جدول نوات الشتاء في مصر لعام 2026: من رياح الصليب إلى العوة
مع اقتراب نهاية عام 2025 وبداية الاستعدادات لفصل الشتاء لعام 2026، تتزايد التساؤلات حول الظواهر الجوية المتوقعة التي تميز هذه الفترة في مصر، لا سيما على السواحل الشمالية. تُعرف هذه الظواهر محليًا باسم "النوات"، وهي سلسلة من التقلبات الجوية التي تشمل رياحًا قوية وأمطارًا غزيرة وأحيانًا اضطرابًا في حركة الملاحة البحرية. يكتسب جدول هذه النوات أهمية بالغة للمواطنين والصيادين والعاملين في الموانئ، حيث تُحدد طبيعة كل نوة وتوقيتها التقريبي اسمًا خاصًا ارتبط بها تاريخيًا وثقافيًا. يعد التعرف على هذه الأنماط الجوية التقليدية أمرًا حيويًا للتخطيط والاستعداد لمواجهة تحديات الشتاء القادم.

مفهوم النوات الشتوية وأهميتها في مصر
تُعرف النوات بأنها اضطرابات جوية متكررة تحدث خلال فصل الشتاء في مصر، وتؤثر بشكل خاص على المدن الساحلية مثل الإسكندرية ومطروح وبورسعيد. تتميز هذه النوات بهبوب رياح شديدة، غالبًا ما تكون محملة بالأتربة في بدايتها، وتتبعها أمطار غزيرة قد تصل إلى حد السيول في بعض الأحيان، بالإضافة إلى ارتفاع أمواج البحر واضطراب الملاحة. يعود تسمية كل نوة باسمها إلى عوامل تاريخية أو ظواهر مناخية مميزة ترافقها، أو حتى مناسبات دينية أو اجتماعية تتزامن معها. على مر العصور، أصبحت هذه النوات جزءًا لا يتجزأ من الثقافة المحلية وسجلها البحارة والصيادون في ذاكرتهم وتوارثوها عبر الأجيال، لتشكل تقويمًا جويًا خاصًا بهم يرشد مسار حياتهم وأنشطتهم الاقتصادية المرتبطة بالبحر.
تتجاوز أهمية النوات مجرد كونها ظواهر جوية؛ فهي تؤثر بشكل مباشر على قطاعات حيوية مثل صيد الأسماك، حيث قد تتوقف حركة الصيد تمامًا لعدة أيام، وكذلك على حركة الملاحة في الموانئ التي قد تُغلق لضمان سلامة السفن والأفراد. كما أنها تتطلب استعدادات خاصة من قِبَل السلطات المحلية لضمان جاهزية البنية التحتية، مثل شبكات الصرف الصحي، لمواجهة الأمطار الغزيرة، وللحد من أي تأثيرات سلبية على الحياة اليومية للمواطنين.
جدول نوات شتاء 2026 المتوقع: من رياح الصليب إلى العوة
بناءً على الأنماط المناخية التاريخية والتوقعات العامة، يمكن رسم جدول تقريبي للنوات الشتوية المتوقعة في مصر لعام 2026، مع الإشارة إلى أن تواريخها قد تختلف بضعة أيام سنويًا. يبدأ هذا الجدول عادةً في الخريف ويستمر حتى نهاية الشتاء، وتعتبر الإسكندرية نقطة مرجعية لرصد هذه النوات:
- نوة رياح الصليب: غالبًا ما تبدأ في منتصف أكتوبر. سميت بهذا الاسم لأنها تتزامن مع عيد الصليب. تتميز برياح غربية نشطة، وقد يصاحبها أمطار خفيفة في بعض الأحيان. تُعد هذه النوة إيذانًا ببدء تقلبات الطقس الشتوية.
 - نوة المكنسة: تأتي في أواخر نوفمبر، وتستمر عادةً لمدة أربعة أيام. تُعرف برياحها الشمالية الغربية القوية والأمطار الغزيرة المصاحبة لها، والتي يُعتقد أنها "تكنس" الأجواء وتنظفها. تؤثر هذه النوة بشكل كبير على حركة الملاحة والصيد.
 - نوة باقية المكنسة: تلي نوة المكنسة مباشرةً، وتكون غالبًا أقل حدة، مع استمرار هبوب رياح شمالية غربية.
 - نوة قاسم: تبدأ في أوائل ديسمبر وتستمر حوالي خمسة أيام. تتميز برياحها الجنوبية الغربية مصحوبة بأمطار غزيرة، وتُعرف أيضًا بـ"فيضة قاسم" بسبب غزارة الأمطار التي قد تسببها.
 - نوة الفيضة الصغرى: تأتي في منتصف ديسمبر وتستمر خمسة أيام. تتميز برياحها الجنوبية الشرقية المصحوبة بأمطار خفيفة أو متوسطة.
 - نوة عيد الميلاد: تتزامن مع احتفالات عيد الميلاد، غالبًا في أواخر ديسمبر، وتستمر يومين. عادة ما تكون مصحوبة برياح غربية وأمطار خفيفة، وأحيانًا قد تشهد استقرارًا نسبيًا في الأحوال الجوية.
 - نوة الفيضة الكبرى: تبدأ في أوائل يناير وتستمر لمدة ستة أيام. تُعرف برياحها الغربية القوية جدًا وأمطارها الشديدة التي قد تؤدي إلى ارتفاع منسوب المياه في بعض المناطق، وتُعتبر من أقوى نوات الشتاء.
 - نوة الغطاس: تأتي في منتصف يناير، وتستمر لثلاثة أيام. تتميز برياحها الغربية العاصفة والبرد الشديد، وقد يصاحبها أمطار غزيرة. تتزامن مع عيد الغطاس.
 - نوة الكرم: تبدأ في أواخر يناير وتستمر لمدة سبعة أيام. تُعرف برياحها الغربية القوية جدًا وأمطارها الغزيرة، وتُشير إلى فترة قد تشهد خيرًا في المحاصيل بسبب الأمطار.
 - نوة الشمس الصغيرة: تأتي في أوائل فبراير، وتستمر لمدة ثلاثة أيام. غالبًا ما تكون مصحوبة برياح شمالية غربية، وقد تشهد طقسًا مشمسًا نسبيًا مع برودة.
 - نوة الحسوم: تبدأ في منتصف فبراير وتستمر سبعة أيام. تُعرف برياحها الشديدة القوية والباردة جدًا، وقد يصاحبها أمطار في بعض الأحيان.
 - نوة العوة: وهي آخر النوات الشتوية البارزة، تأتي في أواخر فبراير أو أوائل مارس، وتستمر لمدة ثلاثة أيام. تُعرف برياحها القوية المصحوبة بأمطار غزيرة، وتُعد بمثابة الوداع لفصل الشتاء، حيث تُبشر بقرب انتهاء البرد ودخول فصل الربيع، وقد سميت بهذا الاسم لأن البحر "يعوي" فيها بسبب ارتفاع الأمواج.
 
التأثيرات المتوقعة وتدابير الاستعداد
تؤثر النوات الشتوية بشكل كبير على الحياة في المناطق الساحلية بمصر، وعلى الرغم من أنها ظواهر متكررة ومتوقعة، إلا أن شدتها تختلف من عام لآخر، مما يستدعي يقظة مستمرة. من أبرز التأثيرات:
- توقف الأنشطة البحرية: تتسبب الرياح الشديدة والأمواج العالية في تعليق حركة الصيد وإغلاق بعض الموانئ، مما يؤثر على معيشة الآلاف من الصيادين والعاملين في القطاع البحري.
 - تحديات البنية التحتية: تتطلب الأمطار الغزيرة جاهزية عالية لشبكات الصرف الصحي لتجنب تراكم المياه وحدوث السيول التي قد تعرقل حركة المرور وتضر بالممتلكات.
 - سلامة المواطنين: تزداد مخاطر الحوادث المرتبطة بالطقس السيئ، مما يستدعي من المواطنين اتخاذ احتياطات السلامة، مثل تثبيت النوافذ والشرفات وتجنب الخروج في الظروف الجوية القاسية.
 
تتخذ السلطات المحلية، وخاصة في محافظات مثل الإسكندرية، إجراءات استباقية قبل كل موسم شتاء. تشمل هذه الإجراءات تطهير بالوعات الصرف الصحي ومراجعة محطات الرفع والتأكد من جاهزية المعدات اللازمة لسحب المياه. كما تُصدر تحذيرات جوية بانتظام لتوعية المواطنين والصيادين بضرورة أخذ الحيطة والحذر. هذه الاستعدادات جزء لا يتجزأ من الإدارة المتكاملة لمواجهة تحديات الطقس الشتوي.
الخلفية التاريخية والثقافية لـ"النوات"
تحمل أسماء النوات الشتوية في طياتها تاريخًا طويلًا من الملاحظات المناخية والتقاليد الثقافية. فقد كانت هذه التسميات بمثابة تقويم طبيعي يعتمد عليه الفلاحون لتحديد مواعيد الزراعة والحصاد، ويعتمد عليه البحارة لتخطيط رحلاتهم وتجنب المخاطر. العديد من هذه الأسماء مستوحاة من أحداث دينية أو اجتماعية تتزامن معها، مثل "رياح الصليب" و"عيد الميلاد" و"الغطاس"، أو من صفات الظاهرة نفسها مثل "المكنسة" التي تكنس الأجواء أو "الفيضة" التي تحمل أمطارًا غزيرة. هذه الأسماء ليست مجرد مصطلحات جوية، بل هي جزء من التراث الشفهي للمجتمعات الساحلية، وتروي قصصًا عن التفاعل البشري مع الطبيعة على مر العصور. ومع التطور العلمي في مجال الأرصاد الجوية، لا تزال هذه التسميات التقليدية تُستخدم على نطاق واسع، جنبًا إلى جنب مع التنبؤات العلمية الحديثة، مما يعكس الارتباط العميق بين الإنسان وبيئته.
في الختام، يمثل جدول النوات الشتوية لعام 2026 في مصر، والذي يبدأ برياح الصليب وينتهي بنوة العوة، إطارًا مهمًا لفهم وتوقع الظواهر الجوية التي ستشهدها البلاد. إن الاستعداد الجيد لهذه التقلبات، سواء على مستوى الأفراد أو المؤسسات، يضمن تقليل المخاطر والحفاظ على سلاسة الحياة اليومية. تظل النوات جزءًا أساسيًا من الهوية الشتوية للمدن الساحلية، وتبقى الحاجة قائمة للتكيف معها والاستفادة من المعرفة التقليدية والعلمية لمواجهتها بفاعلية.




