جدل واسع بعد تعليق نجيب ساويرس عن "العند" في السودان
أثار رجل الأعمال المصري البارز، نجيب ساويرس، تفاعلاً واسعاً وجدلاً كبيراً على منصات التواصل الاجتماعي، لا سيما في منتصف عام 2023، بعد نشره تعليقاً انتقد فيه ما وصفه بـ"العند" بين الأطراف المتحاربة في السودان. جاء هذا التعليق في سياق الأزمة المتصاعدة والصراع المسلح الذي يشل البلاد منذ أبريل 2023، ودفع الكثيرين للتفاعل معه بالقبول أو الرفض.

خلفية الخبر
يُعرف نجيب ساويرس بكونه شخصية عامة مؤثرة في مصر والعالم العربي، ليس فقط بصفته أحد أبرز رجال الأعمال والمستثمرين، بل أيضاً بآرائه الصريحة والمثيرة للجدل أحياناً حول قضايا سياسية واجتماعية مختلفة. على مدى السنوات الماضية، لم يتردد ساويرس في استخدام منصاته على وسائل التواصل الاجتماعي للتعبير عن مواقفه بشأن الأحداث الجارية في المنطقة والعالم.
وبعد اندلاع الصراع المسلح في السودان في أبريل 2023، والذي خلف دماراً هائلاً وأزمة إنسانية غير مسبوقة، باتت الأوضاع في السودان محط اهتمام العديد من الشخصيات الإقليمية والدولية. وفي هذا الإطار، جاء تعليق ساويرس ليضيف صوته إلى الأصوات المطالبة بإنهاء القتال.
تفاصيل التعليق والتفاعل
تحديداً في يونيو ويوليو 2023، نشر نجيب ساويرس تغريدة على منصة "إكس" (تويتر سابقاً) أعرب فيها عن استيائه من استمرار القتال في السودان، مشيراً إلى أن ما يحدث هو نتيجة "العند" بين الأطراف المتحاربة على حساب أرواح المدنيين ومستقبل البلاد. هدفت رسالته على ما يبدو إلى مناشدة الأطراف بوقف الاقتتال وتقديم مصلحة الشعب السوداني.
تلقى التعليق ردود فعل متباينة للغاية:
- تأييد ودعم: رأى كثيرون في تعليق ساويرس صوتاً للعقل ومناداة بالسلام، متفقين معه على أن "العند" السياسي والعسكري هو المحرك الرئيسي لاستمرار المعاناة. وعبّر المؤيدون عن تقديرهم لاهتمامه بالقضية السودانية كشخصية عربية مؤثرة.
- انتقاد ورفض: في المقابل، اعتبر آخرون، خاصة من النشطاء السودانيين وبعض المحللين، أن وصف "العند" يبسط بشكل مفرط تعقيدات الصراع السوداني، ويغفل الجذور العميقة للأزمة والخلافات الجوهرية بين الأطراف. البعض رأى في التعليق تدخلاً غير مبرر في شأن داخلي، أو نصيحة لا تتناسب مع حجم الكارثة الحالية. كما تساءل المنتقدون عن مدى فهم ساويرس للتفاصيل الدقيقة للصراع ومطالبه بأن يركز على مجال أعماله.
- جدل حول المصطلح: أثار استخدام كلمة "العند" بحد ذاته نقاشاً. فبينما يراها البعض توصيفاً دقيقاً لعدم المرونة والتنازل، يراها آخرون تقليلاً من شأن أزمة وجودية معقدة، وأنها قد تكون مسيئة لطرف أو آخر.
سياق الأزمة السودانية
اندلع الصراع في السودان بين القوات المسلحة السودانية بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو "حميدتي" في 15 أبريل 2023. نشأ هذا الصراع عن خلافات حول دمج قوات الدعم السريع في الجيش، وتوزيع السلطة والنفوذ في المرحلة الانتقالية بعد سقوط نظام البشير. سرعان ما تحولت هذه الخلافات إلى اشتباكات مسلحة عنيفة تركزت في العاصمة الخرطوم ومدن أخرى، ثم امتدت لتشمل مناطق واسعة في دارفور وكردفان.
أسفرت الحرب عن تشريد الملايين، ومقتل وإصابة عشرات الآلاف، وانهيار البنية التحتية، وتدهور الأوضاع الإنسانية إلى مستويات كارثية، حيث يواجه الملايين خطر المجاعة. فشلت العديد من المبادرات الإقليمية والدولية للوساطة في تحقيق وقف دائم لإطلاق النار أو إحراز تقدم نحو حل سياسي شامل، مما يزيد من إحباط المراقبين والمنظمات الإنسانية.
دلالات وأبعاد
تفاعل الجمهور مع تعليق نجيب ساويرس يعكس عدة أبعاد:
- الإحباط الإقليمي: يبرز التعليق وموجة الجدل التي أعقبته حالة الإحباط المتزايد في المنطقة من استمرار الحرب في السودان وتداعياتها الإنسانية والاقتصادية والأمنية.
- دور الشخصيات المؤثرة: يؤكد الحدث على قوة تأثير الشخصيات العامة ورجال الأعمال، حتى وإن كانت تعليقاتهم شخصية، في تشكيل الرأي العام وإثارة النقاش حول القضايا الساخنة.
- العلاقات المصرية السودانية: تُعتبر مصر من الدول الأكثر تأثراً بالصراع السوداني نظراً للجوار الجغرافي والروابط التاريخية والاستراتيجية. لذا، فإن أي تعليق من شخصية مصرية بارزة حول الشأن السوداني غالباً ما يُنظر إليه بعين الاهتمام والتحليل، وقد يحمل دلالات تتجاوز مجرد الرأي الفردي.
- تعقيدات الحل: تسلط الجدالات الضوء على مدى تعقيد الأزمة السودانية وصعوبة اختزالها في مصطلح واحد، مما يجعل أي محاولة للتبسيط عرضة للنقد من قبل المتابعين عن كثب لتفاصيل الصراع.
بينما تستمر المعارك وتتفاقم الأزمة الإنسانية في السودان، تظل الدعوات لوقف الاقتتال والعودة إلى طاولة المفاوضات تتصاعد من مختلف الأطراف، سواء كانت رسمية أو شعبية أو من شخصيات مؤثرة مثل نجيب ساويرس، في محاولة لإيجاد مخرج من المأزق الحالي الذي يهدد استقرار السودان والمنطقة بأسرها.





