نور الدين، ومعه حكام تقنية الفيديو (VAR)، في بؤرة الانتقادات. تركزت الشكاوى بشكل أساسي حول قرارين محوريين:
احتساب ركلة جزاء لأحد الفريقين في الدقائق الأخيرة من عمر المباراة، وهو القرار الذي اعترض عليه الفريق الخصم بشدة، معتبرًا أن اللعبة لا تستدعي احتساب ركلة جزاء وأن الالتحام كان طبيعيًا.
عدم احتساب هدف بحجة وجود تسلل أو خطأ قبل تسجيله، بعد تدخل تقنية الـVAR الذي استغرق وقتًا طويلاً، مما أثار استياء اللاعبين والجماهير على حد سواء.
هذه القرارات، وبغض النظر عن صحتها من عدمها في رأي خبراء التحكيم، ساهمت بشكل مباشر في تغيير مجرى المباراة وتحديد نتيجتها النهائية، مما عمّق من الشعور بالظلم لدى أحد الأطراف وألقى بظلال الشك على كفاءة إدارة المباراة.
ردود الأفعال والتداعيات
عقب انتهاء المباراة مباشرة، خرجت العديد من ردود الأفعال الغاضبة من جانب مسؤولي نادي المصري البورسعيدي، الذين أصدروا بيانات رسمية ينتقدون فيها بشدة أداء التحكيم. طالب البعض بفتح تحقيق في القرارات المتخذة، بينما ذهب آخرون إلى حد التهديد بالانسحاب من المنافسات أو المطالبة العلنية بتعيين حكام أجانب لجميع مبارياتهم المقبلة لضمان العدالة. من جانبها، التزمت إدارة النادي الأهلي الصمت حيال الجدل، مفضلة عدم التعليق على القرارات التحكيمية. على الصعيد الجماهيري، امتلأت منصات التواصل الاجتماعي بالتحليلات والانتقادات لقرارات التحكيم، مستخدمين صورًا ومقاطع فيديو لإثبات وجهات نظرهم.
وفي رد فعل لاحق، أعلنت لجنة الحكام بالاتحاد المصري لكرة القدم عن دعمها الكامل لطاقم التحكيم، مؤكدةً أن القرارات تم اتخاذها وفقًا للوائح وبناءً على ما أظهرته تقنية الـVAR، رغم اعتراف بعض الخبراء التحكيميين بوجود أخطاء تقديرية.
لماذا يهم هذا الخبر؟
تتجاوز أهمية هذا الجدل مجرد نتيجة مباراة واحدة. فاستمرار الشكوى من الأداء التحكيمي في مباريات حساسة يؤثر بشكل مباشر على:
مصداقية المنافسات: يثير الشكوك حول نزاهة الدوري المصري وكفاءة إدارته، مما قد يؤثر على ثقة الجماهير والرعاة.
الروح الرياضية: يؤدي إلى توتر العلاقات بين الأندية وزيادة الاحتقان بين الجماهير، وهو ما يتنافى مع مبادئ الروح الرياضية.
تطوير الكرة المصرية: يعرقل الجهود الرامية لتطوير مستوى كرة القدم المحلية، حيث يرى البعض أن تحسين مستوى التحكيم هو جزء لا يتجزأ من أي عملية تطوير شاملة.
إن تكرار أزمات التحكيم في مباريات القمة يدعو إلى مراجعة شاملة لآليات تعيين الحكام وتدريبهم، فضلاً عن تعزيز الشفافية في قرارات الـVAR، لضمان مستقبل أفضل للعبة في مصر وللحفاظ على قيم العدالة والنزاهة في الملاعب.





