جدل يتصاعد حول عرض رأس تمثال يمني جنائزي في مزاد بلاكاس
شهدت الأوساط الثقافية والأثرية مؤخرًا تصاعدًا في الجدل والانتقادات، وذلك عقب الكشف عن عرض رأس تمثال جنائزي من المرمر يعود لآثار اليمن القديمة في مزاد يعقده بيت "بلاكاس". أثار هذا الإعلان، الذي قام به الباحث اليمني عبدالله محسن عبر منصة إكس، مخاوف كبيرة بشأن تهريب الآثار اليمنية وتداعيات النزاع المستمر على التراث الثقافي الغني للبلاد.

خلفية الأزمة: الكشف عن القطعة الأثرية
في أواخر ديسمبر 2023، لفت الدكتور عبدالله محسن، وهو باحث متخصص في الآثار اليمنية، الانتباه إلى قطعة أثرية تُعرض للبيع تحت عنوان "البهاء يباع في مزاد". القطعة المعنية هي رأس تمثال جنائزي مصنوع من المرمر، يُعتقد أنه لرجل من الحضارات اليمنية القديمة، ربما يعود تاريخه إلى الألفية الأولى قبل الميلاد. تُعرف هذه التماثيل بتفاصيلها الدقيقة وتعبيراتها الفريدة، وكانت جزءًا أساسيًا من الطقوس الجنائزية في ممالك جنوب الجزيرة العربية القديمة مثل سبأ ومعين وقتبان وحضرموت.
- مصدر الكشف: الباحث اليمني عبدالله محسن على منصة إكس.
- طبيعة القطعة: رأس تمثال جنائزي من المرمر لرجل.
- الأصل: آثار اليمن القديمة.
- مكان العرض: مزاد "بلاكاس" (تفاصيل المزاد الدقيقة، مثل المدينة أو التاريخ المحدد، لم تُفصح عنها علنًا في الكشف الأولي).
سياق تهريب الآثار اليمنية
لم يأتِ عرض هذه القطعة الأثرية بمعزل عن سياق أوسع. فمنذ اندلاع الحرب في اليمن في عام 2014، شهدت البلاد تزايدًا مقلقًا في عمليات النهب والتهريب المنظم لآثارها. تُعد اليمن، بفضل تاريخها العريق الذي يمتد لآلاف السنين، خزانًا حضاريًا غنيًا بالآثار التي تروي قصص الممالك القديمة والحضارات التي ازدهرت فيها. وقد أدت الفوضى الأمنية وضعف الرقابة خلال النزاع إلى تسهيل عمليات استخراج وتهريب هذه الكنوز إلى الأسواق الدولية، حيث تُباع بأسعار باهظة.
يمثل كل قطعة أثرية تخرج من اليمن خسارة لا تُعوض للذاكرة الوطنية والإنسانية. وتُغذّي هذه التجارة غير المشروعة شبكات إجرامية، وتحرم اليمنيين من جزء حيوي من هويتهم وتاريخهم. كما أن فقدان القطع الأثرية يؤثر على الأبحاث الأكاديمية والجهود الرامية إلى فهم الحضارات القديمة بشكل كامل.
ردود الفعل والدعوات الدولية
أثار الكشف عن رأس التمثال الجنائزي ردود فعل واسعة من قبل النشطاء، والمنظمات الثقافية، والجهات الحكومية اليمنية (المختلفة) التي طالبت بوقف المزاد وإعادة القطعة إلى وطنها الأم. تُعتبر هذه الدعوات جزءًا من حملة أوسع لمكافحة تهريب الآثار اليمنية واستعادة ما تم سرقته. وتُقدم هذه المنظمات نداءات متكررة للمنظمات الدولية مثل اليونسكو، ولمجتمعات المتاحف العالمية، ولوكالات إنفاذ القانون الدولية للتدخل ووقف بيع القطع الأثرية المنهوبة.
كما تُبرز هذه الحادثة الحاجة الملحة إلى تعاون دولي أكبر لحماية التراث الثقافي في مناطق النزاع، وتطبيق أشد العقوبات على المتورطين في تجارة الآثار غير المشروعة. ويُشدد الخبراء على أن شراء هذه القطع، حتى لو كان عن جهل، يساهم في تغذية هذه التجارة المدمرة.
أهمية القطعة ومستقبل التراث اليمني
إن رأس التمثال الجنائزي ليس مجرد قطعة فنية؛ بل هو وثيقة تاريخية تجسد جانبًا من المعتقدات والممارسات الدينية والجنائزية للحضارات اليمنية القديمة. ويسلط الضوء على مستوى عالٍ من المهارة الفنية التي بلغها نحاتو تلك الفترة. إن مصير هذه القطعة، ومثيلاتها الكثيرة، يبقى رهنًا بالجهود المبذولة لوقف تهريب الآثار وتعزيز الوعي بأهمية الحفاظ على التراث الثقافي كجزء لا يتجزأ من الهوية الوطنية والإنسانية.
يطالب الباحثون والمنظمات الثقافية بإنشاء آليات أكثر فعالية لتتبع القطع الأثرية المسروقة وتسهيل عودتها، مع التأكيد على ضرورة التزام دور المزادات والمشترين بمعايير العناية الواجبة الصارمة لضمان عدم شرائهم لقطع ذات أصول مشبوهة.